مرة أخري يتصدر شارع محمد محمود المشهد بأحداث مؤسفة, خلال إحياء الذكري الأولي لسقوط عشرات الشهداء
في نفس المكان قبل عام, حتي أن الاسم بات مقترنا في الأذهان بنزيف الدماء, وقنابل الغاز المسيل للدموع, وزجاجات المولوتوف, وتبادل قذف الحجارة بين المتظاهرين وقوات الأمن المكلفة بتأمين وزارة الداخلية. ولا خلاف حول احقية القوي السياسية والمدنية في تنظيم المظاهرات والمسيرات الداعية للقصاص لدماء الشهداء الذين سقطوا في محمد محمود وغيره من شوارع مصر وميادينها, غير أن الإشكالية تتعلق بالإصرار غير المبرر علي مهاجمة وزارة الداخلية والدخول في معركة عبثية مع قوات الشرطة لا يمكن العثور علي تفسير منطقي مقنع لها. كما لا يوجد تفسير لانخراط عناصر مجهولة الهوية والتوجه في إحراق مدارس واستوديوهات قنوات فضائية, وتلك تصرفات تثير الريبة والشك في نفوس الغيورين علي هذا البلد.
فمثل هذه الوقائع لا ينتج عنها سوي المزيد من الشقاق والتصدع في الجبهة الداخلية التي تعاني بالأساس من الانقسام والتفسخ, وغني عن البيان والتفصيل أن ذلك يؤدي بالضرورة لنتائج وخيمة ويعوق محاولات صياغة مستقبل أفضل لمصر المحتاجة وبشدة للتوافق والتفاف الجميع من أفراد ومؤسسات حول هدف بناء مصر الجديدة. كما أنها لن تسفر ـ كما يظنون ـ عن تطهير جهاز الشرطة من أدران لحقت به جراء سياسات نظام كان لا يهتم إلا بأمن الحاكم وحاشيته, كما انه ليس من مصلحة البلاد إضعاف جهاز الأمن أو الكيد لإسقاطه. إن من واجب القوي السياسية والدينية المؤثرة التحدث مع المحتشدين في محمد محمود وافهماهم أن الاقتتال الداخلي لا يثمر سوي ضغائن وأحقاد تستدعي العمل لسنوات متعاقبة لإزالة رواسبها وأثارها المريرة.
الرئيسية 
