اعتصام رابعة العدوية لن يفض خلال عام 2013..
أعلم أن هذا الخبر صادم سواء لمؤيدي مرسي أو لمعارضيه.. ولكن ذلك السيناريو الأقرب.. فتقبله.
عقب الإعلان الدستوري استمر اعتصام التحرير حوالي ثلاثة أشهر، كما أن اعتصام معارضي مرسي ما زال مستمرا بالتحرير حتى اليوم، وكذلك سيستمر اعتصام رابعة لفترة أطول كثيرا مما نتخيل.
فلماذا سيستمر الإخوان في رابعة؟
(2)
«أبويا أنا عايز الحصان يا أبويا.. هات لى الحصان من بطنه يا أبويا»
هكذا ردد الفتى في فيلم واإسلاماه.. كم كان هذا الفتى عاقلا وحكيما مقارنة بقيادات الإخوان، التي تبيع لأنصارها إمكانية عودة مرسي حال استمرار الحشد في الشارع.
التنظيم يحتاج إلى البقاء في رابعة.. فالمظاهرات تعيد إليه أنصارا سبق أن فقدهم في أوساط المتدينين من المتعاطفين مع الصمود أمام الدولة.. كما تعيد بناء الثقة في القيادة لتحظى بصورة القيادة الباسلة، التي تتحمل السجون وأولادها يقتلون في الشوارع بدلا من صورة الفشلة الأغبياء.
الآن.. يجلس كل مسؤول إخواني مع أفراد أسرته الإخوانية، ويحدثهم عن الثبات لنصرة الحق والأفراد، الذين لم يحضروا الفعالية الفلانية أو المظاهرة العلانية فلم يروا الله منهم خيرا فلم يكتب الله النصر لجنده.
هم الآن يحاسبون قواعدهم على الثبات في الأزمة بدلا من أن تحاسبهم هي عن الفشل في الحكم.
رابعة ستستمر طويلا.. لأن التنظيم يريد أن يستمر طويلا.
(3)
أسأل صديقى عضو الإخوان:
ــ دعك من موقف من نزلوا فى 30 يونيو من عودة مرسي.. السؤال كيف سيدير دوله كل مؤسساتها ضده من جيش وشرطة وقضاء وإعلام.. ما تخيلك للمستقبل؟
هز رأسه بملل كمن سمع هذا السؤال ألف مرة، وقال:
ــ والله أنا فاهمك.. لكن عندي يقين في الله.. هناك بشارات ورؤى أن الرئيس سيعود خلال رمضان.
ثم أضاف ببراءة:
ــ إحنا معانا ناس كتير ومش إخوان خالص.. تعرف إن معانا ناس بتشرب سجاير.
لم أرد، فواصل:
ــ إحنا مستعدين نموت في الميدان.. لن يفضوا اعتصامنا بالقوة.
(4)
أصدق أن اعتصام رابعة لن يستطيع أحد أن يفضه بالقوة.
المكسب الوحيد الواضح الذي خرجنا منه من الثورة هو أنه لا قوة تستطيع أن تمنع أحدا من التجمع والتظاهر والتعبير عن إرادته أمام السلطة.
اعتصام رابعة لن يفض بالقوة.. لسبب بسيط.. الاعتصامات لا تفض بالقوة.
ولمن لا يعلم اعتصامنا في التحرير فض مرتين خلال أحداث محمد محمود، وتم بالفعل إخلاء التحرير، وخلال نصف ساعة كنا نعاود دخول الميدان بمجرد انتهاء موجات الرصاص والخرطوش والغاز.
حتى حال النجاح في إخلاء رابعة بالقوة فخلال ساعات يمكن أن تتجمهر الحشود في أى ميدان مجاور.
كل ما سيحدث هو اشتباك يسفر عن مقتل عشرات ليشارك في المظاهرات بدلا منهم آلاف تعاطفا مع الدم.
(4)
لكن كيف إذن سينتهي اعتصام رابعة؟.. الإجابة ببساطة: لن ينتهي إلا مع نهاية الفترة الانتقالية.
تتصور أن التنظيم يبحث الآن عن صفقة من أجل خروج آمن لقياداته.. هذا تصور لطيف يخدم فكرة أن خصومنا جبناء.. لكن الحقيقة أن موافقة مرسي على انتخابات رئاسية مبكرة سواء مساء 30 يونيو أو حتى بعد مهلة الـ48 ساعة كانت تعني خروجا آمنا له وللجماعة والإبقاء على الدستور.
الإخوان ورئيسهم هم من رفضوا هذا الطرح.. فلا يحتل الخروج الآمن للقيادة أي أولوية لدى تنظيم صمم أصلا ليواجه القمع.
تقول يريدون الحفاظ على الوجود القانوني.. ولكن لو توقفت الآن المظاهرات يمكنهم الحصول على هذا العرض فلماذا يستمر الاعتصام؟
التنظيم لا يريد سوى أن يخرج متماسكا، لذلك لن ينهوا الاعتصام إلا بإنجاز يسوقونه لأفرادهم.
سيتم تسويق للقواعد أن الجيش كان ينوي عدم تسليم السلطة، وبصمودهم أجبروا العسكر على الرحيل، ولولا اعتصامهم لما جاء رئيس مدني منتخب آخر لمصر أبدا.
معركة مرسي خاسرة.. التنظيم سيواصل ليخلق لأفراده معركة أخرى ينتصر فيها.
(6)
الأرجح أن الإخوان سيقررون عدم الاشتراك في أي انتخابات قريبة، وبالتالي فهم من اختاروا إقصاءهم من الحالة السياسية الجديدة.
من يتحدثون عن إقصاء قانونى للحرية والعدالة هم عمليا لا يفعلون سوى أنهم يقدمون خدمة للإخوان باستبدال الإقصاء الشعبي الذي ظهر فى 30 يونيو بإقصاء تديره دولة أمنية.
ليس هناك شيء اسمه إقصاء، كما ليس هناك شيء اسمه مصالحة، هناك عدالة انتقالية تحاسب كل من تورط في الدماء منذ 25 يناير.
خطة الإخوان هى أن يتم إقصاؤهم بحظر قانوني كأيام مبارك ليخرجوا، ومعهم أكبر قدر ممكن من الجمهور المتدين من اللعبة السياسية.
تقول هذا غباء فليضربوا رأسهم في الحائط.. ولكنك تنسى أن هذه كانت خطتك أنت قبل شهر واحد لمعارضة الإخوان.. عبر إسقاط شرعية النظام بمقاطعة قطاع واسع العملية السياسية.
رعب الإخوان أن تراقب الدولة انتخاباتهم الداخلية واشتراكات الأعضاء وإجبارهم على أن يكونوا جمعية مفتوحة، وليس تنظيما يختار أفراده، خوفهم من الفصل القانونى بينهم وبين الحزب السياسي، وحظر استخدام شعارات دينية لحصد أصوات انتخابية.
لماذا يخاف الإخوان من هذا.. لأنهم عجائز. فهم لم يصلوا لإجابة خلال سنتين ونصف السنة حول كيف يحافظون على التنظيم هكذا.
الإخوان لا يريدون مواجهة جماهير ترفضهم، ولكن أمن يقمعهم، فالإخوان ليسوا في أزمة.. الإخوان هم الأزمة.
فلنحاسبهم بعدالة انتقالية.. ولنضع ضوابط قانونية لعملهم الاجتماعي والسياسي والدعوي.. ثم نتركهم بحريتهم ليتصرفوا على طبيعتهم.
تقول الحكمة: اعط خصمك الغبي حبلا وسيشنق نفسه بنفسه.. فلننفذ حكمة الصينيين مع الإخوان المسلمين.
هذا والله أعلم
الرئيسية 
