محسن سالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محسن سالم

منتدى دينى سياسى عسكرى رياضى قصصى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 ودخل الشرق الاوسط عصر الجحيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 5120
تاريخ التسجيل : 03/09/2012

ودخل الشرق الاوسط عصر الجحيم Empty
مُساهمةموضوع: ودخل الشرق الاوسط عصر الجحيم   ودخل الشرق الاوسط عصر الجحيم Emptyالجمعة سبتمبر 19, 2014 4:55 pm

ملخص الحكاية أيها السادة، من وجهة نظر قرآنية، أن ما يصيبنا من خير فمن الله، وما يصيبنا من شر فمن أنفسنا.. وحيث أن العرب رفضوا أن يغيروا ما بأنفسهم، وامتنعوا عن الإجتماع على قلب رجل واحد لمواجهة الأخطار التي تتهددهم والمؤامرات التي تتربص بهم.. أذلهم الله وبعث لهم إسرائيل لتفتنهم في دينهم، وترهبهم في دنياهم حتى وصل اليهود إلى كراسي الحكم والمضاجع، فعثوا في البلاد فسادا، وفي العباد إستبدادا، وفي عقول الشباب خرابا، وفي الأعراض إغتصابا، ولم تسلم من ذلك حتى بنات العائلة المالكة السعودية وفق تقرير إستخباري روسي..

ومع ذلك، لم يغضب العرب لشرفهم ولم ينتفظوا لكرامتهم، وظلوا خداما أوفياء لأسيادهم ضد مصالح شعوبهم، فبعث الله لهم ياجوج وماجوج العصر “داعش” و “النصرة”، ينسلون كالوحوش المتعطشة للدماء من كل حدب وصوب، ليجوسوا خلال الديار في لبنان وسورية والعراق واليمن ومصر وليبيا وتونس وغيرها.. فيعيثوا فيها قتلا وخرابا وفسادا.

ومع ذلك، لم يهز الدم العربي البريىء الذي يسيل أنهارا حكام الزيت الذين أمعنوا كفرا ومكرا وخبثا، معتقدين أن بينهم وبين “داعش” سد من زبر الحديد والنحاس يحميهم من الذبح.. غير أن ظنهم خاب، لأن هذه المرة إنقلب عليهم مكرهم فبعث الله لهم الدابة المسماة “أمريكا” بلحمها وشحمها وفولاذها وجحيم نارها لتشتت شملهم بالحرب والدمار، وتخرب مجتمعاتهم، وتقسم أوطانهم، فلا يعود لهم من وجود كأمة في عالم لا مكان فيه لمن لا يملك القوة، والعلم، والتكنولوجيا.. للدفاع عن وجوده ومصيره وقيمه.

في عالم لا مكان فيه إلا للتحالفات السياسية المتينة، والتكتلات الإقتصادية الكبرى.. ويتطلب التأقلم للعيش فيه إنسانا جديدا، بعقلية مغايرة، وثقافة كونية ما فوق طائفية ومذهبية، تؤمن بالإنسان كقيمة، وتقبل به كما هو لا كما تريده هي أن يكون، وتحترم حقه في الملكية وفي نمط الحياة التي يريدها..

لأن الله جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف، ولو شاء لجعلنا أمة واحدة، غير أن حكمته الخفية اقتضت أن نكون مختلفين، ولذلك خلقنا لنخوض تجربتنا الأرضية الخاصة كما يؤكد في قرآنه المجيد، وجعل الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، وبخلاف ما يعتقد المسلمون، لم يختر الله أن يكون إله قبيلة أو طائفة أو دولة، بل إله العالمين، ونهانا عن الإكراه في الدين، وأفهمنا أن لا وصاية لأحد على عقيدة الناس بما في ذلك الرسول الأعظم الذي نبهه إلى أن دوره يقتصر على التذكير لا السيطرة على الناس (إنما أنت مذكر ليست عليهم بمسيطر)، وقال له، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إن الله غني عن العالمين.. وحذر عباده من الإعتداء على الحق في الحياة بسبب الغلو في الدين، لأن من يقتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا، وأمرنا بالعدل في المال وحفظ العرض وصون الملك، وعلمنا كيف نعامل الناس بالحسنى، وكيف نحاور عدونا بالكلمة الطيبة لنحوله إلى صديق حميم.. وهذه هي أسس الإجتماع الإنساني الكوني المشترك، التي لم يفهمها العرب ولم يرغبوا بتطبيقها في حياتهم لأسباب لها علاقة بإستغلال الدين في السياسة لتكريس الفساد وتأبيد الظلم والإستبداد.

لكن أين نحن من هذا في الواقع؟.. وهل الخطأ في الدين أم في فهمنا الخاطىء للدين والدنيا معا؟.. لأن المصداق هو الممارسة لا الخطاب، والمعيار هو ما نفعله لا ما نقوله.

من الصعب على المواطن العربي العادي فهم الطريقة التي تفكر بها العقلية الغربية، بسبب الفرق الكبير بين من يفكر بالمنطق ومن يفكر بالعاطفة.. لذلك، فكل ما ينتجه الغرب من سياسات لا تكون في معظمها، إن لم نقل كلها، إلا معادية لحق هذا الكائن العربي الأسطوري في تقرير مصيره ومستقبل عياله من منطلق تجربته الحضارية الخاصة.. لأنه لم يرقى بعد لمرتبة “مواطن” حر ومسؤول، ولا يزال يعيش كقاصر تحت الوصاية وفق قانون الراعي والرعية..

ونتيجة لذلك، وبرغم عقود من إستقلال الدولة الوطنية، وبرغم أنها أمة تحمل مشعال رسالة سماوية كونية.. تعيش الشعوب العربية تحت وصاية أنظمة رجعية عميلة، فاسدة ومستبدة.. لها وجهان: وجه ودود تجاه الغرب، و وجه عبوس تجاه الشعب.. أنظمة تسوق لخيانتها وعمالتها وخستها بمنطق “إكراهات السياسة” حينا و “البراغماتية” أحيانا كثيرة، حتى لو تعارضت مع ثوابت دينها وقيمها الحضارية.. لا، بل حتى لو تعارضت كرامتها أيضا بسبب الإهانة التي تتلقاها من حين لآخر من أسيادها، ولا يحرجها ذلك أمام شعوبها التي تمارس عليها نفس الإهانة، لتحولها أيضا إلى شعوب مدجنة تعيش بلا كرامة في إهانة عظيمة مستدامة.

وبالنسبة للغرب، يعود السبب في هذا الوضع الشاذ للجهل، وثقافة الكراهية واللاتسامح التي لدى العرب تجاه “الآخر”، وجذر ذلك، وفق زعمهم، يعود بالأساس إلى تعارض العقل مع الإيمان في “الإسلام” وفق ما خلصت إليه الكنيسة الكاتوليكية زمن البابا ‘بندكتوس السادس عشر’، ما أنتج ثقافة النقل والبيان، بدل ثقافة العقل ومنطق الإستدلال، وهو ما انعكس على رؤية العرب لله وللعالم، وإصرارهم على التشبث بالعيش في الماضي البعيد بدل الحاضر لبناء المستقبل. والغرب المنافق، على عادته، تجنب في هذه المرة أيضا الإشارة إلى أن المعضلة لا تكمن في الدين، بل في سوء فهم الدين، لأن الدين من حيث هو حقيقة سماوية مطلقة شيىء، والفهم البشري للدين من حيث هو إجتهاد نسبي قد يصيب وقد يخطىء شيىء مختلف.. وتلك قضية أخرى يطول شرحها.

ثم يصلون، نتيجة عقود من الدراسات والبحوث، إلى خلاصة نهائية، قاطعة، مؤداها، أن لا حل للدول العربية والإسلامية للخروج من التخلف إلا بعلمنة المجتمعات أيضا وليس الدولة فقط.. لكن الأمر كان يبدو مستحيلا إلى وقت قريب بسبب حساسية العامل الديني لدى الشعوب العربية من الماء إلى الماء.. وهناك في الغرب من اعتبر الدين بالنسبة للعرب المسلمين بمثابة “الجينوم” الذي يحكم تصرفاتهم ويقولب نمط حياتهم ويحرك فيهم روح التضحية والشهادة التي تجري مجرى الدم في عروق الناس، حين يجدون الزعيم الذي يتقن فن العزف على هذا الوتر الحساس (صلاح الدين الأيوبي، جمال عبد الناصر، سماحة السيد حسن نصر الله.. مثالا).

وعند هذا المستوى من الفهم، قاموا بمراجعة ما تم القيام به في مجال علمنة الدولة التي كان يفترض أن تتولى هي نشر الثقافة “العلمانية” في الأوساط السياسية والإقتصادية والإعلامية والإجتماعية المشكلة لما أصبح يصطلح عليه في علم الإجتماع السياسي بـ”الدولة العميقة”، إلى جانب الجيش والمخابرات والقوات الأمنية.. لكنها فشلت.

وبموازات ذلك، كان المارد الإسلاموي ينمو ويكبر في الظل، ويركز على الجانب الثقافي والإجتماعي والإقتصادي للطبقات الفقيرة والشباب العاطل، ومليشيات الخلاص وعشاق القتل على الهوية من مرتزقة “الجهاد”، لكسب أكبر قاعدة شعبية داعمة له في معاركه المرحلية مع السلطة القائمة.

و وفق منطق الأمور، من يعارض السلطة يفترض أن يكون صاحب مشروع للتغيير والنهضة، لكن “الإسلامويون” ولغبائهم، ومحدودية رؤيتهم، ونزعتهم المتأصلة للسلطة والمال، سوقوا للناس الطيبين شعارات لا تعني ما تقول.. كـ”الإسلام هو الحل” مثلا على شاكلة “لا حكم إلا لله” التي رفعها الخوارج وهي كلمة حق أريد بها باطل، وإذا سألتهم عن معنى هذا الشعار.. شتموك واتهموك بالجهل والغباء. هذا هو أسلوب العقل الظلامي في الحوار والإقناع عبر الترهيب الفكري لا النقاش المنطقي.

وما أن بدأ زلزال “الثورات” في الوطن العربي يدك عروش الحكام، حتى أدرك هذا التيار المتأسلم، أن الوقت قد حان ليقود الشعوب المغفلة، وفق رؤيته الدوغمائية للدين والإنتهازية للدنيا.. خصوصا بعد فشل تجربة الدولة الوطنية، ومشروع اليسار في إنقاذ العالم العربي من جهله وفقره وتخلفه، وفقد المواطن ثقته في كل التجارب الوطنية والقومية إلا في “الإسلاميين”، لإعتقاده أنهم على صراط مستقيم، وأن من حقهم أخذ دورهم في تجربة الحكم قبل الحكم عليهم.. وهذا صحيح، نظريا، لكن من يضمن أنهم لن ينقلبوا على الديمقراطية نفسها حين يتمكنون؟.. أليس مشروعهم “الخلافة” لا الدولة القطرية؟.. فمن يثق بهم؟.

ومؤخرا كان لافتا أن أفتى كبير كهنتهم الذي علمهم النفاق، ‘يوسف القرضاوي’، بعدم صلاحية “الخلافة” في هذا الزمان – علما أنه كان يروج لها زمن ‘مرسي’ لتولية أردوغان خليفة للمسلمين من تونس إلى سورية – وأن البديل المثالي اليوم، وفق ما رأى، هو “الفيدرالية” أو “الكونفدرالية”، وفق النموذج الذي أعد للعراق ويحضر لسورية من بوابة “جنيف 3″، وربما لبنان أيضا.. والفيدرالية كحكم ذاتي موسع في إطار الدولة الفدرالية المركزية هي الخطوة التي تسبق الكونفدرالية بعد إعلان تقرير مصير وإستقلال الأقاليم التي تشكلت في إطار الفدرالية.. وهو نفس المشروع الذي يحضر لليمن أيضا.

هذه هي الوصفة السياسية النهائية المقرر فرضها على دول محور المقاومة، لسرقة قرارها السيادي وعرقلة أي توجه لا يصب في مصلحة “دابـــة” العصر ‘أمريكا’.. ولنا في أنموذج المحاصصة الطائفية اللبناني المثال الناصع لما يراد فرضه على دول محور المقاومة لإحتوائها بالسياسة بعد أن فشلوا في ذلك بالحرب.

ولعله من مكر التاريخ، أن برز فجأة للضوء، وبشكل لافت، أنموذج “الإسلام المعتدل” وفق المفهوم الأمريكي، الذي تمثله تجربة حزب “العدالة والتنمية” في تركيا. والمتابع لتفاعل الشباب العربي في المواقع الإجتماعية مع تجربة ‘أردوغان’ الإقتصادية الناجحة.. جعله يتحول إلى أنموذج “الخليفة” المنتظر لحكم المسلمين في نظر الكثيرين.. وهذا عائد إلى أن العامل الديني هو المحدد الأول للإنتماء الهوياتي لدى الشعوب، قبل الوطنية والقومية وغيرها من العوامل الإثنية والثقافية والسياسية، وأن ‘حزب العدالة والتنمية’ الإسلاموي التركي، نجح فيما لم تنجح في تحقيقه كل الأنظمة العربية بمن فيها الغنية بالزيت.

وإدراك الغرب لهذا المعطى المتمثل في تجربة نادرة وناجحة، لتعايش الإسلام “المعتدل” بالمعنى المجازي، مع علمانية أتاتورك “المتطرفة”.. “إسلام” يقبل بـ”إسرائيل” دولة يهودية وحليف إستراتيجي وشريك إقتصادي، منفتح على الغرب بحكم موقع تركيا الإستراتيجي كبوابة للأطلسي على الشرق الأوسط وآسيا، ومنخرط في سياسات وخطط الحلف الغربي الإمبريالي ضد العرب والمسلمين، إنتقاما من تآمرهم مع الغرب على إسقاط الخلافة العثمانية..

السلطان ‘أردوغان’ فهم الدرس ويلعب اللعبة بخبث شديد.. يناصر حماس في غزة ويدين قصف إسرائيل للمدنيين الأبرياء ويتهمها بأنها مجرمة حرب.. هذه المواقف تثير إعجاب الناس، لكنهم لا ينتبهون أن ‘أردوغان’ الصهيوني المجرم هذا، هو من زود إسرائيل بوقود الطائرات المنهوب من أربيل، وهو من زود الجيش الإرهابي الصهيوني الذي يقتل حماس وشعبها في غزة بوجبات الطعام الجاهزة طوال أيام الحرب.

هذا النوع من الإسلام هو الذي إختارت أمريكا وحلفائها في الأطلسي تسويقه في بلدان الربيع العربي، لأن المطلوب كان ولا يزال، هو إقامة حلف “سني” قوي في المنطقة، في مواجهة حلف إيران “الشيعي” كما يروجون، ويكون بمقدوره وقف تمددها و وضع حد لدعم حركات المقاومة في المنطقة ضد “إسرائيل”.. فركب الإخوان الثورات باتفاق سري مع الأمريكي، ووصلوا إلى السلطة بإنتهازية منقطعة النظير، ومارسوا التقية في إنتظار أن يتمكن لهم الأمر.. لعل قمتها كانت في قول مرسي للصهيوني ‘بيريز’: “صديقي العزيز”..

لأنه تبين أن الحرب خدعة، وأن فترة حكم ‘مرسي’، بما لها وما عليها، ساعدت المقاومة في غزة على إعادة بناء قوتها بفضل الدعم الإيراني والسوري ومن حزب الله.. وبينما كانت تكنولوجيا صناعة الصواريخ والأسلحة تدخل بأعداد مهولة إلى فصائل المقاومة في غزة، كان ‘مرسي’ يهدم الأنفاق أمام الإعلام، بما فاق ما قام به ‘مبارك’.. وهذه شهادة حق، تعلمنا منها كيف أن إيران رفضت قطع علاقاتها بالإخوان برغم ما فعلوه في سورية، بل حتى ‘الأسد’ وسماحة السيد عضوا على أصابعهم وسلحوا المقاومة في غزة وهم يقولون: “من أجلك يا فلسطين، يهون جرح سورية”، وهذه هي أخلاق الرجال، لأن “العظمة هي المسؤولية” كما قال رئيس الوزراء البريطاني السابق ‘ونستون تشرشل’.

غير أن السعودية كانت للإخوان بالمرصاد.. تراقب تحركاتهم بقلق وصل حد الهلع، وما أن فهمت أبعاد اللعبة حتى أعلنت ثورتها على الديمقراطية الشعبية، وعلى الإسلام السياسي الإخواني، وإسلام المستضعفين الشيعي.. فأعادت الديكتاتورية في مصر بانقلاب عسكري، وحاربت الإخوان في الخليج، ونزعت منهم الريادة في “المعارضة” السورية، وأوعزت لمصر والإمارات بضربهم في ليبيا، ففضحتهم أمريكا التي تسعى لتفجير مصر من ليبيا تحديدا حين يتمكن الإخوان من السلطة، لأن ليبيا تحولت اليوم إلى “صومال 2″ تهدد دول المغرب العربي قاطبة، لكن مع التركيز على مصر، وهذا هو سر قصف “الإخوان” من قبل طيران الإمارات من فوق الأراضي المصرية بمباركة سعودية.

ومملكة الرمال كما هو معروف عاقبت قطر بالمقاطعة لأنها تمول الإخوان في اليمن وتدعمهم في ليبيا وسورية.. وهي بذلك تضع نصب أعينها الخطر الداهم الذي أصبح يمثله الدور التركي الجديد على موقعها ونفوذها العربي والإسلامي، بموازات الخطر الذي يمثله على مستقبلها في المنطقة الدور الإيراني الداعم للمقاومة والشعوب المستضعفة.

السعودية هي من أحبطت بالفعل المشروع الأمريكي الذي كان يعمل على تمكين الإخوان المسلمين من حكم العالم العرب، لإستنساخ النموذج التركي “المعتدل”.. لكن ذلك لم يمنع أمريكا من إعادة إحياء المارد الإخواني، وانحيازها للدور التركي والقطري في المنطقة أكثر من الدور السعودي.. بدليل أنها كانت تفضل المبادرة التركية القطرية على المبادرة المصرية للتهدئة في غزة مثلا.

وعلى ضوء ما سلف، يتبين أن المشروع الأمريكي لا زال قائما، وأن ما سقط سنة 2006 كان خيارا مؤسسا على وهم إسمه إرهاب الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.. لكن حزب الله أسقط هذه المعادلة وكشف عن أن “إسرائيل” هي أهون من بيت العنكبوت.. فجاء إنتصار غزة اليوم ليؤكد صدق ودقة هذا الكلام، وأن لا خيار أمام شعوب المنطقة غير المقاومة، في حرب وجود ومصير شعارها “إما أن نكون أو لا نكون”، وحيث أن الأمر كذلك: “فإننا سنكون حيث يجب أن نكون”.. أليس هذا ما قاله سماحة السيد قائد المقاومة الإسلامية الشريفة؟..

وإذا كان هناك من قراءة إستراتيجية خلصت إليها أمريكا وحلفها الأطلسي بعد إنتصار غزة، هي أن خيار الإعتماد على إرهاب “إسرائيل” لفرض واقع جيوسياسي مرفوض من قبل الشرفاء من شعوب المنطقة.. قد سقط هذه المرة بالضربة القاضية، لأنه إذا كان هذا هو شأن مجموعة صغيرة من المقاومين في غزة، فكيف سيكون الحال لو قامرت “إسرائيل” وفتحت جبهة لبنان أو سورية؟..

وبالتالي، يكون ما قاله سماحة السيد عن إعتماد أمريكا لخيار ثاني أخطر وأفظع من الأول، كلاما دقيقا بدأت تتضح ملامحه اليوم بقدوم أمريكا إلى المنطقة من مدخل “الحرب على الإرهاب” الذي صنعته ودربته وسلحته وعلمته فنون التوحش.. وهي عازمة على تغيير المعادلات ورسم خرائط جديدة حتى لو تطلب الأمر زمنا طويلا، لأن من يقتل هم العرب لا الأمريكيين.

وراقبوا ما يحدث اليوم في المنطقة، تستدرج “إسرائيل” إلى حرب في غزة، بخطف وقتل الصهاينة الثلاث بإعتراف حماس، فتنتهي الحرب بهزيمة مذلة عسكرية وأمنية وسياسية لم يكن يتوقعها أحد في الكيان الغاصب.

تسقط الموصل فتستبق طهران قدوم أمريكا لتنفيذ مخطط إنفصال كردستان، فتقوم إيران بتسليح البشمركة بالمعدات الثقيلة للدفاع عن أنفسهم ضد “داعش”، وبالنسبة للكرد، تعلموا أن لا يضعوا بيضهم في سلة واحدة كما فعلوا من قبل فانتهوا بالعيش هاربين في الجبال.. هذه المرة لا يمكنهم أن يثقوا بالأتراك الذين يعارضون إقامة دولة كردية في الجوار تهدد بتفتيت تركيا مستقبلا، لذلك ثقتهم بإيران أكبر.

ثم تندلع إحتجاجات اليمن، فيطالب الشعب اليمني الفقير والمظلوم، ومن ضمن مكوناته الحوثي الذين يتصدر المشهد السياسي اليوم.. بإسقاط الحكومة. تثور ثائرة السعودية ومشيخات الخليج، تهتز أمريكا ويطل برأسه “بوكيمون” الأمم المتحدة ليحذر من اللعب بالإستقرار في اليمن ومحاولة تغيير المعادلة السياسية القائمة، لصالح السعودية طبعا، من خلال حكومة عميلة.. هذا الزمن إنتهى.

ترفض طهران التعاون مع أمريكا في محاربة الإرهاب، لأنها تعلم أن الهدف هو غير ما تعلنه دولة الشر والإستكبار، لأنه لو كانت واشنطن تريد فعلا محاربة الإرهاب، لكانت بدأت بمطالبة أدواتها بإعتقال كل الأسماء السعودية والعربية من المغرب إلى الخليج، الواردة أسمائها بتقرير الخارجية الأمريكية الأخير عن الإرهاب في العالم، وهي المتورطة في تمويل “ذاعش” من مؤسسات رسمية وبنوك وأمراء وساسة وفقهاء ودعاة وأشخاص.. ولكانت طلبت من تركيا إقفال معسكرات تدريب الإرهابيين على أراضيها، وإعتقال جحافل المرتزقة الذين ينتظرون ساعة تسللهم إلى العراق وسورية ولبنان، وبينهم آلاف الأتراك أيضا، ومؤخرا تسلل 1.500 مغربي من تركيا إلى العراق في عملية منظمة يستحيل أن تكون المخابرات المغربية بعيدة عنها، ومن هنا نفهم لماذا تهب السعودية مليار دولار سنويا للمخابرات المخزنية.

ومن غير تجفيف منابع الإرهاب، وضرب معاقله، واعتقال من يروج لثقافته ويجند المغفلين ليكونوا وقودا لنار حروب السعودية في المنطقة.. لا يمكن الحديث عن حلف دولي لمحاربة الإرهاب.. لأن ما يتشكل اليوم هو حلف من صناع وداعمي الإرهاب في المنطقة (أمريكا – السعودية – تركيا – الأردن – قطر وإسرائيل)، وهذه الأخيرة سقطت لها طائرة تجسس فوق بغداد قبل أيام وأخذت أشلائها السفارة الأمريكية وتكتمت على الخبر، وللإشارة، فهي من نفس نوع ومواصفات الطائرة التي أسقطتها إيران مؤخرا..

أما سورية التي شعرت بخطورة الخيار الجديد كما أسماه سماحة السيد، فقد أعلن وزير خارجيتها إستعداد دمشق للتعاون في محاربة الإرهاب وفق مقتضيات قرار مجلس الأمن 2170، لكنها ترفض أي خرق لأجوائها السيادية من دون تنسيق مسبق معها..

والعجيب، أن هناك إصرار أمريكي على عدم إشراك “الأسد” في الحرب على الإرهاب كي لا يكون ذلك إعترافا ضمنيا بنظامه، وإعترافا بأن ما جرى في سورية هو إرهاب وليس ثورة كما كان يؤكد الرئيس ‘الأسد’ في أكثر من مناسبة وخطاب، هذا بالإضافة إلى أم أمريكا ترفض أن تقديم أية هدية مجانية لروسيا في سورية والصراع على أشده في أوكرانيا.

أمريكا كما دول العالم والمنطقة تعرف حق المعرفة أن هكذا حرب منافقة سيكون مصيرها الفشل من دون مشاركة سورية.. وهو ما يؤكد أن هدفهم من وراء هذه الحملة الخبيثة الجديدة هو إسقاط سورية والعراق ولبنان لكسر محور المقاومة في كل أجزائه، وأن الإرهاب هو مجرد أداة وظيفية لذلك ليس إلا.

وها هو الرئيس الفرنسي يطالب علنا بتسليح المعارضة السورية “المعتدلة” التي لا وجود لها إلا في أوهامه، وذلك لتحارب “داعش” وفق ما قال.. وما أن إنتهى من خطابه حتى خطف المسلحون في الشريط الحدودي من الجولان المحتل عشرات موظفي حفض السلام التابعين للأمم المتحدة.. فأين يذهب الغبي ‘هولاند’ من هنا؟..

أما مملكة الشر والإجرام، فقد رفضت أي تعاون بين أمريكا وسورية في الحرب على الإرهاب، مستثنية بذلك سورية من القرار الدولي، لأنها تريد إسقاط سورية بالإرهاب تحديدا، في حال رفضت روسيا وإيران التخلي عن “الأسد” مقابل بقاء الدولة السورية بجيشها ومؤسساتها وفق نظام سياسي فدرالي على شاكلة العراق، وفق ما تم الإتفاق عليه في مؤتمر جدة الأحد، بين العربان المتآمرين على الشعب السوري.

وكنا توقعنا في مقالة سابقة، أن ترد السعودية في لبنان على ما يحدث في اليمن.. وها هي الأنباء تتحدث عن مخطط لـ”داعش” و “النصرة” لإجتياح لبنان من عرسال إلى طرابلس والإستيلاء على كامل الشمال لإقامة إمارة إسلامية تابعة لدولة البغدادي، تكون ظهيرا لإسرائيل في حربها ضد حزب الله.

وحيث أن الأمور لا تبشر بخير، فها هو الجنرال عون، صاحب العقل العسكري والأمني الإستراتيجي، يستشعر خطورة المرحلة وما يحاك للبنان في الدهاليز والأقبية، ويدرك أن سماحة السيد في خطاب ذكرى إنتصار تموز، لم يكن ينطق عن الهوى، وأن المشهد يبدو قاتما بالفعل، وأن لبنان ذاهب إلى حرب أهلية تنتهي بالتقسيم وتحويله إلى كنفدرالية من أربع كانتونات (سنة، شيعة، مسيحيين، وأكراد)..

وإلا.. لماذا طلب الجنرال عون من المسيحيين حمل السلاح للدفاع عن وجودهم في لبنان؟..

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو.. لماذا لا تقيم إيران حلفا رسميا من دول المحور لمحاربة الإرهاب دون حاجة لأمريكا التي لم تنتصر على الإرهاب في حياتها، لا في أفغانستان ولا في العراق ولا في اليمن أو ليبيا، ولا في أي مكان من العالم؟..

الجواب.. لأن إيران تخشى أن تتهم بأنها أقامت حلفا شيعيا لمحاربة السنة.. والجميع يذكر كيف أن إجتياح “داعش” للموصل وغيره من مناطق العراق إعتبرته السعودية والأردن ومشيخات الزفت “ثورة شعبية” تعبر عن مظلومية “أهل السنة والجماعة”.. لكن، أليس الإرهاب “سنيا” سلفيا بامتياز وصناعة من يدعون أنهم يمثلون هذه الطائفة الكريمة في المنطقة، وهي بريئة منهم ومن إرهابهم؟..

هنا تكمن حساسية الموضوع وخطورته، ولهذا لم يقم شيعة العراق بمحاربة “داعش”، وتركوا الأمر للجيش، مكتفين بحماية مناطقهم ومقدساتهم.. وكذلك الوضع في لبنان، حيث نلحظ حساسية مفرطة لدى حزب الله من الموضوع.. غير أنه عندما يجد الجد ويصل الدم إلى الركب، فلن تعود هناك حدود أو محاذير لسحق ياجوج وماجوج، صنيعة أمريكا و”إسرائيل” والصهاينة العرب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohsensalim.mountada.net
 
ودخل الشرق الاوسط عصر الجحيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مصر تعيد صياغة الشرق الاوسط
» المصالح الروسية في منطقة الشرق الاوسط
» الشرق الاوسط الجديد صراع الطوائف وحكم الميليشيات
» ودخل السيسى عش الدبابير
» سيناريوهات ابواب الجحيم السوريه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محسن سالم :: الفئة الأولى :: منتدى مقالات الصحفى محسن سالم-
انتقل الى: