القوات المسلحة استعانت بدستوريين وسياسيين وشيخ الأزهر والبابا ورئيس حزب النور وثلاثة من تمردفي اللحظات الأخيرة طلب الإخوان مهلة يومين آخرين ولم يجدوا ردا من القيادة العسكرية.. التحفظ علي الرئيس وأسرته في مكان غير معلوم بعد نقله من الحرس الجمهوري.. الجيش يتسلم مبني التليفزيون ويؤمن مدينة الإنتاج الإعلامي والميادين والمنشآت الحيوية.. تحذير شديد إلي منظمة حماس من التدخل في شئون مصر ورقابة علي حركة الأنفاق.
في الساعة الثامنة, من مساء أمس, والجريدة ماثلة للطبع كان اجتماع مازال منعقدا دعت إليه القوات المسلحة, بدأ أعماله في الساعة الثالثة والنصف, ضم إلي جانب القيادات العسكرية كلا من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر, والبابا تواضروس بابا الإسكندرية, والدكتور محمد البرادعي مفوضا من اتحاد قوي30 يونيو, وثلاثة من أعضاء حركة تمرد, وعددا من الخبراء الدستوريين والقانونيين, وممثلين للأجهزة الأمنية, والدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور, وجلال مرة أمين عام الحزب.
وفي التاسعة مساء, ومن خلال مؤتمر صحفي موسع, حضره كل المشاركين في الاجتماع, أعلن الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي البيان الذي تم التوصل إليه, والذي تضمن نقل السلطة إلي رئيس المحكمة الدستورية العليا, الأمر الذي يعني عزل رئيس الجمهورية محمد مرسي من منصبه, حقنا للدماء, ونزولا علي إرادة الشعب. وأعقب ذلك بيانات أخري وفي الاتجاه نفسه من كل من شيخ الأزهر, والبابا تواضروس, والدكتور محمد البرادعي, ومحمود بدر ممثل حركة تمرد, بالتزامن مع بيانات من الحركات السياسية المختلفة, تؤيد بيان القوات المسلحة.
وكان الرئيس مرسي قد استشاط غضبا في التاسعة والنصف من مساء أمس الأول, حينما فوجئ بالمانشيت الرئيسي لـالأهرام يكشف عن سيناريو خريطة المستقبل للقوات المسلحة, فطلب علي الفور تسجيل خطاب مرتجل للشعب يذيعه التليفزيون المصري, وهو الخطاب الذي بدأ التليفزيون إذاعته في الحادية عشرة و35 دقيقة مساء, واستمر45 دقيقة.
وقد أثار هذا الخطاب حفيظة القوات المسلحة, التي اعتبرته تحديا صارخا, وإعلانا لمواجهة معها, ورد عليه الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع علي الصفحة الرسمية للمجلس الأعلي للقوات المسلحة بقوله: إنه أشرف لنا أن نموت من أن يروع الشعب المصري, ونقسم بالله أن نفتدي مصر وشعبها بدمائنا ضد كل إرهابي أو متطرف أو جاهل.
وعلي الفور, اتخذت القوات المسلحة مجموعة من الإجراءات, أهمها نقل الرئيس من دار الحرس الجمهوري, حيث كان يقيم, والتحفظ عليه ومعه أسرته في مكان غير معلوم, كما تم اتخاذ قرار شفهي بمنع كل قادة جماعة الإخوان المسلمين وعائلاتهم من السفر, وتم إبلاغ جميع المطارات والمواني بالقرار, كما صدر قرار آخر بمنع طائرة الرئيس من التحرك أو الإقلاع, في الوقت الذي تسلمت فيه إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة مبني التليفزيون بماسبيرو لإدارته, وقد غادر صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام المبني نهائيا حاملا متعلقاته, كما تم وضع خطة تأمين كاملة لمدينة الإنتاج الإعلامي أيضا.
وكان الرئيس محمد مرسي قد رفض عرضا بمغادرة البلاد إلي اليمن أو قطر أو تركيا, أو إلي أي جهة أخري يحددها, كما رفض إعلان التنحي بمحض إرادته, وهو الأمر الذي جعل القوات المسلحة تستعين بدستوريين وقانونيين لصياغة البيان, بالإضافة إلي كل من شيخ الأزهر والبابا, لضمان الدعم الديني, والدكتور البرادعي كنائب عن القوي السياسية, وثلاثة من أعضاء تمرد عن الشارع المصري, وذلك حتي يخرج البيان معبرا عن الأطياف المختلفة, ومدعما بالأسانيد القانونية والدستورية, وبعد مرور ساعتين من الاجتماع ـ الذي استضافه مبني عمليات القوات المسلحة ـ جاء عرض من جماعة الإخوان المسلمين, نقله أحد القادة إلي وزير الدفاع, بأن الجماعة توافق علي تنحي الرئيس والابتعاد عن الحكم, إلا أنها تطلب مهلة يومين آخرين للتشاور وتنظيم نفسها, والاستعداد للوضع الجديد, إلا أن العرض وجد رفضا جماعيا, وتصميما علي الاستمرار في الإجراءات وإعلان البيان.
وتضمن البيان تكليف رئيس المحكمة الدستورية بإدارة شئون البلاد, وتشكيل حكومة مؤقتة, وتعطيل العمل بالدستور, والإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية, في إطار خريطة مستقبل تشرف عليها وتتعهد بها القوات المسلحة.
وعلم الأهرام أن السبب وراء تأخير إذاعة البيان أمس, هو خلاف مع حزب النور, الذي كان يصر علي عدم تعطيل الدستور, حرصا منه علي بقاء النصوص الخاصة بالشريعة الإسلامية, إلا أنه تم الاتفاق في نهاية الأمر علي تعطيل العمل بالدستور مؤقتا.
وقد شهدت الساعات الأولي من صباح أمس اتصالات مكثفة من الجيش بعدد من القوي والأحزاب السياسية والائتلافات الثورية, جاءت متزامنة مع إجراءات أمنية مشددة علي الأرض, تضمنت اعتقال عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, في الوقت الذي تم فيه زيادة التأمين العسكري لسيناء, وأنفاق مدينة رفح, وإرسال تهديد واضح لحركة حماس يحذر من محاولات العبث بأمن مصر.
وكانت معلومات قد أشارت إلي دخول نحو50 سيارة بها نحو150 شخصا من الجهاديين المعروفين بأصحاب الرايات السوداء بأسلحتهم قادمين من غزة إلي سيناء مساء أمس الأول, بالتزامن مع خطاب الرئيس محمد مرسي, وطافوا بسياراتهم مع نحو ثلاثة آلاف شخص شوارع المدينة قبل أن يتوجهوا إلي جبل الحلال للانضمام إلي آخرين هناك.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين أن خريطة المستقبل التي أعدتها القوات المسلحة تعد انقلابا عسكريا علي الشرعية, قال مصدر عسكري إنه تم الاستناد إلي الشرعية الثورية في كل هذه الإجراءات, التي استهدفت بالدرجة الأولي حقن الدماء, وتحقيق إرادة الشعب.
ومن جهة أخري, أجرت القوات المسلحة طوال نهار أمس اتصالات مكثفة بعدد من العواصم الأجنبية والعربية لشرح الموقف بالتفصيل, لضمان التأييد والدعم للتطورات الجديدة, حتي لا يؤخذ الأمر علي أنه انقلاب علي الشرعية, وذلك بالتزامن مع اتصالات أخري بسفارات هذه الدول بالقاهرة, وعلم الأهرام أن هناك عواصم عربية ساعدت علي نقل وجهة النظر المصرية أيضا إلي العواصم العالمية الكبري.