دخل الرجل المحترم المستشار هشام جنينة عش الدبابير بعد أن كشف عن الفساد الرهيب في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والمكافآت التي خرجت بالملايين لبعض "المحظوظين" بالمخالفة للقانون ، وعندما أشار إلى أن أحد الوزراء الحاليين متورط في ذلك الفساد حاول الدكتور حازم الببلاوي إحراجه حيث نفى علمه بذلك أو أن يكون الجهاز المركزي للمحاسبات قد قدم تقارير عن أي وزير ، هنا اضطر هشام جنينة رئيس الجهاز إلى الكشف عن اسم الوزير والمبالغ التي حصل عليها ، سواء قبل توليه الوزارة أو حتى وهو في الوزارة ، وكانت المفاجأة أنه وزير العدل الحالي المستشار عادل عبد الحميد ، كانت الصدمة مروعة ، وكانت تقتضي أن يبادر الوزير المعني بكشف حقيقة موقفه أو الدفاع عن نفسه ، ولكنه لم يفعل ، ولم يجرؤ على أن يفعل ، فدفع مساعد له لكي يعقد مؤتمرا صحفيا يهاجم فيه المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ويصفه بأنه إخواني أو من تيار الاستقلال في القضاء المعادي للقوات المسلحة ، وهي محاولة رخيصة للضرب تحت الحزام والهروب من مواجهة الاتهام بالفساد بتسييس الموضوع للتضليل عن طبيعته ، وكان من عجائب وغرائب ما قاله المساعد المذكور للوزير أن وزير العدل سوف يرد في الوقت المناسب على اتهامات هشام جنينة ، وتلك نكتة ، لأنه عندما يتهمك جهاز رقابي علنا بأنك فاسد ثم تقول أنك تنتظر الوقت المناسب للرد فهذا لا معنى له سوى أنك فاسد فعلا ، وعليك أن تستقيل فورا من منصبك ، وعلى رئيس الوزراء أن يطهر الوزارة من هذا العار وإلا كان متهما بالتستر على هذا الفساد ، حتى لو فتح التحقيق ، فمجرد أن يكون الوزير تحت سيف تحقيقات عن الفساد يلزمه أخلاقيا بالاستقالة . فضيحة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ليست متعلقة بوزير العدل وحده ، فهناك كوارث أخرى متورط فيها إعلاميون كبار معروفون ومن أصحاب الأصوات المجلجلة في بعض الفضائيات ، وأنا أستغرب أن تدخل لميس الحديدي بسرعة في خط المعركة التي يخوضها الجهاز المركزي للمحاسبات مع الحكومة ، لكي تدافع عن الحكومة وعن الوزير وتتهم المستشار جنينة بأنه إخواني ، ثم تستدعي قاضيا ـ مع الأسف ـ وهو رئيس محكمة جنايات الجيزة أحمد دهشان لكي يتهم المستشار جنينة بأنه إخواني من تيار الاستقلال ، وهو إسفاف كان ينبغي أن يتنزه عنه قاض ، ثم لا أفهم ما دخل رئيس محكمة جنايات الجيزة بخلاف بين جهاز رقابي والسلطة التنفيذية ، إيه حشرك في الموضوع ، هل أنت طرف فيه أم أنك قلق من توابعه ، ثم ألا تشعر بالعار أن تتورط وأنت جزء من السلطة القضائية في نزاع بين جهاز رقابي وبين السلطة التنفيذية ، هل يليق برئيس محكمة أن يتورط في مثل هذا النزاع الذي من المفترض أن يعرض على القضاء بعد ذلك للفصل فيه ، خلاص ، فصلت فيه يا سيادة القاضي واتهمت المستشار جنينة بأنه إخواني ومتحامل على الوزير ، هل هذه هي العدالة العمياء أم العوراء ، ثم لماذا اختارت لميس الحديدي هذا القاضي بالذات لكي يعلق على الموضوع هل كانت تعرف مسبقا أنه هو شخصيا وليس غيره له موقف محدد من الموضوع ، لأسباب تعرفها هي وهو ، وهل لميس يقلقها أن تقرير الجهاز الرقابي يتحدث عن تلقي إعلاميين كبار مبالغ مالية من نفس الجهاز الفاسد بما يمثل تورطا في الاستيلاء على المال العام بغير وجه حق ، ومن هؤلاء الإعلاميين إعلامية معروفة حصلت هي وزوجها على مائة وعشرين ألف دولار بوصفها المدير التنفيذي لصحيفة يصدرها عديلها . سيبدأ التحقيق حتما في تلك الوقائع ، ولكني أتمنى أن لا يسند التحقيق فيها إلى أي جهة لها مصالح مباشرة أو غير مباشرة مع وزير العدل ، فإذا كان هناك ـ على سبيل المثال ـ مسؤول تم انتداب ابنته التي تعمل في النيابة الإدارية للعمل في مكتب التعاون الدولي التابع لوزير العدل ، فإن عليه أن يتنحى عن ولاية التحقيق في هذا الموضوع ، وأن يتم ندب قاضي تحقيق مشهود له بالنزاهة وليس له انتماء سياسي معروف