دعونا نبدأ لنرى: أقرب بداية هى" نعم" للدستور، ثم – والأمر لله – أهلا بالسيسى، أقولها بصعوبة وحذر بعدما تعودنا ما تعودناه خلال ثلاثين سنة، بل ستين، ثم خلال ثلاث سنوات (أو ثلاثة قرون! أو ثلاثين) هى بداية جديدة: تُحمِّلنا مسئولية أكبر من مجرد بداية 25 يناير.
تعودنا خلال هذه المدة، وقبلها كل تلك المدد، أن نقدس الرئيس، ثم ننفخ فيه، ونستغله، ونعتمد عليه، ونتبعه، ونطالبه بالمطالب الشخصية والفئوية والسلامية (من السلام) والكوادرية (من الكادر) دون المشاركة لتوفير أدواتها أو الصبر على توقيت تحقيقها، فإن لم يسارع بالوفاء بكل ذلك فإننا، نحذر منه ثم نشكك فيه ثم نكرهه، ثم نخلعه، إن لم يخلعه الموت أو القتل، بعد ثلاثين سنة أو ثلاثة أشهر، أو سنة بالصلاة على النبى، ثم نندم على خلعه، وقد نحبه بأثر رجعى وهكذا: كلاكيت سابع عشرة مرة!! هل تريدون للسيسى هذا النص (سكريبت)؟ ربنا يستر!
كتبت هنا مقالا عن الفريق السيسى له ولمصر وللناس، جاءت بدايته هكذا: أنت شجاع يا سيادة الفريق.. "قد وضعت رأسك ورأس من معك يوم 3 يوليو 2013 على كفك وتقدمت الصفوف.. إلخ". ثم اقترحت بحب وإخلاص أن يخلع منظاره الأسود ولو فى الأماكن الظليلة والمغطاة، وأنهيت المقال قائلا: هل وصلك يا سيادة الفريق كم هو مهم أن نقرأ عينيك كما تقرأ قلوبنا إن استطعت بإذن الله، أنت مصرى، شجاع، طيب، بسيط، فلاح.. فلا تجعل هذه النظارة توصل لنا "غير ذلك".
التعقيبات التى جاءتنى على هذا المقال تحتاج إلى وقفة: وهى ما بين التصفيق والتوبيخ، وعموما فقد أضاف الكثيرون مديحا لم ينقص المقال: مثل أن "السيسى قائد عظيم مخلص ووطنى ومتدين" (وهل أنا قلت غير ذلك؟ )، السيسى أنقذ البلد (وهل أنا اعترضت؟) "هوّ عاجبنا بأى شكل حتى لو لبس جلابية" (وأنا موافق حتى على القميص النصف كم؟) كما جاءنى بالإنجليزية ما معناه "ارفع يدك عن السيسى وخليك فى الطب بتاعك أنت لست طبيبه، وقد تخطيتَ الحدود"، وأيضا: "نظارة السيسى السوداء مع البدلة العسكرية أصبحت عشقا للمصريين" (أى والله العظيم!!).
أكتفى اليوم بهذه العينات دون تعليق، فالتصويت على الدستور يقترب واحتمال ترشيح هذا المصرى العادى الشجاع يقترب، وليس عندى بديل واضح المعالم، بالرغم من تلويح أحمد شفيق ومؤيدى مبارك (أعنى مؤيديه فقد اختلط الأمر علىّ مثلما اختلط عليهم !)، والصباحى يسوق الدلال ومعالم وجهه تفضحه، وعنان يسيل لعابه، وأبو الفتوح يجهز نفسه، وآخرون لا أعرفهم، إذن ماذا؟
يا عمنا السيسى (وأنا أكبر منك بربع قرن) شكرا على ما فعلت، وأهلا بك رئيسا، إبدأ يا إبنى بخلع منظارك وضعه بجوارك لتنظر فى عيون وقلوب الواثقين بك، الآملين فيك، المحبيين لبلدهم / بلدك، أنار الله بصيرتك، وسوف ترى بوضوح دائم وجلاء تام: أن إسرائيل وكل من وراءها هم الأعداء الدائمين، وهم يزدادون عداوة كلما زِادْنا وعيا ويقظة، وأن أمريكا ليست إلا إسرائيل على بعد أعمق ولؤم أنذل، وأنه ليس لها هم إلا أمن إسرائيل أما أمننا نحن، حتى الأمن الغذائى فلا يهمها إلا أن تبقينا أحياء حتى نصبح عبيدا لها ووقودا لآلتها المالية المفترسة.
المستقبل يا ابنى للأقوى وجيشنا بكم هو كذلك، وبوليسنا استعاد كرامته ففاعليته،التعليم قوة، والعمل قوة، والإبداع قوة، والإنتاج قوة، فلا تنخدع يا سيدى بالأصوات العالية ولا تخشاها، ولا تستعجل القرارات ولا تواصل الرشاوى دون رصيد، لا ترشونا يا سيدى بأى شىء من أول درجات الثانوية العامة، حتى الكادر إلا مقابل عمل أكثر، وإنتاج أوفر أنت تعرف يا ابنى أن المستضعفين هم الأولى بالرعاية لكن عليك أن تثق فيهم لأنهم هم هم الأقدر على حب مصر والصبر من أجلها على شرط أن يعود عليهم خيرها، بالعدل المطلق، عليك أن تواصل رعايتك ودعمك للذين ضحوا من أجلنا جيشا وشرطة، "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ"، وأن تتذكر أن الإخوان المسلمين (لا جماعتهم ولا حزبهم) هم مصريون مسلمون أيضا وهم يحتاجون العدل والهداية مهما تصوروا أنهم أدرى بهما.
مرة أخرى: سبيلنا هو الاستقلال الاقتصادى الحقيقى المتنامى بالتعاون مع كل من هو مثلنا أو يسير فى اتجاهنا، مع كل الحذر من غواية البنوك وألعاب الدولار وبالقروض ونكوص الاعتمادية، هذا عن الخارج، أما الداخل فلن يتماسك إلا بالعدل والتعليم والإنتاج والأمن جدا.
ثم دعنى أختم بدعاء أمى: أن يجعل الله لك فى كل خطوة سلامة، ثم أكمل: وفى كل كلمة خير، وفى كل قرار عدل، وفى كل خطة توفيق، وفى كل خصومة نقد بناء لمصر، ولك، ولعلاقتك بربنا، وبنا.
وسوف يستجيب الله دعاءنا، فهو سبحانه - الذى وعدنا بذلك إن أخلصنا الدعاء والعمل.