ماذا لو سقط الدستور فى الاستفتاء.. الذين قالوا «لا» أكثر أو مثل من قالوا «نعم».. ما الحل؟ وهذا وارد.. بل وارد جداً؟
لو حدث هذا تبقى «بركة يا جامع» لعدة أسباب.. أولها وأهمها أن هذا الدستور لا يليق باسم مصر الدولة الديمقراطية المسلمة صاحبة أقدم دستور فى القارة الأفريقية والشرق الأوسط.. دستور مواده تزيد على 240 مادة.. كل مادة فى عدة أسطر.. مهزلة لا تليق باسم مصر.. بل هذا هو سبب الخلاف المحتدم الآن!
الدستور يا سادة عبارة عن «قاعدة قانونية أبدية لا يصح مخالفتها بأى شكل أو بأى قرارات أو قوانين أو لوائح».. هذه القاعدة فى الدول العريقة وغير العريقة.. فى الدول المتقدمة والمتخلفة بل شديدة التخلف.. فى الدول النامية والدول النايمة! الدستور لا يزيد على عشرين مادة أو أكثر قليلاً ليرسم نظام الدولة وهويتها، ثم النص على مختلف الحريات بعبارات لا تزيد على سطر واحد، ويترك الدستور للقوانين أن تفسر وتنص على كل التفاصيل.. ذلك لأن القوانين من السهل إلغاؤها أو تعديلها أو الإضافة عليها، ولكن الدستور هو «أساس الدولة مثل أساس العمارة» من الصعب تغييره أو مجرد المساس به وإلا وقعت العمارة بمن فيها!
هكذا تعلمنا من أستاذ الأساتذة الدكتور سيد صبرى، أستاذ القانون الدستورى بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول، طوال الأربعينيات والخمسينيات.
كان دستور 1923 محل نقد لأنه يحوى 170 مادة!! وكان يلتمس الدكتور سيد صبرى العذر للجنة التى وضعته بأنها تضع دستوراً لأول مرة فى هذا الجزء الأسفل من الكرة الأرضية!! ثم هو أول دستور لدولة نالت استقلالها، فكان لابد من وضع النقاط على كل الحروف، ومع ذلك لم تسلم هذه اللجنة من النقد.. حتى تمت تسميتها بـ«لجنة الأشقياء»!!
■ ■ ■
ثم لا ننسى أن الاستفتاء لن يكون موضوعياً وعن دراسة.. كل الذين سيدلون بأصواتهم لن يقرأوا الدستور ولن يتخذوا رأياً مدروساً، بل كل حسب هواه!! الفلاحون والعمال غاضبون فلن يقولوا «نعم»، عدد من رجال القضاء والمحامين غاضبون ولن يعطوا أصواتهم للدستور.. وهكذا استفتاء على طريقة الانتخابات البرلمانية فى الأرياف.. العصبية والقبلية هى الأساس!
■ ■ ■
ولكن يجب ألا ننزعج إذا لم يفز الدستور بموافقة الشعب.. فالحل سهل ومعروف.. وهو تشكيل لجنة أخرى لوضع دستور جديد.
فى هذه الحالة.. أرجو.. أرجو.. أرجو.. أن يضع الدستور الجديد لجنة مصغرة من رجال القانون الدستورى الكبار، لنحظى بدستور يليق باسم مصر، ولن يكون محل أى خلاف لأنه لن يدخل فى التفاصيل التى كانت سبب كل ما حدث.
■ ■ ■
هناك ميزة كبرى أخرى إذا لم ينجح الدستور فى الحصول على أغلبية الأصوات.. وهى مد الفترة الانتقالية عاماً أو أكثر.
نحن غير مؤهلين فى الوقت الحاضر لإنهاء الفترة الانتقالية والدخول فى انتخابات برلمانية يتنافس فيها آلاف من أبناء الشعب فى طول البلاد وعرضها.. وستكون فرصة لأعداء الوطن فى الداخل والخارج للخروج على القانون.. صدقونى، يجب مد الفترة الانتقالية للقضاء على الأعداء قضاء مبرماً لكى نبنى الدولة على «ميّه بيضا» بإذن الله تعالى.