المجتمع الدولى «المتحضر» ــ وهذا وصف للتندر بالطبع ــ لم يكفه ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى والمشردين؛ ولم تكفه أشلاء أطفال المدارس وجثث العجائز القابعات فى دورهن؛ وما كفاه تدمير أحياء كاملة بكل قاطنيها؛ لم يكفه كل ذلك ليحرك ساكنا.. ولسان حاله: هل من مزيد؟
ولم يكف الأمم المتحدة شهادة موظفيها المذيلة بالدم والدموع على استهداف الهجوم الإسرائيلى الوحشى مقرات آوت أطفالا ونساء؛ واختلط غبار بقاياها بأشلاء الضحايا؛ لم يكفها ذلك لتعلن على الملأ إجرام الصهاينة وتحشد العالم لا أقول لردع إسرائيل بل على الأقل حتى لتوقيع عقوبات اقتصادية عليها أو لمجرد التلويح بها.
وبالطبع لم يهتز للأمريكيين أو للأوربيين جفن ودماء الأبرياء تجرى أنهارا؛ بل ولا يبدو لهم فى القريب إلا مزيد ظمأ؛ فليست هذه فصيلة الدماء التى تُحرك لها الأساطيل أو تُسير لها الجيوش؛ لا... ولا هى حتى التى يُستنكر سفكها أو يُهرول لحقنها؛ هى فصيلة دماء رخيصة لم تمتزج بـ«نفط» ولا «يورانيوم»؛ وقد سالت قبل ذلك أنهارا ولم يتغير شىء... فمن يهتم؟
ومن العرب «صهاينة» أيضا؛ منتكسو الفطرة وفاقدو التمييز يقولون بدورهم هل من مزيد؟ أعماهم الحقد وضللتهم العقائد المختلة ودفعهم الغباء إلى شماتة جنونية لم ير لها التاريخ مثيلا ولا فى عوالم الضوارى خسيسة الطباع من الذئاب والضباع.. يحسبون أنهم على شىء؛ سواء كانوا إعلاميين أم ساسة ومفكرين ولا يدرون أى مستنقع آسن استوعبتهم أعماقه.
و«متاجرون» بالقضية اشعلوا الدنيا فى العام ٢٠٠٦ ورددت جنبات الكون حينها أصداء عوائهم؛ تذبح اليوم «غزة» من الوريد إلى الوريد للمرة الثالثة بحضرتهم؛ وما ثم إلا صمت القبور.. معذرة ليس صمت القبور؛ بل هى قعقعة السلاح ورائحة البارود لكن هناك فى سوريا مصوبة إلى صدور الثوار؛ أو فى العراق ناهشة فى ما تبقى من مقدراته.. هؤلاء أيضا يقولون لدمائنا هل من مزيد؟
ومعهم محتكرو إسلام ينزعونه عن كل مخالفيه؛ دماء الشهداء وقود يدفع محركات بحثهم عن «دنيا» سُرقت منهم.. سواء عمدوا أم لم يعمدوا يقولون هل من مزيد؟
ترى هل ستفاجئنا النتيجة لو افترضنا «سيناريو» تخيليا للأوضاع الحالية إذا ما عُكست لتتبادل إسرائيل المواقع مع ضحاياها لتصبح هى صاحبة الألف قتيل من المدنيين أو يزيدون؟