جاءت تصريحات الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع أمس الأول لتؤكد أن قواتنا المسلحة سوف تظل حجر الزاوية والملاذ الأخير في الشأن المصري الداخلي والخارجي في آن واحد.
فقد بدا واضحا أن الدولة المصرية قد هانت علي سياسييها وعلي نخبتها بصفة عامة, وأصبح أمن المواطن كما اقتصاده, كما مستقبله, لا يمثل أي منها اهتماما لهؤلاء وأولئك, في ظل هدف وحيد تتصارع عليه الأيديولوجيات, وهو كرسي الحكم بمنأي عن الأساليب الديمقراطية لتفرض الفوضي الشاملة نفسها في النهاية.
ومع ما هو واضح في الأفق من عنف وسفك دماء ظهرت بوادره في أكثر من موقع, إلا أن الجميع آثر الصمت وفي أحيان كثيرة إشعال مزيد من النيران, إلي أن جاءت تصريحات الوزير لتؤكد أن مصر ليست لعبة أو دمية يتلقفها مغامرون من هنا, أو متآمرون من هناك, مع الوضع في الاعتبار عدة نقاط من المهم الإشارة إليها حين الحديث عن إسقاط الشرعية, وما يليه من توابع, شئنا أم أبينا.
< إن هذا المصطلح سوف يتضمن إسقاطا للشرعيات ككل, رئاسية كانت, أو برلمانية, أو دينية, أو قضائية, أو تنفيذية, أو حتي حزبية.
< إعلان وفاة الخيار الديمقراطي القائم علي صندوق الانتخابات, مع انعدام التوافق علي وسيلة أخري لإدارة البلاد.
< فتح الباب علي مصراعيه للتنظيمات السرية المسلحة بمختلف اتجاهاتها, وهو الأمر الذي كان قد تراجع في مصر إلي حد كبير خلال السنوات الأخيرة.
< انخراط أجهزة المخابرات المعادية للعبث بأمن البلاد, وهو ما عانته مصر خلال الأسابيع الأولي لثورة25 يناير, واستمر يلقي بظلاله حتي الآن.
< إن ما يحدث الآن, وما يستتبعه من ممارسات تحريض, هو في الحقيقة دعوة إلي الفوضي الشاملة, أسهم فيها انحطاط قيمي وأخلاقي وديني, قادته بعض وسائل الإعلام وتصريحات النخبة, وهو ما أسفر مبكرا عن فتاوي الكفر والتخوين واستباحة القتل, وما هو قادم بالتأكيد سوف يكون أعظم!.
بالفعل نحن أمام مسلسل انتحار جماعي, كان علي القوات المسلحة أن تتصدي له بكل الوسائل الممكنة, فهناك خلايا تنشط علي كل الاتجاهات الآن, وجيوش حرة تتأهب للانقضاض, بل وإعلان الانفصال, ولم لا؟, وقد سحبنا من الشعب حقه في الاختيار الحر لممثليه.
نحن نعي, أن هناك نحو12 مليونا من بين الناخبين صوتوا في الانتخابات الرئاسية لمرشح آخر, إلا أن ذلك لا يعني أن هؤلاء يجب أن يظلوا سيفا مسلطا علي الدولة الرسمية بأجهزتها من خلال المظاهرات والاحتجاجات وقطع الطرق وحرق البلاد, وإلا فإن هناك مثل هذا الرقم علي الأقل سوف يظل أيضا عقبة أمام أي رئيس مقبل, مادمنا اعتمدنا هذه الأساليب طريقا للتغيير.
ومن هنا فإن قواتنا المسلحة أصبحت مطالبة الآن بتدارك الخطر قبل وقوعه, من خلال فرض المصالحة الوطنية, وليس مجرد الدعوة إليها, حتي يعي الداني والقاصي, في الداخل والخارج, أن جيش مصر سوف يظل رمزا للعزة والكرامة, والإنجازات والانتصارات, وليس أي شيء آخر.