من يعد إلى الحديث الطويل الذى انفردت به «المصرى اليوم» مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى يقرأ أنه قبل إعلان البيان الذى أعطى السيسى فيه الرياسة والمعارضة مهلة سبعة أيام للوصول إلى توافق حتى لا تنجرف البلاد إلى طريق العنف، فإنه أطلع الرئيس مرسى فى ذلك الوقت على تفاصيل الاتفاق حيث كان يلتقى به كثيرا ويطلعه على كل شىء، وهو ماجعل السيسى يؤكد أكثر من مرة أنه لم يكن يتآمر أو يخون بل كان يتعامل بشرف مؤكدا «أن من يقوم بانقلاب لا يتكلم مع أحد بل يفاجئ به الآخر».
ويحكى السيسى أنه وسط هذه الأزمة اتصل به الدكتور سعد الكتاتنى وطلب اللقاء به هو وخيرت الشاطر للتفاوض حول الأزمة. وتم اللقاء يوم الثلاثاء 25 يونيو. «واستمعت إليهما» ـ والكلام على لسان السيسى: وبلا مبالغة استمر خيرت الشاطر يتحدث لمدة 45 دقيقة ويتوعد بأعمال إرهابية وأعمال عنف وقتل من جانب جماعات إسلامية لا يستطيع هو ولا جماعة الإخوان السيطرة عليها، موجودة فى سيناء وفى الوادى وبعضها لايعرفه، ستجىء من دول عربية. مضيفا أنه إذا ترك الرئيس مرسى منصبه فستنطلق هذه الجماعات وتقتل، وأن أحدا لن يقدر على أن يسيطر عليها، وهو ما معناه اقتتال شديد مع التيارات الإسلامية الأخرى الموجودة والتى تمتلك أسلحة جاءت من ليبيا وعبر الحدود.
وحسب وصف الفريق السيسى فقد استفزه كلام خيرت الشاطر «بشكل غير مسبوق فى حياته» مما جعله يرد عليه بعنف وغضب أخرس الشاطر، وجعل سعد الكتاتنى يتدخل محاولا تلطيف حرارة الجو الذى التهب.
ومن يعد قراءة كلام خيرت الشاطر يجد أنه إن دل على شىء فعلى أننا لم نكن نتعامل مع جماعة متدينة تدعو للإسلام كما تقول أو أنها تمارس السياسة بمفهومها الحقيقى: يوم فى الحكم وآخر فى المعارضة كما فى كل الدنيا، وإنما كان الحكم أمرا آخر لا علاقة له بالدين الذى تتحدث عنه وإنما كان بالنسبة لها غنائم استولت عليها ولن تسمح لأحد بأن يأخذه منه بصرف النظر عن الديمقراطية أو الانتخابات أو أى اعتبار آخر مما جعل البعض يقول بحق إن الإخوان استخدموا الديمقراطية سلما يصلون به إلى الحكم، وبعد وصولهم سحبوا السلم وأخذوه معهم حتى لا يستطيع أحد الصعود عليه بعدهم.
والمعنى الأخطر أننا كنا أمام عصابة دولية مسلحة أو بمعنى آخر تنظيم دولى سلاحه الإرهاب، وهو ماجعل الإخوان يقولون إنهم جاؤا ليستمروا 500 سنة وهو الرقم القريب من فترة الإمبراطورية العثمانية، على أساس أنهم جزء من مؤامرة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى يحول دول المنطقة إلى دويلات يسهل على إسرائيل التعايش داخلها وإنهاء القضية الفلسطينية، وهو ما جعل أمريكا تصاب بحالة ذهول من مفاجأة ثورة 30 يونيو التى كشفت بغير قصد أبعاد المؤامرة وأسقطت المشروع.
ورغم أن مرسى أطلق خلال حملته الانتخابية قبل وبعد ترشحه وعودا كثيرة مثل مشروع النهضة الذى سيغير وجه مصر ويحولها إلى نعيم ومثل «سأكون رئيسا لكل المصريي » ومثل حل مشاكل المرور والنظافة والطاقة ورغيف الخبز والكهرباء فى مائة يوم، إلا أن وعدا واحدا لم يتحقق فقد اختفى مشروع النهضة ولم يعد يرد على لسان مسؤول، وكأن الفريق أحمد شفيق هو الذى وعد به واختفى بعدم نجاحه، بينما زادت المشاكل التى وعد مرسى بحلها فى مائة يوم، ووصل الاستخفاف بالعقول عندما وقف مرسى يعلن فى إحدى خطبه أن سبب أزمة انقطاع الكهرباء «ورقة بعشرين جنيه» أعطاها واحد من الفلول لعامل الكهرباء «فرفع سكينة الكهرباء وذهب إلى بيته فساد الظلام»، أما نوعية حكمه فقد كانت فقط لأهله وعشيرته!
فى كل ذلك لم يصدق الإخوان وإنما كان الأمر الوحيد الذى صدقوا فيه أعمال الإرهاب والعنف والقتل التى حذر منها خيرت الشاطر فى حديثه مع السيسى وهى الأعمال التى أصبحنا نواجهها ولا يستطيع الإخوان مهما جادلوا أو حاولوا غسل أيديهم منها. ورغم مرارتها ومعاناتنا معها إلا أنها تؤكد أنه مهما كان الثمن الذى يمكن أن ندفعه اليوم، هو بالتأكيد أقل كثيرا جدا مما كان سيكون لو أنهم استمروا فى الحكم ثلاث أو أربع سنوات. ويكفى أن مخطط السنة الثانية من حكمهم كان يتضمن أخونة القضاء والشرطة والإعلام والثقافة والمحليات. وهو ما يجعلنا نؤمن بأن ماحدث فى 30 يونيو كان أقوى من الإخوان وحتى من المصريين أنفسهم، وأنه كان إرادة إلهية لا يستطيع بشر أو قوة أن تمنعها.