أعلنت العديد من القوى الليبرالية واليسارية وحزب مصر القوية بزعامة عبد المنعم أبو الفتوح عن مشاركتها بمسيرات يوم 30 يونيو لاسقاط الرئيس محمد مرسي وسط شحن اعلامي لم يسبق له مثيل يطالب الرئيس محمد مرسي بالاستقالة.
في المقابل بدأت الحركات الاسلامية في عقد اللقاءات والمؤتمرات لدراسة هذا الحدث الذي سيلقي بتداعيات كبيرة على المشهد المصري والعربي بشكل عام، ولكن هناك تباينات في بعض مواقف التيارات الاسلامية، وربما عكس ذلك في مؤتمر الأحزاب الاسلامية قبل أسبوع الذي غاب عنه حزب النور وجماعة حازم صلاح أبو اسماعيل، وعكسته تصريحات نائب رئيس الدعوة السلفية د. ياسر برهاني بأنه في حال نزل الملايين إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط «مرسى»، سيطالب من الرئيس الاستقالة، وكان قد أعلن رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي في مؤتمر صحفي للأحزاب الاسلامية بأنهم اتفقوا علي مليونية يوم 21 يونيو وتشكيل غرفة عمليات للتنسيق ومتابعة الأحداث والفعاليات التالية.
وخرجت تصريحات أخرى من قبل تنظيم الجهاد عبر القيادى محمد أبو سمرة الذى أعلن أنه فى حال سقوط مرسى في حال تصاعدت احتجاجات 30 يونيو، فإن الجهاديين سيعلنون قيام الثورة الإسلامية وسينصبون رئيساً جديداً للبلاد يرجح أن يكون الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل مؤسس حزب الراية.
المشهد اليوم في جمهورية مصر العربية ينذر بتحول في قواعد الاشتباك السياسي لنصبح امام سيناريو الاشتباك العسكري، وهذا سيضع مصر أمام حرب أهلية، أو حسم طرف من الأطراف أو تدخل الجيش عسكرياً وبذلك انقسامه، وربما عكس ذلك ما يحدث اليوم في محيط وزارة الثقافة، وبعض المناطق بمحافظات مصر المختلفة من اشتباكات واقتحامات وعمليات انفلات أمني وحرق مقار الخ...
فما هي السيناريوهات المتوقع حدوثها يوم 30 يونيو...؟
هناك ثلاث سيناريوهات متوقعة في 30/6/2013م، ولكل سيناريو منها ما يؤكده وما ينفيه على النحو التالي:
1- سيناريو اسقاط الرئيس
يقوم هذا السيناريو على فرضية نجاح احتجاجات 30 يونيو باسقاط الرئيس محمد مرسي، عبر خروج ملايين المصريين والاعتصام بالأماكن العامة وأمام القصور الرئاسية، مما يدفع السيد محمد مرسي للاستجابة للمطالب والاعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة.
ما يؤكد هذا السيناريو
أ. خروج الملايين وحصار القصور الرئاسية واقتحام المقار الحزبية من شأنه استفزاز الحركات الاسلامية وخروجها هي الأخرى بالملايين وهذا ينذر باشتباكات كبيرة، قد تدفع الجيش للتدخل والضغط على الرئيس بالرحيل، أو الدعوة لانتخابات مبكرة.
ب. هناك جنون عظمة ينتاب النخبة السياسية في مصر.
ت. هناك قوى وطوائف تخشى من عمليات الأسلمة التدريجية أو كما يحلو للبعض تسميته (تمكين الاخوان)، وبذلك ستعمل بكل قوة لاسقاط الرئيس مرسي وحكم الاخوان.
ث. هناك دول اقليمية تدعم هذا الحراك وتعمل على اسقاط حكم الاخوان لأنه يعارض مصالحهم.
ج. الأزمات المبرمجة من قبل المتنفذين (فلول النظام السابق) في مفاصل الدولة مثل قطع التيار الكهربائي وتسريب امتحانات الثانوية العامة وأزمة البنزين والسولار والمرور والانفلات الأمني وغيرها، تهدف للحظة الانفجار والذي حددت تلك القوى موعده يوم 30 يونيو.
ما ينفي هذا السيناريو
أ. قوة التيار الاسلامي في مصر، وقدرته على حماية الشرعية الانتخابية للرئيس محمد مرسي، وقدرته على تحمل التكاليف مهما كانت.
ب. ضعف التيار الليبرالي واليساري على المواجهة والصمود لفترة زمنية طويلة.
ت. الفطرة الدينية التي يتمتع بها المواطن المصري البسيط وبذلك لن تحقق تلك الاحتجاجات نجاحاً الا في مناطق الحضر.
ث. وجود قيادة حكيمة في القوات المسلحة تدرك مخاطر انحيازها لطرف من الأطراف وكذلك مخاطر تسلمها السلطة مستفيدة من تجربة المجلس العسكري السابق، وبذلك قد تعمل تلك القوات على الفصل وحماية المؤسسات والمقار.
2- سيناريو تجاوز الأزمة
يقوم هذا السيناريو على فرضية مرور يوم 30 يونيو بشكل سلمي وتعبر الجماهير عن مطالبها ثم تعود لبيوتها، وهذا يعود لأحد احتمالين، الأول هو ضعف في الحشد الجماهيري، والثاني نابع عن ثقافة جديدة تنتهجها المعارضة تكشف قدرتها بالحشد والسيطرة على الشارع، ولكل منهما دلالاته وانعكاساته السياسية.
ما يؤكد هذا السيناريو
أ. تماسك القوات المسلحة والتي من الممكن أن تنزل للشارع وتحمي الشرعية وتمنع انزلاق الامور نحو الهاوية.
ب. بعض التصريحات لقادة ورموز اسلامية بأنهم سيتركوا شأن حماية المقار والممتلكات والمؤسسات السيادية للجيش والشرطة.
ت. ضعف القوى الليبرالية واليسارية بالشارع، وعدم قدرتهم على الحشد.
ث. قد يمتلك البعض خوف وخشية من عنفوان الاسلاميين، وبذلك انزلاق الأمور نحو الهاوية، وهذا سيهدد أصحاب المصالح والأجندات.
ما ينفي هذا السيناريو
أ. تصريحات السيد حمدين صباحي الذي اكد ان الجماهير لن تعود الى بيوتها الا منتصرة.
ب. الأحداث المتفرقة التي تسبق يوم 30 يونيو، والاشتباكات التي شهدتها بعض المناطق بين عناصر حملة تمرد وحملة تجرد، وبين شريحة المثقفين الداعمين والمعارضين لوزير الثقافة أمام وزارة الثقافة المصرية.
ت. الشحن الاعلامي الكبير، والدعم الوجستي الكبير لانجاح حملة تمرد والتي تقف خلفها قوى ليبرالية ويسارية وشخصيات تتبع للنظام السابق.
ث. أن هذا الحشد هو بمثابة فرصة أخيرة وفريدة لاسقاط الرئيس مرسي، وبذلك اسقاط المشروع الاسلامي في المنطقة العربية والاسلامية.
3- سيناريو الحرب الأهلية
هذا السيناريو يقوم على أن تتحول الاشتباكات من أستديوهات الفضائيات والصحف ومنابر المساجد إلى الشارع، ويتحول الاشتباك السياسي والاعلامي إلى اشتباك عسكري، وحينها قد ينقسم الجيش، ونكون أمام النموذج السوري أو الليبي، وتسيل الدماء في الشوارع، وهذا سيكون له انعكاس كبير على المنطقة العربية وعلى السلم والأمن العالمي، وقد يستدعي حدوث هذا السيناريو تدخل دولي، لملأ الفراغ وحماية المصالح الجيواستراتيجية الأمريكية والصهيونية، وربما أول المتضررين من هذا السيناريو هو القضية الفلسطينية على وجه العموم وقطاع غزة على وجه الخصوص.
ما يؤكد هذا السيناريو
1- التصريحات الاعلامية من قبل قادة جبهة الانقاذ وبعض تيارات الاسلام السياسي.
2- الأزمات المفتعلة بالشارع المصري تدفع به نحو الانفجار.
3- الأحداث المتلاحقة في شوارع المحافظات المصرية المختلفة وأمام وزارة الثقافة وبالقرب من فندق سيراميس.
4- تهريب السلاح المكثف من ليبيا والسودان تجاه الأراضي المصرية منذ الثورة وحتى اليوم، وهذا ما كشفت عنه قوى الامن المصرية في أكثر من مناسبة.
5- الإنفلات الامني في سيناء الخاصرة الضعيفة لمصر ورغبة بعض الدول الاقليمية وتحديداً اسرائيل برؤية مصر دولة فاشلة ومنهارة وضعيفة وهذا سيمنحها حق العودة إلى سيناء لحماية امنها القومي.
ما ينفي هذا السيناريو
أ. ادارك الشارع المصري ونخبه ومؤسساته وأحزابه خطورة هذا السيناريو وانه سيحرق الأخضر واليابس في مصر.
ب. أيضاً قد يؤثر على اسرائيل والمصالح الامريكية وتحديداً في ظل الأزمة العالمية وصعود دول عديدة في النظام الدولي، مما قد يعيد خارطة التحالفات في المنطقة بما لا يخدم المصالح الغربية.
ت. حكمة الجيش المصري وقيادته، وادراك أصحاب المصالح وجماعات الضغط بأن هذا السيناريو سيدمر مصالحهم ويقضي على طموحاتهم الاقتصادية والسياسية.
خلاصة القول: يشكل يوم 30 يونيو امتحان صعب للنخب السياسية المصرية وللشعب المصري وقيادته واحزابه، وأهم مرتكزات هذا الامتحان هو صراح المصالح الوطنية مع المصالح الحزبية، فإن غلّب الجميع المصلحة الوطنية العليا ستتجاوز مصر تلك المعضلة، أما ان كان العكس فينتظر مصر ما لا يتمناه أحد، نتمنى الخير لمصر ولشعبهاولجيشها