أسوأ قرار يمكن أن يتخذه أى ضابط جيش هذه الأيام هى التقدم ببلاغات ضد الإعلامى الموهوب باسم يوسف، أو حتى انتقاده بعد الحلقة المثيرة للجدل لبرنامجه الناجح مساء الجمعة الماضى.
بالطبع من حق بعض قادة الجيش أن يغضبوا من بعض ما جاء فى الحلقة، ومن حقهم أن يعتبروها خارجة أو خادشة للحياء، لكن لو أنهم صعدوا الأمر إلى البلاغات والشكاوى والمحاكم فالنتيجة المنطقية الوحيدة التى ستصل إلى الناس أن محمد مرسى كان بطلا وصنديدا ومدافعا عنيدا عن حرية الرأى والتعبير، ولم يتخذ أى إجراء مباشر ضد باسم يوسف فى حين قام بعض انصاره بتقديم بلاغلات ضده تنازل مرسى عنها لاحقا.
بموضوعية شديدة فإن باسم يوسف «مرمغ» الإخوان بالنقد والسخرية منذ بدأ برنامجه، فعل معهم كل شىء، كما يليق بأى برنامج ساخر أن يفعل بأهل الحكم فى أى بلد ديمقراطى.
ما أنا متأكد منه أن الإخوان لم يكونوا يطيقون باسم وبرنامجه أو الإعلام عموما. لو كان الأمر بيدهم والأجواء مهيأة لكانوا ذبحوا كل الإعلاميين، وهو ما كانوا سيفعلونه لو استمروا فى الحكم، ورغم ذلك فإن ما حدث على الأرض أنهم لم يفعلوا وسواء كان ذلك بسبب خوفهم من رد الفعل الشعبى والمعارض أو غرامهم الطارئ بالديمقراطية وحريات التعبير فإنهم لم يفعلوا شيئا ضد باسم يوسف أو غالبية الإعلاميين.
وبالتالى فإذا قام الجيش باتخاذ إجراءات ضد باسم يوسف بصورة مباشرة أو أوعز لأطراف أخرى أن تفعل بصورة غير مباشرة فإنه سوف يسىء لنفسه كثيرا.
إذا فعل ذلك يحق للإخوان وقتها أن يقولوا انظروا: لقد انتقدنا باسم يوسف مرارا وتكرارا وكتمنا غيظنا ولم ننفعل أو نتخذ ضده أى إجراء.
يقول بعض المناصرين للجيش إن «البرنامج» تجاوز كل الحدود فيما يتعلق بالآداب العامة والتلميحات الجنسية، وإذا صح مثل هذا الكلام فالرد البسيط هو، ولماذا لم تعترضوا على مثل هذا الأمر عندما كان موجها ضد الإخوان والتيار الإسلامى؟!.
القضية قضية مبدأ ولا يمكن لها أن تتجزأ، أعذر كل من انفعل ورأى أن الحلقة احتوت على انتقادات للقوات المسلحة، رغم ان تقديرى أن ذلك ليس صحيحا، لكن العذر شىء ومطالبة البعض بامتشاق السيوف ضد باسم يوسف شىء مختلف.
هل كان باسم وطنيا وعظيما لأنه كان يهاجم الإخوان فقط ثم صار عميلا وطابورا خامسا الآن، لأنه تجرأ وانتقد بعض القيادات العسكرية؟!.
الفيصل هو القانون، وبرنامج مثل «البرنامج» لا يمكن ان نتعامل معه بمنطق الخبر الصحفى ولكن علينا أن ننظر لطبيعته الساخرة مثل الكاريكاتير وإلى السياق العام وإلى حق الجميع فى مناقشة القضايا العامة وانتقاد كل المسئولين طالما كان ذلك فى إطار القانون.
المؤسسة العسكرية على العين والرأس وما فعلته منذ 25 يناير وحتى هذه اللحظة لن ينساه الشعب، لكن من حق الإعلام أن يناقش ويجادل ويرحب وينتقد دورها السياسى مثلما كنا نفعل مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى فى إطار القانون وبما لا يمثل سبا أو قذفا او حديثا عن الاسرار العسكرية.
لو كنت مكان قادة القوات المسلحة لاتصلت بباسم يوسف وقلت له «جود لك باسم» وبعدها سينتهى الأمر.