إجراء الانتخابات البرلمانية خطوة ضرورية لاستكمال خارطة الطريق التى أعلن عنها السيسى بعد الإطاحة بمرسى وجماعته. وبغض النظر عن النتائج التى ستسفر عنها تلك الانتخابات فإنها مطلوبة لذاتها، فضلًا على كونها رسالة ذات دلالة للعالم الخارجى بأننا فى مصر نسير على طريق التحول الديمقراطى، وإنهاء مرحلة الشرعية الثورية، وتأسيس شرعية دستورية وقانونية، تتضمن أن يقوم ممثلو الشعب بوظائفهم فى الرقابة والتشريع. ولاشك أن وجود برلمان منتخب إلى جانب رئيس منتخب بأغلبية كبيرة من شأنه أن يؤكد حقيقة أن الشعب فجّر موجته الثورية الثانية ضد حكم مرسى والإخوان، وقد تدخل الجيش حقنًا لدماء المصريين، وحفاظًا على كيان الدولة وأمنها القومى، لذلك فإن ما يتردد من شائعات أو تسريبات حول تأجيل الانتخابات البرلمانية أمر خطير لأنها تصب فى مصلحة الإخوان وحلفائهم، وتعرقل مسيرة 30 يونيو، وخطاب الرئيس السيسى الذى يؤكد ضرورة استكمال خارطة الطريق ودولة المؤسسات. وأظن أن السيسى لا يرغب فى أن يجمع بين قيادة الدولة وسلطة التشريع التى انتقلت إليه نتيجة عدم وجود برلمان منتخب، وأنا واثق تمامًا أن السيسى يريد أن يخفف من السلطات الملقاة على عاتقه، ويوسع من دائرة التشريع، بحيث يشاركه المسؤولية برلمان منتخب يمثل كل المصريين.. من هنا لابد للسيسى أو حكومته من نفى هذه الشائعات، والإعلان عن موعد محدد ونهائى لفتح باب الترشيح للبرلمان الجديد. وهنا لى ملاحظتان، الأولى أن الدستور ينص فى المادة 230 من الدستور على إجراء الانتخابات البرلمانية فى مدة لاتجاوز 6 أشهر من إقرار الدستور، ولما اقتربت المهلة من الانقضاء، لجأ أعضاء لجنة إعداد قانون الانتخابات إلى القول بأن تشكيل لجنة الانتخابات يعتبر بداية فى إجراءات الانتخابات، وهو تفسير ضعيف وغير منطقى، سمح- للأسف- بتأجيل الانتخابات لأكثر من ستة أشهر على إقرار الدستور، والخوف أن تطول مدة التأجيل تحت دعوى أن اللجنة تواصل عملها فى ترتيب إجراءات الانتخابات، وبالتالى قد تؤجل الانتخابات سنة أو أكثر تحت دعوى أن اللجنة ما تزال تعمل وتعمل.. وتجتمع وتجتمع.. لترتيب إجراء الانتخابات البرلمانية! الملاحظة الثانية أن خارطة الطريق الأصلية التى أعلنها السيسى فى 3 يوليو 2013 كانت تنص على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الانتخابات الرئاسية، لكن الرئيس عدلى منصور قد بدل هذا الترتيب بعد مطالبات من القوى السياسية، وبعد حوار مجتمعى شكلى ومقصور، حيث لم يُمثل فيه كثير من الفاعليات والأصوات المعارضة لتعديل خارطة الطريق الأصلية التى أقرها ملايين المصريين، وكان من الأفضل احترام إرادة الملايين، ورفض مماحكات ومطالب نخبة سياسية أثبتت فشلها وانتهازيتها فى كثير من المواقف. الخلاصة، لا يمكن قبول تأجيل الانتخابات البرلمانية مهما كانت الحجج والأسباب.. نعم الأحزاب ضعيفة، وغير قادرة على بناء تحالفات انتخابية، لكن هذا الوضع لن يؤدى لفوز الإخوان أو السلفيين بالأغلبية، لأن الشعب المصرى كشف زيف خطاب الإخوان ومحدودية وسذاجة الخطاب السياسى للسلفيين.. لقد وعى شعبنا العظيم أن الدين والتدين شىء، والسياسة شىء آخر، وأن الدين لا يتفق مع السياسة، بل يفسدها كما تفسد السياسة المتدينين والمتأسلمين!.. شعبنا لن ينتخب الإخوان وحلفاءهم، قد ينتخب ممثلى الأحزاب المدنية أو الثوار أو الفلول، لكنه لن ينتخب أصحاب الفكر والفعل الإرهابى. أخيرًا شعبنا وشرطتنا وجيشنا قادرون على تحقيق الاستقرار اللازم لإجراء الانتخابات، تمامًا.