[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
منذ غضبته التي اعلنها في مؤتمر الامن الاوروبي في ميونيخ في فبراير2007, وتحذيره من مغبة انفراد قوة بعينها بالقرار الدولي وهيمنتها في الساحة الدولية,يعمل الرئيس فلاديمير بوتين علي توطيد اركان قدرات بلاده العسكرية تحسبا لمواجهة قد تفرض عليها,
وهو ما ترتب عليه اعادة النظر في صياغة العقيدة العسكرية الاستراتيجية الجديدة. من هذا المنظور تحديدا يمكن تناول الاهتمام الذي يوليه بوتين لدعم قواته الجوية والبحرية والعمل من اجل استيعابها للقدرات القتالية بعيدا عن حدود بلاده بما في ذلك في منطقة البحر المتوسط علي مقربة من الشواطئ السورية.
في اطار الاهتمام الذي يوليه لدعم قدرات القوات المسلحة والاسطول البحري ومناوراته شرقي البحر الابيض المتوسط, التقي الرئيس فلاديمير بوتين وزير دفاعه سيرجي شويجو والجنرال فلاديمير جيراسيموف رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الروسية, حيث اطلع معهما علي سير ونتائج المناورات والتدريبات الاستراتيجية التي تقوم بها سفن الاساطيل الحربية الروسية في البحر الابيض المتوسط. وقال وزير الدفاع الروسي ان المرحلة الاولي من هذه التدريبات تضمنت المسائل المتعلقة بنشاط الطيران بعيد المدي والتي شاركت فيها كل السفن الحربية الروسية الموجودة في مياه البحر المتوسط. ومن جانبه كشف رئيس الاركان الروسية عن ان الرحلات بعيدة المدي شملت عددا من المناطق فوق البحر الاسود وبحري البلطيق والترويج وفي اجواء المنطقة الشمالية الشرقية للمحيط الاطلنطي. واضاف ان تدريبات المقاتلات الروسية شملت ايضا عمليات التزود بالوقود في الجو. وكانت وزارة الدفاع الروسية اصدرت بيانا قالت فيه: ان مجموعة السفن المشاركة في التدريبات التي تجري في شرق البحر الابيض المتوسط ستبدأ مغادرة منطقة العمليات خلال الايام القريبة القادمة. ويبلغ عدد السفن المشاركة في هذه التدريبات20 سفينة حربية وثلاث غواصات احداها ذرية, تحت اشراف مباشر من جانب الفريق اول الكسندر بوستنيكوف. واشار البيان كذلك الي ان التدريبات التكتيكية للقوات البحرية الروسية في شرق البحر الابيض المتوسط التي تشارك فيها سفن تابعة لاساطيل البحر الاسود والبلطيق والشمال تشارف علي نهايتها, ومن المقرر خلال الايام القليلة المقبلة مغادرة هذه المجموعة لمناطق العمليات, حيث ستتوجه سفن اسطولي البحر الاسود وبحر البلطيق الي قواعدها في روسيا. واكدت وزارة الدفاع الروسية في بيانها الصادر حول مناورات الاساطيل الحربية في البحر المتوسط ان سفن اسطول الشمال وفي مقدمتها سفينة سيفيرومورسك المضادة للغواصات سوف تتجه نحو قناة السويس في النصف الثاني من شهر فبراير الحالي, لتحل مكان سفن اسطول المحيط الهادئ, التي تقوم بتأمين الملاحة الآمنة للسفن المدنية وتحميها من هجمات القراصنة عند السواحل الصومالية.واشار البيان كذك الي ارتفاع نسبة الخطر التي تتعرض له السفن المدنية في منطقتي خليج عدن والقرن الافريقي, بسبب النشاط المكثف للقراصنة الصوماليين, الذين يشنون هجماتهم ضد هذه السفن لاختطافها والمطالبة بدفع الإتاوات مقابل الافراج عنها.واضاف البيان ان وجود السفن الحربية الروسية في المناطق التي تشهد تصعيد نشاط للقراصنة, مسألة تدخل ضمن الخطط المقررة لنشاط سفن الاسطول الحربي الروسي.
ومن اللافت ان البيان الصادر عن وزارة الدفاع لم يتضمن اي اشارة الي عدد من التصريحات التي سبق وأدلي بها سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي في محاضرته التي ألقاها في اكاديمية العلوم العسكرية في وقت سابق من يناير الماضي واشار فيها بشكل غير مباشر الي أخطار تحركات حلف الناتو والدفع ببطاريات باتريوت الامريكية الي الاراضي التركية. وتعليقا علي هذه التصريحات, نقلت صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس عن روسلان بوخوف عضو لجنة الخبراء لدي الحكومة الروسية قوله انه من الممكن ان نفهم تصريحات شويجو بما لا يمكن معه استبعاد احتمال ظهور نزاعات مع حلف الناتو, أو بلدان معينة تدخل ضمن اطار الحلف, فضلا عن احتمالات ظهور التهديدات من جانب تركيا التي قال ان سياساتها تتجه أكثر فأكثر نحو الراديكالية. فقد تدخلت أنقرة عسكريا في النزاعات الداخلية في كل من قبرص, وسوريا. وليس من المستبعد أن تعلن تركيا عن مطامعها الحدودية تجاه موسكو, فتطالب بمدينة جيلنتشيك علي ضفاف البحر الأسود بحجة أنها كانت مدينة تركية قبل أن تضمها روسيا اليها. وكل ذلك ممكن إن توافرت الظروف السانحة, علي حد قول الخبير الاستراتيجي الروسي.وكان بوخوف اشار كذلك الي ضرورة تناول ما قاله وزير الدفاع الروسي من منظور ما يمكن ان تتعرض له روسيا من تهديدات عسكرية اشار منها الي ما يمكن ان ينجم من اخطار في منطقة آسيا الوسطي عقب الانسحاب المرتقب لواشنطن من افغانستان واحتمالات تسلل الاسلاميين المتطرفين الي بلدان هذه المنطقة.ولا يستطيع المرء ازاء هذه التقديرات, إغفال ما سبق وتناولته العقيدة العسكرية الروسية الثانية التي كانت تبنت بعض الخيارات الاستراتيجية العسكرية الاستثنائية مثل حق روسيا في توجيه ضربات نووية استباقية, واحتمالات استخدام القوات المسلحة خارج حدود الدولة الروسية وتوسيع المناطق الحدودية لروسيا من مسافة5-15 كيلومترات, خاصة في الجهات الغربية لروسيا, الامر الذي سبق وأثار ردود فعل قوية لدي واشنطن ودول أوروبا الشرقية المجاورة لروسيا, ولا سيما فيما يتعلق باحتمالات استخدام الأسلحة النووية في النزاعات المحلية في حالة وجود تهديدات بالغة الخطورة علي الأمن القومي الروسي.واذا اضفنا الي كل ذلك تعيين شويجو احد ابرز القريبين من بوتين وزيرا للدفاع, واختيار الاخير للصين كمحطة اولي في سلسلة زياراته الخارجية فاننا نكون امام الكثير من المؤشرات التي تقول إن بوتين ماض في طريق تعزيز قدرات قواته المسلحة وتوطيد علاقات بلاده مع من يعتبرهم رصيده الاستراتيجي في الشرق تحسبا لاي مواجهات مع غرمائها التقليديين علي الجبهة الغربية.