[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]«الفوضى الخلاقة».. «الشرق الأوسط الجديد».. «الشرق الأوسط الكبير».. «سايكس بيكو الجديد».. أسماء تردها المراكز البحثية والاستراتيجية حول العالم منذ أحداث 11 سبتمبر عام 2001 حول التغيرات في منطقتنا العربية والإسلامية، وانضم إليها أخيراً مصطلح «الربيع العربي» الذي حير المراكز البحثية وأجهزة الاستخبارات العالمية في مبدأه ومنتهاه ليصبح بعد (سرقته من قوى وأطراف داخلية وخارجية) أحد المفاتيح الرئيسية التي يستغلها كل اللاعبون في إعادة رسم خريطة ما يطلق عليه الجغرافيون «الشرق الأوسط».
ورغم اختلاف المصطلحات السابقة واتساع أفق مدلولاتها، ألا أن القراءة السريعة لخريطة المنطقة الميدانية تكشف عن حرائق ودماء تخضب كل أركان الشرق الأوسط تقريباً.
فأكثر من 414 صراعاً سياسياً، و221 نزاعاً ممتزج بعنف، و45 نزاعاً ضخماً قد يصل إلى شفير الحرب، أغلبها في الشرق الأوسط العام 2013 فقط وذلك وفق مقياس «الحروب والنزاعات» مركز «هايدبرج» الألمانى للشؤون الاستراتجية.
فقد أطلقت جميع الأقلام زخات قذائفها الحبرية على خريطة الشرق الأوسط لإعادة فك وتركيب المنطقة من جديد فيما يشبه «سايكس بيكو» جديداً ولكنه ليس رسما للحدود كما فعل الدبلوماسيون البريطانيون والفرنسيون بشكل سرى قبل 98 عاماً ولكن عبر إثارة النعرات الطائفية والإثينية والحروب الدينية لتفتت الخريطة وينتج عن مخاضها خرائط أخرى، متناهية الصغر.
وفى الخرائط الجديدة يكون الفاعل جماعات دينية وسياسية وعرقية تسمى في التصنيف السياسى «الفاعل غير الرسمى»، وهى مجموعات بشرية ذات هويات متمايزة منحتها انتفاضات الشعوب في الربيع العربى مساحات للمناورة وأضفى عليها زخماً بما جعل تصاعد دورها يفوق الدولة ويتجاوز حدودها عبر المنطقة بل وفى أحايين كثيرة يتعارض معها ويهدد بانهيارها.
فإذا تأملنا خريطة المنطقة نجد الجماعات المسلحة هي من تتحكم في مصير العديد من الدول، وجاء تنظيم «داعش» كأحدث المنضمين لهذه القائمة.
وفيما يلى قراءة رصدتها «المصرى اليوم» لخريطة الشرق الأوسط وقد كساها العنف والإرهاب والتفكك جعل دولا منهارة بالفعل وأخرى على حافة الانهيار وأخرى تفتتت بالفعل وبعضها راضخاً لحكم الميليشيات والجماعات المسلحة مثل ليبيا واليمن.
سوريا.. دولة منهارة و 4 سنوات من الحرب
تعد أبرز نموذج للدول المنهارة فعليا، فقد تحولت ثورة أهلها السلمية المطالبة بالحرية إلى 4 سنوات من الحرب الأهلية بين نظام البعث، متمثلا فى حكم آل الأسد منذ أكثر من 40 عاماً، والمعارضة المقسمة التى أصبحت مخترقة من جهات شتى، فضلاً عن رضوخها لجماعات مسلحة قبل أن يتمكن تنظيم «داعش» من السيطرة على أغلب المساحات التى كانت تحوزها المعارضة ويفرض حكمه المتطرف.
ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على الجزء الأكبر من شمال سوريا، بدءاً من الحدود مع تركيا عند مدينة منبج جنوباً وحتى مدينة اكجاكال التركية الواقعة على الحدود شمالًا، وحتى مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، ومع انهيار الدولة ظهرت الخرائط الجديدة لسوريا لتقسم ذلك البلد العربى لأكثر من 3 دويلات.
دويلة علوية فِى مرفأ اللاذقية على الساحل السورِى على المتوسط، وثانية كردية تمتدُّ لتلتئمَ بكردستان العرَاق، على أن ينضمَّ سنَّة سوريَا إلى المحافظات السنيَّة فى العراق، لتشكيل دولة «سنستان». وفى خرائط أخرى لسوريا يظهر معقل درزى فى الجنوب السورى.
العراق.. 4 دويلات و توغل للقاعدة
كان الغزو الأمريكى للعراق فى إبريل عام 2003 فرصة جديدة استغلها الشيعة والأكراد لتحقيق النصيب الأكبر من المكاسب السياسية، حيث شكل الأكراد حكومة إقليمية لكردستان بإقليم شمال العراق ورأس الشيعة الحكومة وتحكموا فى مقاليد الدولة، ولكن بعد 10 سنوات من الغزو الصريح وسبقها 10 سنوات من الحرب الخفية عبر العقوبات. ولكن الإدارة الطائفية للبلاد وتحكم الميليشيات الشيعية فى إدارة الدولة دفع البلاد لحرب طائفية سنية شيعية مشتعلة فى البلاد منذ عام 2007.
وتصاعد نطاق تلك الحرب بعد توغل القاعدة، متمثلة فى تنظيم «داعش» فى العراق قادمة من سوريا لتسيطر على مناطق واسعة فى محافظات شرق وغرب وشمال العراق تمتد إلى مدينة الموصل فى الشمال مروراً بمدن كركوك وبيجى وتكريت وسامراء والفلوجة، إلى الجنوب على مقربة من العاصمة العراقية بغداد.
ومع انهيار الدولة عادت خرائط تقسيم العراق للظهور من جديد لتقسيم البلاد إلى 3 دويلات، دولة كردية فى الشمال لتتحد مع شمال سوريا، حيث تحفظ الأكراد باندفاعٍ شديد لاغتنام فرصة الحلم التاريخى بالانفصال عن السلطة الاتحادية، خصوصاً مع وصول «داعش» إلى المناطق المختلف عليها بين بغداد وأربيل، وخاصة محافظة كركوك. فى المقابل تشير الخريطة لدولة فى الوسط «السنِى» ليذهب إلى الوحدة مع سنة سوريا، فيما سيبقى جنوب البلاد للشيعة. وهذا التقسيم جاء بخلاف إعلان تنظيم داعش قيام دولة الخلافة الإسلامية، مناطق سيطر عليها على الحدود السورية العراقية تساوى دولة متوسطة الحجم، مناديا بزعيم التنظيم أبوبكر البغدادى خليفة جديداً للمسلمين.
ليبيا.. دولة مفككة وإرهاصات حرب أهلية وحكم ميليشيات
منذ انهيار نظام معمر القذافى قبل أكثر من 3 سنوات انقسمت القوى المسلحة التى دعمتها فرنسا صراحة وأمريكا خفية، وباتت ليبيا خاضعة لحكم مجموعة من الميليشيات المتنافسة على توزيع التركة، فبعض الميليشيات تتحكم فى مرافئ النفط وأخرى تسيطر على حقول للبترول. ومن أبرز ملامح انهيار الدولة هو أن مطار العاصمة الرئيسى خاضع لسيطرة ميليشيات قادمة من شمال غرب ليبيا من منطقة الزنتان، تسمى ميليشيات «القعقاع» و«الصواعق»، وتحاول ميليشيا يطلقون على أنفسهم ثوار مصراتة السيطرة على المطار، فيما تهدد ميليشيات «درع ليبيا» التى تقول إنها منضوية تحت لواء الجيش الليبى بالدخول فى المواجهات الدائرة منذ أكثر من أسبوعين لحسمها.
ومع انهيار الدولة عادت خرائط تقسيم ليبيا الجديد للظهور مرة أخرى بعد أن ظهرت سابقا وفق وثيقة سرية لجهاز المخابرات الخارجية فى بريطانيا المعروف باسم (MI5)، مؤرخة عام 1995 كشفت ضلوع الحكومة البريطانية فى مخطط لفرض خارطة جديدة فى منطقة المغرب العربى، من خلال تقسيم ليبيا إلى عدة دويلات متحدة تحت إطار حكم فيدرالى.
ولكن هذه الخريطة عادت مرة أخرى للظهور على يد مراكز بحثية أمريكية دفعت بها النعرات القبليَّة والحرب القبلية المشتعلة على أكثر من جبهة داخل ليبيا، وتقسم البلاد إلى 3 دويلات، واحدة فى الشمال الغربِى للبلاد، عاصمتها طرابلس، وأخرى فى الشرق تتبعُ لبنغازِي، زيادة على دولة «فزان»، التابعة لسبها، التِى عرفت بولائهَا للقذافِى، خلال ثورة 17 فبراير ضد نظام القذافِى. وقد أعلن إقليم فزان بالفعل الحكم الذاتى فى ليبيا.
الصومال.. حرب أهلية وحكم ميليشيات وقراصنة
يشكل الصومال نموذجا صارخا للدولة الفاشلة التي تعد نتيجة حتمية لسقوط الأنظمة الديكتاتورية من جهة وتعتبر صناعة دولية من جهة أخرى.
ومنذ الإطاحة بالجنرال سياد برى عام 1991 سادت البلاد الفوضى وغرق الصومال في الوحل حتى دخلت القوات الأمريكية تحت مسمى قوات «حفظ السلام»، وانتهى الأمر بقتل 18 من أفراد القوات الخاصة الأمريكية سحلا أمام الكاميرات، فغادر الأمريكان الصومال، تاركين بلداً فاشلاً لا يمكنه البقاء دون المساعدات الخارجية واختفت الدولة أو وظائفها منذ 1991م وانتشرت الفوضى وعدم الاستقرار منذ ما يقرب من عقدين، وأصبحت تهدد الأمن الدولى حيث أصبحت القرصنة البحرية تعم سواحلها وتهدد الملاحة الدولية، حتى صنفتها مجلة فورين بوليسى الأمريكية في دراسة عن الدول الضعيفة، فاحتلت الصومال صدارة الدول الفاشلة.
وبجانب الفشل تسيطر حركة «الشباب المجاهدين» المحسوبة على تنظيم القاعدة، وكانت تسيطر على مناطق واسعة في جنوب وجنوب غرب البلاد قبل أن تقوم الحكومة بالتعاون مع القوات الأفريقية باستعادة بعضها، لتقوم جيوب حركة الشباب بشن حرب إرهابية عبر السيارات المفخخة والتفجيرات كان أحدثها الشهر الجارى باقتحام القصر الرئاسى لعدة ساعات وخوض معارك فيه مع حراسه داخل ساحة القصر.
فلسطين.. سلطة منهارة وتفكك وانقسام فعلي إلى كيانين
دولة منقسمة منذ 7 سنوات بين الضفة الغربية وغزة، ويستغل الاحتلال هذا الانقسام ويصعد من عدوانه المتكرر على الجانبين وخاصة قطاع غزة، المحاصر منذ سنوات عبر 3 حروب آخرها المشتعلة الآن، عبر عملية الجرف الصامد العسكرية الإسرائيلية والتى تجاوز عدد الشهداء فيها حاجز الألف شهيد.
وفضلاً عن الانقسام يستمر الاحتلال فى تقطيع أواصر وشرايين حل الدولتين عبر الاستمرار فى الاستيطان، خاصة فى القدس الشرقية والضفة الغربية، وفق نظرية بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، «الدجاج المقلى منزوع الدسم».
وكان نتنياهو أول من استخدم عبارة «الدولة الفلسطينية» عام 1996، حيث قال «بعد الاستيطان بإمكان تسمية الأجزاء المتبقية للفلسطينيين من الأراضى (دولة) إذا كانوا يرغبون فى ذلك أو حتى يسمونها دجاجا مقليا».
السودان.. انهيار اقتصادي و«حرب أهلية» وتقسيم لدولتين
يعاني الاقتصاد السوداني من حالة انهيار منذ قيام ثورة الإنقاذ التي قادها أحد التيارات الفكرية المحسوبة على الإخوان المسلمين في السودان عمر البشير وحسن الترابى عام 1989 قبل أن يدب الشقاق بينهما في التسعينيات من القرن الماضى.
وتصاعدت حدة الأزمة الاقتصادية في السودان- خاضع فكريا لما يسمى حكم الحركة الإسلامية في السودان- بخسارة عائدات نفطية بمليارات الدولارات عقب انفصال الجنوب، وتداعيات الحرب الحدودية التي نشبت بين الخرطوم وجوبا لا سيما في منطقة هجليج النفطية، ليؤدى رفع أسعار المحروقات إلى قيام اضطرابات في البلاد.
اعتبرت شخصيات إصلاحية في حزب المؤتمر الوطنى الحاكم في السودان- تم تعليق عضويتها لانتقادها القمع الدموى لحركة احتجاج ضد زيادة الأسعار في أكتوبر 2013- أن هذا البلد على شفير الانهيار.
وانفصال الجنوب لم يكن حلا للأزمة السودانية، ولم يمثل نهاية لمخاطر الحرب الأهلية التي تعانيها الدولة نتيجة لتركز السلطة والثروات في يد النخبة الحاكمة، مما يهدد بالمزيد من الانقسام في المجتمع السودانى، وسوء الأحوال الاقتصادية، واستمرار للفوضى وغياب الاستقرار. وبعد أن كان الصراع في السابق مقصوراً على الحكومة من جهة، والحركة الشعبية لتحرير السودان الممثلة لجنوب السودان من جهة أخرى، فقد اتسعت دائرة الصراع، وأصبحت الحكومة تواجه تحالفاً يضم عدداً كبيراً من الجماعات المتمردة في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، يطلق عليه «الجبهة الثورية السودانية».
ولذلك عادت مخططات لتقسيم السودان تظهر من جديد، حيث تشير المخططات لدولة في الشرق مع حركات البجة والفهود المسلحة، ودولة في الغرب في إقليم دارفور المشتعل بالتمرد منذ عام 2003، ودولة في جنوب على الشريط الحدودى الفاصل بين دولتى شمال وجنوب السودان.
مالى: دولة منهارة و حروب أهلية وحرب عصابات و توغل
تعود جذور أزمة مالى الرئيسية، المتمثلة بمشكلة الطوارق، إلى شهر يناير 1963، حين انطلقت حركة تمرد الطوارق من شمال أدرار إلى كيدال مبتدئة كفاحها المسلح. ومنذ ذلك التاريخ تعيش مالى الحديثة على إيقاع أعمال العنف التى تجددت بشكل مفاجئ عبر الهجمات الصاعقة، التى شنتها «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» بالتوافق مع حركات مسلحة محسوبة على تنظيم القاعدة فى يناير 2012، وهى مناكا الموجودة على الحدود النيجرية، وعبرت على الحدود الجزائرية، وهى كلها مدن تقع فى النطاق الجغرافى لمحافظتى كيدال وغاو، وباتت منطقة شمال مالى إحدى المناطق الرئيسية لتغلغل القاعدة فى أفريقيا، تحت مسمى تنظيم القاعدة فى المغرب العربى، خاصة فى تشاد والنيجر ومالى.
تبعا لأعمال العنف المنتشرة فى الشمال، قام الجيش المالى فى 22 مارس 2012 بانقلاب عسكرى على الرئيس تورى بواسطة النقيب أمادو سانوجو، حيث أعلن الانقلابيون أن استيلاءهم على السلطة جاء ردا على الرئيس تورى للبلاد وللتمرد المتصاعد فى الشمال وامتناعه عن تسليح الجيش المالى، إلا أن هذا الانقلاب العسكرى قوبل بالرفض من المجتمع الدولى حيث قام الاتحاد الأفريقى بتعليق عضوية مالى وتجميد أرصدتها بالخارج حتى ينسحب العسكر من السلطة ويعود الحكم المدنى.
وقامت الحركة الوطنية لتحرير أزواد بإعلان استقلال دولة أزواد فى شمال مالى بتاريخ 6 إبريل 2012. هذا الإعلان الذى رد السلطة المالية، إلى الشمال الذى تعامل لم يعترف به المجتمع الدولى بل نبذه فجاء قرار مجلس الأمن رقم 2071 الذى حدد طبيعة التدخل الدولى من قبل فرنسا.
وقد دخلت الحرب فى مالى مرحلة حرب العصابات بعد أن أثبت المسلحون أنهم قادرون على تنفيذ عمليات ضد القوات الفرنسية والأفريقية، ما ينبئ بدخول البلاد مرحلة حرب استنزاف طويلة الأمد، وهو ما لم تخطط له باريس منذ البداية. كما أن هناك مخاوف إقليمية من تسلل المسلحين إلى المناطق التى تسيطر عليها جماعة بوكوحرام النيجيرية، لشن مزيد من الهجمات فى شمال نيجيريا.
النيجر.. نظام أمني هش وفساد وتوغل لـ«القاعدة»
هناك تقارب بين تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى وبين جماعة أنصار الدين وكذلك جماعة بوكوحرام مع الطوارق فى المنطقة، ليشكلون معاً حزاماً يلتف حول مالى ويهدد سيطرة الدول الغربية على المنطقة ونهب ثرواتها ودعمها الميليشيات المسيحية هناك، ويهدد كذلك بانتشار رقعة المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية لتصل إلى قطاع يمتد بعرض منطقة الساحل أفريقى وصولاً إلى غرب أفريقيا.
كما تخشى سلطات النيجر، التى لديها خمسمائة جندى فى شمال مالى، انتقال الصراع إليها أيضاً بعد اشتراكها مع الجيش الفرنسى فى حرب مسلحى مالي، فالنيجر فيها سكان من الطوارق يمثلون 9٪ من السكان البالغ عددهم 15 مليون نسمة وشنوا عدة انتفاضات فى البلاد، بالرغم من عقد اتفاقات سلام معهم من حكومتى النيجر ومالى، وتخشى النيجر قيام ثورة داخلية فى أعقاب عمليات الذبح التى شنتها العناصر الأفريقية ضد الطوارق فور دخول الجيش الفرنسى معاقلهم فى مالي، لذا قامت بتشديد الحراسة على المنشآت الحيوية والسفارات الأجنبية وكذلك على حدودها مع مالى البالغ طولها 800 كيلومتر.
وقد شهدت العاصمة نيامى هى الأخرى حالات اختطاف لفرنسيين، سواء من السياح أو من العاملين فى منجم اليورانيوم الذى تديره المجموعة النووية الفرنسية «أريفا» فى مدينة أرليت بشمال البلاد، وهو منجم معزول داخل الصحراء ويمثل الدخل الأساسى للنيجر، فيما لاتزال القاعدة فى المغرب الإسلامى تحتجز أربعة من الفرنسيين المختطفين حتى الآن.
تونس.. دولة ضعيفة وثورة مسروقة ومحاولات توغل لـ«القاعدة»
تعد تونس التى توصف بأنها مهد الربيع العربى الذى انطلق أواخر العام 2010 من أبرز الدول التى تعيش معركة مع الحركات الدينية، فمنذ انهيار نظام زين العابدين بن على فى يناير 2011، وباتت الكلمة الأولى فى البلاد لحركة «النهضة» التى يحسبها المراقبون على جماعة الإخوان المسلمين فى تونس، والتى اتهمتها المعارضة اليسارية والليبرالية بسرقة «ثورة الياسمين».
ودخل الجانبان فى استعراض قوة بالشوارع كاد أن يؤدى لحرب أهلية بعد اغتيال عضوين بارزين من اليسار مما دفع لحوار وطنى انتهى بالتوافق على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الجارى، فيما توغلت بالفعل القاعدة عبر تنظيم أنصار الشريعة عبر الحدود مع الجزائر وتحصنت فى جبل الشعانبي جنوب غرب البلاد ويشنون هجمات دموية آخرها قبل أيام حيث تمكنوا من قتل 14 جندياً تونسياً.
لبنان.. حروب أهلية وتصاعد النفوذ الشيعي الإيراني
الحرب الأهلية اللبنانية هي حرب دموية وصراع معقد دامت لأكثر من 16 عاما و7 أشهر في لبنان (13 إبريل 1975- 13 أكتوبر 1990).
وتعود جذوره للصراعات في فترة الانتداب الفرنسى على لبنان وسوريا، وعاد ليثور بسبب التغير الديمغرافى في لبنان والنزاع الديني الإسلامي- المسيحي والدرزي، وكذلك التقارب مع سوريا، والنفوذ الإيرانى بدعم وتسليح حزب الله.
في المقابل توغلت القاعدة عبر «جبهة النصرة في لبنان» وبدأت تشكيل جماعات مسلحة تقوم بعمليات وتفجيرات انتحارية ضد هيئات تابعة للجيش ولحزب الله يما يجعل لبنان في قلب معركة من أجل البقاء.
نيجيريا.. نظام أمني هش وفساد وصراع طوائف وتوغل لـ«القاعدة»
عادت جماعة «بوكو حرام» النيجيرية من جديد إلى ساحة الأحداث، بقيامها ببعض العمليات القوية داخل الأراضى النيجيرية، استهدفت من خلالها العديد من رجال الشرطة والكنائس، وبعض الشخصيات المهمة، ومئات الفتيات إضافة إلى اعتدائها على العديد من مؤسسات الدولة، عقب اشتباكات عنيفة مع الحكومة فى شمال البلاد.
لقد أثارت العمليات القوية التى تقوم بها جماعة بوكو حرام قلق دول الجوار، إضافة إلى الدول صاحبة المصالح الاقتصادية والنفطية فى نيجيريا، وذلك بسبب الخوف من حدوث تحالف مستقبلى بين حركة الإصلاح بدلتا النيجر وجماعة بوكو حرام فى الشمال، مما يؤدى إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية فى مناطق إنتاج النفط، حيث إن نيجيريا تمتلك أكثر من 2.6% من احتياطيات النفط العالمية، وهو ما دفع المراقبين للتعبير عن خوفهم من أن تتحول المنطقة إلى معقل للجماعات المسلحة، مشيرين إلى أن الفساد والفقر المستشرى فى غرب أفريقيا يوفران تربة خصبة للإرهاب.
تعد جماعة بوكو حرام النيجيرية أحد نماذج القاعدة المنتشرة حالياً فى مناطق متعددة من العالم، وتعد ولاية بورنو فى شمال نيجيريا معقلها الأساسى وتمتد إلى ولاياتى ويوبى وأداماوا، فضلا عن تمكنها من التسلل عبر الحدود إلى الكاميرون وشنت مؤخرا عدة عمليات إرهابية دفعت إلى انتقادات شديدة للنظام الأمنى الكاميرونى.
وجماعة بوكو حرام - التى يعنى اسمها «التعليم الغربى حرام» - تنظيم يتركز فى شمال نيجيريا ظهر عام 2003، وبرز عام 2009 عندما دخل فى اشتباكات دامية مع الأمن قتل فيها نحو ثمانمائة شخص، بينهم زعيم الجماعة.
مصر.. إحباط النموذجين الجزائري والسوري وصد لتوغل «القاعدة» بسيناء
بعد ثورة يناير 2011 وتراخى القبضة الأمنية حذرت مراكز بحثية من أن مصر على وشك الوقوع في براثن النموذجين الجزائرى أو السوري، خاصة مع تزايد نفوذ جماعات مسلحة محسوبة على القاعدة في سيناء على الحدود.
وقد اتهم تقرير المركز الإقليمى للدراسات في القاهرة، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، بأنها تسعى إلى استنساخ نموذج جزائرى في مصر، يقوم على فرض حالة من التوتر والعنف بين الأجهزة الأمنية وبعض الجماعات الجهادية، لا سيما «أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر» في المناطق الطرفية والحدودية، خاصة في سيناء، بحيث تخرج تلك المناطق نسبياً عن سيطرة الدولة، لكن عدم توافر البيئة القاعدية الحاضنة والمقومات الرئيسية لهذا النموذج في الحالة المصرية يحول دون استنساخه رغم الجهود التي تبذلها تلك الجماعات في هذا السياق.
وكانت دراسة لمعهد «هايدلبرج» الألمانى للشؤون الاستراتيجية قد حذر من تحول دول بالربيع العربى وبينها مصر إلى النموذج السورى، وقال تحت عنوان «مقياس الصراع في 2013» إن النزاعات وصلت إلى معنى لم يعد يقتصر على الحرب بين دولتين ولكن وصل للحرب بين أجزاء الدولة الواحدة مما يزيد من خطر التفتت على أسس طائفية وعرقية ودينية.
ويكشف الاعتداء الإرهابى الأثيم على الجنود الصائمين في واحة الفرافرة بالوادى الجديد خطورة التحدى الأمنى الذي تواجهه مصر.
الجزائر.. تجاوز 10 سنوات من الحرب الأهلية
تجاوزت الجزائر محنة 10 سنوات من الحرب الأهلية، ولكنها تواجه تحديات أمنية كبيرة لمحاولة التصدى لتوغل تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى والذى تمكن يناير العام الماضى، بالتعاون مع مليشيات مسلحة من مالى بمهاجمة موقع عين أميناس للغاز والذى شهد مذبحة راح ضحيتها 37 أجنبياً و29 خاطفاً، وأثبتت العملية فشل تكتيكات الدول المجاورة لمالى فى التعامل مع عمليات الاختطاف المسلحة، ووصفت الصحافة الغربية العملية بأنها كارثة، ومن المتوقع أن تحدث عمليات مشابهة فى كل الدول المجاورة لمالي، ما ينذر بتحول المنطقة برمتها إلى فوهة بركان وحرب عصابات طويلة الأمد كانت تخشى فرنسا منذ فترة مواجهتها.
وشدد الجزائر من قبضتها الأمنية، لا يكاد يمر يوم دون إعلان وزارة الداخلية عن قبضها على مجموعات أو عناصر متورطة فى التخطيط أو المشاركة فى عمليات إرهابية.
واتفقت الجزائر وتونس على شن عملية عسكرية مشتركة، على الحدود بين البلدين لتتبع الجماعات الإرهابية التى تنشط فى الجبال الواقعة على الحدود يشارك فيها 14 ألف جندى، فيما يعيش الجيش المغربي، أيضا على طول الشريط الحدودى مع الجزائر، حالة من الاستنفار القصوى خوفا من تسلل إرهابيين محتملين من الجزائر لتنفيذ عمليات مشابهة بعد فتح المغرب لمجاله الجوى للطائرات الفرنسية للعبور فى اتجاه مالى.
السعودية.. تشديد القبضة الأمنية وتصد لنفوذ الشيعة و«القاعدة»
بجانب التصدى لنفوذ داعش على الحدود تمكنت المملكة العربية السعودية بفضل إجراءاتها الأمنية من التصدى لمحاولات إرهابية للقاعدة لزعزعة استقرار البلاد خاصة عندما شهد عام 2009 محاولة اغتيال فاشلة للأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودية، حيث نفذها عبدالله طالع العسيرى الذى كان يشكّل الرقم 85 على قائمة المطلوبين أمنيا، واستخدم فيها تقنية الجوال فى محاولة الاغتيال الفاشلة قبل أن يقتل. وفى 5 نوفمبر 2012 كان آخر العمليات، حيث قتل اثنان من أفراد حرس الحدود فى كمين نُصب لإحدى الدوريات الأمنية بمحافظة شرورة جنوب البلاد على الحدود مع اليمن.
وقامت السعودية بإصلاحات سياسية لترتيب وراثة العرش وذلك بعد أن كثر الحديث داخل المراكز البحثية الأمريكية وبينها «ستراتفورد» الاستراتيجى فى واشنطن عن اضطرابات وشيكة للسلطة السعودية، نظراً لكبر سن القيادة السعودية الحالية.
وبجانب ذلك تصدت السعودية للنفوذ الشيعى فى الخليج وخاصة بعد أن ساورت السعودية مخاوف حقيقية من أن تصل الاضطرابات الإقليمية المحيطة بها إلى أراضيها، وبالذات اضطرابات البحرين، التى تشهد احتجاجات ضد الحكومة منذ 13 فبراير 2013، تشكل مصدر قلق خاص، خصوصاً أن هذه الاحتجاجات يقودها الشيعة فى مملكة البحرين.
حيث تخشى الرياض من تنامى النفوذ الإيرانى فى البحرين والخليج العربى عامة، لا سيما أن هناك تهديداً مباشراً للسعودية التى يشكل الشيعة 20% من مجموع سكانها، ويتركزون فى المنطقة الشمالية الشرقية الغنية بالنفط والقريبة من البحرين.
وكانت مراكز بحثية أمريكية طرحت مخططات لتقسيم السعودية بسبب المذهبيَّة والقبليَّة، إلى 5 دوليات، «وهابستان» فى الوسط، وأخرَى فى الغرب تضمُّ مكة والمدينة وجدة، ودويلة فى الجنوب، وأخرى فى الشرق مع الدمام، إلى جانب دويلَة أخرَى فى الشمَال. ولكن التواجد العسكرى السعودى فى البحرين لدعم المملكة فى مواجهة الاحتجاجات التى يقودها الشيعة فيها أحبط، بحسب مراقبين، مخططات التقسيم الأمريكية.
أمريكا وإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد
أعلنت هيلارى كلينتون، حينما كانت فى منصب وزيرة الخارجية الأمريكية فى مقال لها بمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية أن القرن الأمريكى الجديد هو قرن المحيط الباسيفيكى مؤذنة بذلك للتوجه الأمريكى نحو آسيا والمحيط الهادى