عن اسرائيل وايران الاسلامية والصراعات داخلها واحتمال تطورها تحدّث الموظف الارفع نفسه في "الادارة" البارزة اياها داخل الادارة الاميركية الذي يتعاطى مع معظم قضايا الشرق الأوسط ومشكلاته، قال: "بالنسبة الى اسرائيل واحتمال تنفيذها ضربة عسكرية ضد ايران دعني اقل لك اننا في سنة 2010 ولسنا في عام 1983، اي العام الذي دمرت فيه الطائرات الحربية الاسرائيلية المفاعل النووي العراقي "اوزيراك".
ان البنية التحتية النووية الايرانية اكثر تعقيداً من مفاعل "اوزيراك". صحيح ان اسرائيل تملك ترسانة كبيرة من الاسلحة الذرية والتقليدية. لكن قيامها بضرب أو تدمير البنى التحتية النووية لايران ليس امراً سهلاً. على كل لن تُقَدِّم اميركا من حيث المبدأ أي تغطية لاسرائيل كي تقوم بضرب ايران أو أي ضوء أخضر.
طبعاً تعرف اسرائيل مصالحها وتقيس مدى التهديد الخارجي عليها وخصوصاً من جانب ايران التي هي الآن المصدر الأول لتهديدها. وفي ضوء كل ذلك ستتحرك. علَّقت: تستطيع اسرائيل ان تنفذ ضربة عسكرية ضد ايران. لكن لا بد ان تواجه مشكلة في اليوم التالي للضربة، وان تنشأ مشكلة لها ولغيرها. اذ ان ايران قد ترد على اميركا وقواتها وحلفائها في المنطقة، ماذا يفعل حينئذ المسؤولون الاميركيون؟ هل ينجرون الى حرب مع ايران أو بالأحرى هل يسمحون لاسرائيل أن تجرهم وبلادهم الى حرب مع ايران؟ هذه هي المشكلة. اسرائيل وحدها لن تكون قادرة على مواجهة كل التحديات الايرانية والاخرى المتفرعة من ايران والحليفة لها. ردّ ولكن من دون التطرق مباشرة الى هذه الاسئلة. قال: "سوريا تعرف ان لنا مصالح في العراق ولبنان وفلسطين وتعرف ايضاً ان لنا مواقف من كل منها، وعليها ان تراعي كل ذلك. عندما طرح الرئيس اوباما سياسة الحوار مع ايران انطلق من وجود مصالح قد تلتقي مع مصالح ايران أو ربما من وجود مصالح مشتركة بين الدولتين. وهذا أمر يعترف به الكثيرون. وربما يكون له دور مستقبلاً عند تحديد العلاقات بين اميركا وايران. لكن ذلك لا يعني ان تكون ايران نووية (عسكرياً) أو ان تصبح قوة عالمية أو قوة مهيمنة على المنطقة. هناك مصالح للجميع لا بد من مراعاتها".
ماذا عن تركيا؟ سألت. اجاب: "لا اعرف. أردوغان رئيس وزرائها لن يعود عن الاتفاق الثلاثي الذي وقعه مع ايران والبرازيل. هناك الكثير من الحركة في تركيا. لننتظر ونرَ ما الذي ستسفر عنه هذه الحركة". علّقت: تريد تركيا ان تكون قوة اقليمية ذات دور مهم. رد: "حسن. قوة اقليمية اسلامية ومعتدلة تساعد على حل مشكلة الاسلاميين الاصوليين المتعصبين في المنطقة وخارجها كما تساعد على استيعابهم. وهذا جيد. لكن تركيا قوة اقليمية متحالفة مع ايران وسوريا فهذا أمر آخر. وهو ليس مفيداً في كل الاحوال. في اعتقادي لن تعطي روسيا ايران صواريخ اس300. وهي لا تقبل بتحولها دولة صواريخ باليستية تقليدية وأخرى ذات رؤوس نووية على حدودها".
ماذا في جعبة مسؤول رفيع في "ادارة" اخرى بارزة بدورها داخل الادارة الاميركية يتعاطى مع قضايا الشرق الأوسط؟
في بداية اللقاء سألني رأيي في امتناع لبنان عن التصويت في مجلس الأمن على القرار الرابع الذي فرض عقوبات جديدة على ايران الاسلامية، وأراد ان يعرف إن كنت توقعته. أجبت: صراحة لم اتوقعه مئة في المئة. سألني أصدقاء في واشنطن قبل جلسة التصويت عن رأيي في الموقف الذي سيتخذه لبنان فأجبت بأنه لن يؤيد العقوبات وأن نسبة امتناعه عن التصويت تبلغ 40 في المئة في حين ان نسبة التصويت ضدها تبلغ 60 في المئة. كما اراد هؤلاء الاصدقاء معرفة سبب الامتناع، فقلت انها اسباب وليست سبباً واحداً. منها تعرّض الحكومة التي يرئسها سعد الحريري والتي تضم اكثرية من 14 آذار لهجمات متلاحقة ومستمرة. وتعرضها لانتقادات وأحياناً اتهامات من "حزب الله" وحلفائه اللبنانيين كما من راعيته ايران وحليفته سوريا. ومطالبتهم إياها بالتصويت ضدالعقوبات في مجلس الأمن وعدم الاكتفاء بموقف الامتناع.
وعلى كل اعتقد ان الحكومة بشخص رئيسها وبالتفاهم مع رئيس الجمهورية وبعد التفاهم بين سوريا والسعودية قررت الامتناع عن التصويت. لكن الإخراج كان سيئاً. اذ ان التعليمات التي وجهت الى مندوب لبنان في مجلس الأمن لم تشر الى اي موقف عليه اتخاذه بل اكتفت باطلاعه ان مجلس الوزراء انقسم نصفين متساويين لدى البحث في الموضوع ثم التصويت عليه. كأنها تطلب منه عدم التصويت والإكتفاء بشرح "العجز" اللبناني عن اتخاذ موقف واحد. ثم سألت المسؤول الرفيع نفسه وامام آخرين حضروا اللقاء عن لقاءات سابقة له مع مسؤولين سوريين في مقدمهم وزير الخارجية وليد المعلم. فأجاب "في الحقيقة قمنا (أي هو وزملاء له) برحلتين الى دمشق. الاولى في شباط 2009 واعتقد انها كانت جيدة على وجه الاجمال. اما الثانية ففي ايار من العام نفسه وكانت صعبة وفيها شيء من التوتر وما الى ذلك". قلت: اخبرني عن الرحلة الثانية بالتفصيل اذا كان ذلك ممكناً. رد: "ربما تكون توقعات سوريا من قرار الرئيس اوباما الحوار معها اكثر من الواقع. وخصوصاً على صعيد رفع العقوبات الاميركية عنها وارسال سفير اميركي جديد الى دمشق بعد سنوات من خفض مستوى التمثيل الديبلوماسي الاميركي مع سوريا الى مستوى قائم بالاعمال. أوباما تحدث عن ارسال سفير جديد. وبعد تسعة أشهر عيّن شخصاً وارسل هذا التعيين الى الكونغرس للحصول على تثبيت له. وهو يواجه الآن صعوبات. وربما يحتاج تثبيت السفير ومن ثم ارساله الى مركز عمله الى ثلاثة أشهر اذ ان هناك اجراءات على وزارة الخارجية ان تقوم بها وخصوصاً ازاء الكونغرس. وهناك ايضاً العقوبات". ماذا عنها سألت؟ بماذا اجاب؟