في حال نشوب الحرب العالمية الثالثة.
2 مائتا مليون قتيل في ساعات قليلة.
3 تلاطم الأمواج.
4 الحرب الفضائية.
5 الحرب الكيميائية والبيولوجية.
6 ظاهرة مجهولة.
التفصيل :
1- في حال نشوب الحرب العالمية الثالثة.
إذا ما نشبت الحرب العالمية الثالثة، فان الانسانية قد تواجه كارثة هذه بعض
مظاهرها:
آ يباد، خلال ساعات قليلة، اكثر من مائتي مليون إنسان.
ب يقتل مئات الملايين من الحيوانات.
ج تزول النباتات من مساحات واسعة.
د يغزو البحر أراض واسعة بسبب تلاطم الأمواج الناتجة، بصورة
اصطناعية، عن الانفجارات النووية، ويغرق اناس كثيرون من جراء ذلك.
ه تلتهم الحرائق مدنًا بأكملها.
و تهدد الغيوم الاشعاعية حياة الأحياء، وتترك فيهم آثارًا وراثية لا يمكن
التنبؤ بها.
ز ينتشر الجوع.
ح تنتشر الاوبئة بواسطة الجراثيم التي تلقيها الصواريخ والاقمار
الصناعية.
ط تتغير عوامل المناخ.
6
ان احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة في الوقت الحاضر يبدو ضعيفًا، ولكن
هذا الاحتمال يبقى ممكنًا مما يستدعي وضعه في الحسبان، ويستحق الدراسة عن
قرب، وذلك لأن الواقع المأساوي الذي يسيطر على دراسة الحرب كظاهرة
اجتماعية، هو أن بني البشر قد بلغوا في الوقت الراهن درجة من التقدم التكنيكي
(التقني) جعلتهم، لأول مرة في تاريخ الانسانية، قادرين على هدم أنفسهم بأنفسهم.
2 مائتا مليون قتيل في ساعات قليلة.
لقد اشار كثير من الكتاب الموثوقين إلى أعداد القتلى نتيجة حرب شاملة،
واستندوا في ذلك إلى وثائق رسمية. وهكذا كتب السيد يوليوس موش يقول:
"يرى الخبراء ان حربًا نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي
.( ستتمثل منذ بداياتها بأكثر من مائة مليون ضحية في كل معسكر منهما" ( 1
ويشير البيان الثالث عشر الذي اورده موش في ملحق كتابه "مصير السلام"
إلى أن هجومًا سوفييتيًا وردًا اميركيًا سيؤديان إلى قتل 120 مليون من الجانبين،
وذلك بدون استعمال الشبكات المضادة للصواريخ السوفييتية والاميركية. والسيد
موشى هذا وزير سابق، وكان مندوبًا لفرنسا لنزع السلاح سنوات عدة، وهو
اختصاصي ذو كفاءة عالية.
ويتنبأ الاستاذ الهولاندي ب. ف. آ. رولينغ ( 2) بان من المنتظر ان يبلغ عدد
القتلى في كل جانب من المعسكرين مائة مليون، وذلك خلال الايام الأولى ان لم
يكن خلال الساعات الأولى لحرب ابادة، مما يعني ان مجموع القتلى سيبلغ مائتي
مليون.
1) يوليوس موش: "مصير السلام"، نشر ميرآور في فرانسا، 1969 ، ص )
. 13 و 285
Ineidoing tat dr Wetenschap van oolag en : 2) ب. ف. آ. رولينغ )
. ص 17 ، نشر فان غورآوم وشرآاؤه آسن 1968 . " vred
7
وذكرت المجلة الدولية للدفاع( 1) بناء على بيانات السيد مكنمارا ان السوفييت
يستطيعون عن طريق المفاجأة قتل 120 مليون أميركي.
ومن جهة أخرى، كتب وزير الدفاع الأميركي السابق يقول:
"ان المسألة التي تفرض نفسها اليوم هي ضرورة معرفة ماذا يجب ان نفعله
في عص ٍ ر تعادل الحرب الشاملة فيه موت عدة مئات الملايين من بني الانسان،
.( ويمكن ان تؤدي إلى تخريب الوراثة لمليون جيل " ( 2
واخيرًا، فقد قدر تقرير مقدم إلى جمعية اتحاد اوروبا الغربية عدد الضحايا
.( المدنيين في حرب نووية حرارية بمئات الملايين ( 3
وإذا كان من غير المفيد الاستمرار في سرد هذه الشواهد، فان هذه التقديرات
في الخسائر الانسانية المرعبة، يجب النظر إليها على انها ادنى مما يمكن انتظاره،
ذلك لأنه لا أحد يستطيع ان يتنبأ عن التأثيرات المتعلقة بالوراثة التي يمكن ان
تتركها الاشعاعات على الأحياء. ولنذكر، في هذا المجال تجربتين جرتا في مختبر
مدرسة الحماية المدنية في نيفيل ليروش (فرانسا)، منذ أكثر من عشر سنوات.
التجربة الأولى: عرضت ذبابات لمقدار معين من الاشعاعية، فجاءت
سلالتها الأولى باجنحة منحنية إلى أعلى، أما سلالات الجيل الثاني فكانت بدون
اجنحة!
التجربة الثانية: عرض عشرون فأرًا سمينًا للاشعاعية، فجاءت أولادها
وهي تحمل شك ً لا مرعبًا، مما دعا امهاتها إلى اكلها، باستثناء فأرين صغيرين امكن
. 1) العدد 1 لعام 1968 ، ص 54 )
2) روبير س. مكنمارا. "الأمن الأميرآي والسلام العالمي". نشر فايار، )
. 1969 ، ص 78
. 3) الوثيقة 293 ، الدورة التاسعة، الجزء الثاني، ص 3 )
8
انقاذهما. وكان هذان الفأران الوليدان مجردين من الشعر تمامًا، وجلدهما وردي
.( اللون، ولم يكن لهما في مكان العينين سوى ثقبين فارغين ( 1
بعد هاتين التجربتين، يمكن التساؤل برعب عن التغييرات الوراثية التي
ستتعرض لها جميع انواع الكائنات الحية، والناتجة عن تأثير الاشعاعية، بسبب عدد
كبير من الانفجارات النووية الحرارية. فماذا سيكون مصير الماشية؟ وما هو
مصير الحيوانات الضارية؟ والخضروات؟ انه، في حدود معرفتنا، لا يوجد انسان
يستطيع الاجابة عن هذه الاسئلة.
وقد نشرت الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة ، مؤخرًا، بناء على
طلب وكالة مراقبة الأسلحة ونزع السلاح، دراسة حول النتائج العالمية، على المدى
الطويل، الناجمة عن انفجار اسلحة نووية عديدة.
وبالرغم من ان للعلماء الأميركيين، في الوقت الحاضر، معرفة جيدة
بالتأثيرات الناجمة على المدى الطويل، عن انفجار عدد كبير من الاسلحة النووية
والنووية الحرارية، فانهم يعترفون بانه لا يزال هناك عدد كبير من العناصر
المجهولة.
ويعلن هؤلاء العلماء ان من المحتمل ان يؤدي انفجار ذو قوة 10 آلاف ميغا
طن (أي قوة تعادل قوة انفجار 10000 مليار كلغ من مادة ت. ن. ت) إلى ازالة
30 إلى 70 % من غاز الأوزون في النصف الشمالي من الكرة الارضية (حيث
يرجح ان تقع هذه الانفجارات)، و 20 إلى 40 % من الغاز ذاته في النصف الآخر
من الأرض. ويحتاج الأمر إلى نحو عشر سنوات لا عادة بناء هذه الطبقة من غاز
الأوزون. وخلال هذه الفترة، لن تجد الاشعة فوق البنفسجية ما يمنعها، بعد ان
كانت طبقة الأوزون تقف في طريقها، وسيؤدي هذا مع الأسف إلى حدوث حروق
شمسية خطيرة في المناطق المعتدلة.
1) لقد رأيت بنفسي هذه الذبابات بدون اجنحة، آما رأيت الفئران )
بدون شعر ولا عيون.
9
ويعيد تقرير الأكاديمية الوطنية للعلوم إلى الذاكرة، بعض المفاجآت التي
، تحدثها عدة انفجارات نووية حرارية. ولنذكر احدها: في 28 شباط 1954
فجرت الولايات المتحدة في جزر بيكيني المرجانية قنبلة قوتها 8 ميغاطن (أي ما
يعادل قوة انفجار 8 مليارات كلغ من مادة ت. ن. ت)، وقد احدثت الانفجار طاقة
15 مليار كلغ من مادة ت. ن. ت ولم يكن هذا قط منتظرًا.
يضاف إلى ذلك، ان آثار هذا الانفجار لم تكن، أيضًا، منتظرة بالشكل الذي
انتهت إليه. فبعد نحو ست ساعات من الانفجار، ظهر نوع من الرماد الناعم فوق
باخرة الصيد اليابانية "لاكي دراغون" التي كانت تبعد نحو 150 كلم من مكان
الانفجار. وظهر الغبار ذاته فوق جزر رونجيلاب المرجانية.
لقد اصابت النظائر المشعة لهذه الاسقاطات الشعاعية (ايودون 131 ) الغدد
الدرقية لبحارة "لاكي دراغون" وللأولاد في جزيرة رونجيلاب. كما لوثت القنبلة
مساحة مقدارها 7000 ميل مربع. ويجسد هذا، بصورة مأساوية، الكارثة التي
يمكن أن تحدث نتيجة تبادل آلاف القنابل النووية الحرارية.
ويشير تقرير الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة ، أيضًا إلى ان
الإشعاعات يمكن ان تحدث:
أضرارًا جسمانية (تكاثر الكريات البيضاء في الدم، سرطان الغدد الدرقية
والرئتين، الخ).
اضرارًا وراثية (ولادات غير طبيعية).
نموًا جسميًا وعقليًا سيئًا للأجنحة والأولاد الصغار.
ومن جهة أخرى، فان نقص غاز الأوزون في الفضاء الخارجي، وعدم قدرته
على حجب الأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن يؤدي إلى حدوث حروق، وشيخوخة
مبكرة للجلد الانساني، كما يمكن أن يسبب سرطان الجلد. يضاف إلى ذلك ان هناك
خشية من تغيرات تطرأ على المناخ تؤثر تأثيرًا خطيرًا على الزراعة. وخلاصة
التقرير انه من غير الممكن ان يتنبأ المرء بالتأثيرات الشاملة لتبادل الأسلحة الذرية.
وإذا كان من الممكن ان نقدر أن عدد الضحايا في الولايات المتحدة قد يبلغ 110
10
ملايين نسمة، إذا ما هوجمت هذه الدولة بألف قنبلة قوة كل منها ميغا طن واحد،
فليس بالمستطاع اعطاء أية فكرة عن عدد الأميركيين الذي يمكن أن يموتوا بسبب
الحرائق التي تشعلها الانفجارات، أو بسبب الاسقاطات المشعة. وفي جميع
الأحوال، فان الأغذية ستكون ملوثة، كما ان اولئك الذين يأكلون مثل هذه الأغذية
سيتعرضون لأضرار جسدية ولو بعد سنوات عدة.
لقد استطاع تقرير الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة ، بتركيزه
على المجهولات الخاصة بالأسلحة الجديدة، أن يثبت ان الحرب العالمية الثالثة، إذا
ما نشبت، سيجعل الانسانية تواجه افظع كارثة في تاريخها.
هذا عن تأثيرات الاسلحة. فلنر الآن كيف يمكن استخدام هذه الأسلحة الجديدة.
3 تلاطم الأمواج:
تهتم منظمة الأمم المتحدة، منذ سنوات عدة، بأعماق البحار التي تحتوي على
ثروات ضخمة من البترول والنباتات والحيوانات.
ويبدو أن أحد اهم الاهتمامات في هذا المجال هو تنظيم الاستخدام السلمي
لأعماق البحار التي اصبح استخدامها عسكريًا أمرًا ممكنًا.
وتستطيع ابراج محكمة ومسلحة بصواريخ نووية أن ترسو في قاع البحر.
ويمكن اطلاق هذه الصواريخ من بُعد، بواسطة قيادة آلية. ويستطيع كل صاروخ
تدمير مساحة 20000 كلم مربع تبعد عنه 3000 كلم ( 1). ويمكننا القول، من
الناحية النظرية، أن برجًا واحدًا راسيًا في قاع البحر، ومسلحًا بصواريخ "بولاريس"
أو "بوزيدون" يستطيع تدمير منطقة "الرور" في ألمانيا تدميرًا كام ً لا. إن مثل هذا
الحساب يفتقر، حتمًا، إلى الواقعية، ولكنه يعطي صورة مؤثرة عن الخسائر التي
يمكن أن تحدثها هذه الاسلحة.
. 1) بولبوس موش: المرجع ذاته، ص 193 )
11
ومن المؤلم، حقًا، أن يكون في القدرة الرهيبة للأسلحة النووية الحرارية
.( وسيلة اخرى للتدمير الجماعي ما تزال غير معروفة. فقد تنبأ "خان" و"فيينر" ( 1
بأنه سيكون من الممكن، خلال السنوات العشر أو العشرين الأخيرة من القرن
العشرين، احداث امواج اصطناعية، فاذا ما انفجرت قنبلة هيدروجينية قوتها 10
ميغاطن على عمق مرتفع، وبعد يبلغ 10 كلم من الشاطئ، فانها ستحدث موجة يبلغ
ارتفاعها حين وصولها إلى الشاطئ نحو 200 متر. وإذا ما انفجرت القنبلة ذاتها
على بعد 100 كلم من الشاطئ، فإن ارتفاع الموجة يصل إلى 50 مترًا حين
اصطدامها بالشاطئ ( 2). ويمكن ارساء مثل هذه القنابل بسرِّية في قاع البحار، كما
يمكن اطلاقها من بُعد. الأمر الذي يجعل من المتعذر تحديد هوية المعتدي.
وإذا افترضنا أنه، عوضًا عن قنبلة واحدة من عيار 10 ميغاطن، تم وضع
مجموعة من هذه القنابل، بصورة سرية مقابل نيويورك، أو في البلطيك، وتم
تفجيرها كلها في آن واحد، فأية كارثة هذه التي ستحدث؟. وإلى من يجب أن يوجه
الرد، طالما أن هناك، دو ً لا غير الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قادرة على
ارتكاب مثل هذه الجريمة الفظيعة؟.. لا شك في أن هذا العمل هو نوع من الجنون،
ولكن هناك واقعًا هو ان مثل هذا العمل سيصبح عما قريب أمرًا ممكنًا.
4 الحرب الفضائية:
افتتح السوفييت سباق الفضاء باطلاقهم يوم 4 تشرين الأول 1957 "سبوتنيك"
1 " ثم أطلق الاميركيون أول قمر صناعي "ايكسبلورار 1 sputnik
. في يوم 31 كانون الثاني 1958 Explorer
1) هيرومان خان وانطوني فيينر: "العام 2000 " ، ص 133 ، نشر روبير )
. لافون، 1968
2) اللواء ف. غامبي "جلد الحزن"، مجلة الدفاع الوطني"، عدد آانون )
. الثاني 1970 ، ص 13
12
ومنذ ذلك الحين، تم اطلاق اقمار صناعية سوفييتية وأميركية وصينية كثيرة
تدور حول الأرض. وصف بعضها بانها اقمار تجسس، فهي تراقب ارض العدو
المحتمل بصورة دائمة. وخصص بعضها الآخر للاتصالات بعيدة المدى. سوى أنه
لا توجد اية رقابة تسمح بالتحقق فيما إذا كانت هذه الاقمار الصناعية تحمل قنابل أو
صواريخ نووية حرارية اولا تحمل مثل هذه الأجهزة. وينتج عن ذلك أن من
الممكن وضع مثل هذه الأجهزة ذات القوة التدميرية الكبيرة على مدار فضائي،
واطلاقها آليًا واسقاطها في الوقت المحدد على الهدف المحدد. وقد تنبأ "خان"
و"فيينر" بأنه "في مطلع أواسط الثمانينات، سيكون لدى الولايات المتحدة والاتحاد
السوفييتي إمكانات فضائية كبرى، دفاعية وهجومية في الوقت ذاته..."( 1). وتحدث
يوليوس موش عن إمكان وجود "قمر صناعي ذي رأس نووي يطلق في وقت
( السلم، ويدور في مدار يمكن تعديل مساره ليصيب تمامًا الهدف المحدد..." ( 2
وفي العام 1965 ، اعلن رئيس الولايات المتحدة ليندون جونسون، ان القوات
المسلحة الأميركية لن تضع اسلحة التدمير الشامل في مدار فضائي. ولكنه اعلن في
.( الوقت ذاته، ان مخبرًا فضائيًا عسكريًا سيتم وضعه في المدار الفضائي ( 3
ويقدر الاستراتيجيون أن اول دولة ستتوصل إلى اقامة قاعدة عسكرية على
القمر يمكن ان تحقق "ردًا كام ً لا"، لأنه لن يكون هناك تزامن بين تخريب الشبكات
الدفاعية القمرية والأرضية. فاذا ما هوجم الدفاع الارضي، فان القاعدة القمرية
سترد. أما إذا هوجمت القاعدة القمرية، فان القواعد الارضية تصبح منذرة بان
. 1) المرجع ذاته، ص 132 )
. 2) المرجع ذاته، ص 95 )
3) انظر جريدة "لوسوار" الصادرة في بروآسيل يوم 27 آب 1965 (بناء )
.( على برقية من وآالة الصحافة الفرنسية من واشنطن يوم 25 آب 1965
13
.( مقذوفًا هو في الطريق إليها، ويحتاج إلى يومين ليبلغ هدفه، ويمكنها ان تصده"( 1
ومن المؤكد ان يستبدل القمر، بقمر صناعي يجهز خصيصًا لهذه الغاية.
ولا يوفر الفضاء السلامة لوسائل الدفاع والهجوم فحسب، وانما يؤمن أيضًا
المهلة الزمنية الضرورية التي تسمح باطالة مدة الانذار، مما يجعل الرد ممكنًا.
ان الاستعدادات للحرب الفضائية تجري على قدم وساق. فسباق التسلح دخل
مرحلة لم ُتعرف من قبل. وإذا ما كان هناك ادنى شك في هذا الأمر، فان الكتمان
( الذي يحيط بالابحاث الفضائية والمبالغ الضخمة التي تنفق على غزو الفضاء ( 2
كافية لتثبيت أن الأمر ليس بحثًا علميًا خالصًا لمنفعة الانسانية جمعاء.
ان الواقع الذي لا جدال فيه، هو أن الاقمار الصناعية التي تدور الآن حول
الارض تخبئ قنبلة أو عدة قنابل نووية حرارية يمكن اسقاطها، في وقت واحد
.( تقريبًا، فوق عدة أهداف ( 3
1) جمعية اتحاد أوروبا الغربية، الدورة السابعة العادية (الجزء الثاني)، )
. وضع الأمن الأوروبي 1956 1961 ، الوثيقة رقم 215 ، ص 34
2) انظر/ المجلة السياسية (آب 1969 ) ص 154 . "لقد انفقت الولايات )
المتحدة ، في الواقع 4 مليارات دولار بصورة وسطية آل عام من اجل تنفيذ
برامجها الفضائية (المجموع 24 مليار دولار). اما المصاريف التي انفقها الروس
على استثمار الفضاء فليست معروفة، ولكن يبدو منطقياً الافتراض بانهم
انفقوا ما لا يقل عما انفقه الاميرآيون.
3) المجلة الدولية للدفاع، العدد 1 1968 ، ص 56 ، الوثيقة 444 بتأريخ )
4 أيار 1968 حول "شبكة القذف الفضائي السوفيتية" في "الوقائع الرسمية"
الدورة 14 ، الجزء الأول، تشرين الأول 1968 ، وثائق الجلسات لجمعية اتحاد
أوروبا الغربية.
14
5 الحرب الكيميائية والبيولوجية:
لقد استعملت الغازات الخانقة في حرب 1914 1918 . وفي الحرب
العالمية الثانية، كانت هناك مستودعات كبيرة احتياطية من الغازات في الولايات
المتحدة وانكلترا لاستعمالها في حالة قيام هتلر باستعمال اسلحة كيميائية. ولم يلجأ
هتلر إلى ذلك، لأنه حينما حصل على السيطرة الجوية، لم يجد ضرورة لاستعمال
الغازات السامة من اجل انجاح العمليات العسكرية، وبعد ان فقد هتلر التفوق في
الجو، كان باستطاعة الحلفاء إغراق المدن الألمانية بما لديهم من اسلحة كيميائية،
انتقامًا من هتلر. وهذا ما منعه من استخدام هذه الأسلحة.
ومن الخطأ الاعتقاد بان الغازات لن تستخدم إذا ما نشبت الحرب العالمية
الثالثة، على أساس أنها لم تستخدم في الحرب العالمية الثانية. وتوجد في الوقت
الحاضر انواع كثيرة من الاسلحة الكيميائية( 1) وقد خصص الأميركيون مئات
ملايين الدولارات لإعداد الحرب الكيميائية، وفي الولايات المتحدة مستودعات
.( كبيرة للغازات التي أوقف الكونغرس صناعتها( 2
وقد ذكر يوليوس موش ترجمة لنص ورد في "مجلة علماء الذرة" الصادرة في
ايلول 1968 ، طالب فيه 2500 عضو من رابطة العلماء الأميركيين بوضع حد
لصناعة جميع الاسلحة البيولوجية أو الكيميائية ذات التدمير الشامل: ومن بين ما
جاء في اعلانهم ما يلي: "... ان مصالح امن الولايات المتحدة لا يتطلب استعمال
غاز الاعصاب... ان هذه الغازات جد متقنة ومجربة، وقد ثبت ذلك حديثًا بإهلاك
6400 رأس من الغنم قرب مكان التجارب في (دوكوي). وليست هناك حاجة ماسة
.( لكي تهاجم الولايات المتحدة محاصيل أمم كاملة... " ( 3
1) توجد أمثلة على ذلك في الجزء الخامس، ص 385 من الموسوعة )
البريطانية.
. 2) انظر جريدة "لوموند" بتاريخ 27 تشرين الثاني 1969 ، ص 4 )
. 3) المرجع ذاته، ص 214 )
15
وفي الاتحاد السوفيتي وغيره من البلدان أيضًا، يتم الإعداد للحرب الكيميائية
.( بخطى حثيثة( 1
ويستعمل المتنازعون في الحرب البيولوجية الجراثيم ومنابع العدوى، بغية
نشر الأوبئة وإبادة الحيوانات واتلاف المحاصيل. وقد ذكر الدكتور ر. فان روسوم
أن من بين الجرائم العضوية التي يسهل زرعها وإكثارها واستعمالها استراتيجيًا:
والحمى المالطية، وجرثومة إلتهاب الأنسجة الجلدية (Shiga) "جرثومة شيغا
.( المخاطية، وداء العصيَّات الكولونية، وجرثومة الانفلوانزا" ( 2
ويمكن ان تقذف الاسلحة البيولوجية بواسطة صواريخ موجهة آليًا، أو
بطائرات بدون طيارين، كما يمكن أن تحملها حيوانات مصابة بها تلقى بالمظلات
(فئران، جرذان، ارانب، الخ... ) أو توضع في الارياف بواسطة عملاء يمتلكون
مناعة ضد هذه الجراثيم.
ان تكلفة الاسلحة الكيميائية والبيولوجية غير مرتفعة، ويمكن صنعها بصورة
سرية. ومن بين جميع الاسلحة المعروفة في الوقت الحاضر، يبدو ان السلاح
البيولوجي هو الاكثر فعالية بشكل واضح. فقدرته على التدمير تفوق مائة مليون
مرة قدرة المتفجرات التي استعملت في الحرب العالمية الثانية، كما تفوق مائة مرة
.( قدرة السلاح النووي الحراري ( 3
. 1) جريدة "لوموند" بتاريخ 27 تشرين الثاني 1969 )
2) الدآتور ر. فان روسوم "حرب ذرية، ام جرثومية، أم آيمياوية؟ " )
. (النص من مجلة "سكالبيل" العددان 23 و 24 ، بتاريخ 15 و 25 آب 1968
انظر أيضاً: روبين آلارك "الحرب البيولوجية هل هي حرب الغد"، نشر فايار
.1972
. 3) يوليوس موش، المرجع ذاته، ص 211 )
16
ومن الناحية النظرية، فان خمسة عشر طنًا من الموارد البيولوجية تعتبر كافية
.( للقضاء على كل مظهر من مظاهر الحياة على كوكبنا الأرضي ( 1
وهناك بلدان ذات اهمية متوسطة على وشك ان تنتج مثل هذه المواد
البيولوجية. والخطر المرعب لسباق الاسلحة الكيميائية والبيولوجية هو مع الأسف
حقيقة مؤلمة، وذلك لأن هذه الاسلحة مخصصة قبل كل شئ لابادة الشعوب، ففي
اية استراتيجية مضادة للمدن، تتميز هذه الاسلحة بقدرتها على ابادة الناس، تاركة
المنشآت الصناعية ومرافق الموانئ سليمة.
6 ظاهرة مجهولة:
يمكن ان تأخذ الحرب العالمية الثالثة أشكا ً لا غير شكل الحرب النووية
الحرارية. ذلك ان البعض يرى أن القدرة الرهيبة للأسلحة الحديثة تشكل بكل تأكيد
احسن ضمانة ضد استخدامها. بينما يعبر آخرون عن قناعتهم بان النزاعات بين
الأمم ستسوى أيضًا بواسطة الاسلحة التقليدية، أو عن طريق حروب تهدف إلى قلب
انظمة الحكم عند الأعداء، أو بواسطة حروب ثورية، أو حروب تحرير، أو عن
طريق العصابات أو أي شكل من اشكال الاغتيال الجماعي. وهناك من يتساءل عما
إذا كانت اعمال خطف الطائرات، واختطاف "السياسيين" واغتيالهم تمثل شك ً لا لم
يسبق له مثيل من أشكال الحرب الحديثة. إ ّ لا انه بالاستناد إلى الوقائع وحدها، لا بد
من الاعتراف بان الحرب المدمرة الشاملة التي تضع بقاء النوع البشري موضع
التساؤل هي منذ الآن فصاعدًا أمر ممكن الحدوث.
وهكذا تبدو مثل هذه الحرب ظاهرة جديدة كل الجدة. فكلمة "حرب" تتضمن
اليوم مفهومًا يختلف كل الاختلاف عما كان عليه في الماضي. فقد كان الأمر يتعلق
بعمل عنف جماعي، تقوم به جماعة بشرية ترغب في ان تخضع لارادتها جماعة
بشرية أخرى. أما اليوم، فلاول مرة في التاريخ، لا تقتصر المذابح المتبادلة على
. 1) يوليوس موش، المرجع ذاته، ص 211 )
17
جيوش وشعوب المتخاصمين فقط، وانما تمتد لتشمل أيضًا شعوب الدول التي لا
تشترك في الصراع. ولأول مرة في التاريخ أيضًا، تشكل التأثيرات غير المباشرة
للأسلحة التي يمكن أن تستخدم مأساة مجهولة.
إننا نقف اليوم أمام ظاهرة جديدة لم يعرفها العالم من قبل: ذلك ان حجم
التدمير وسرعته اللذين يمكن أن يحدثا لن يغيرا أبعاد الحرب فقط، وانما سيؤديان
إلى تغيير في جوهر الحرب، فاذا كان هناك انسان طوله متران ونصف المتر،
ووزنه 200 كلغ، فانه يبقى انسانًا، بالرغم من انه غير عادي. ولكن، هل يمكن ان
نعتبره كائنًا بشريًا إذا بلغ طوله مائتي متر ووزنه عدة أطنان؟. ان هذا ينطبق على
الحرب العالمية الثالثة، إذ لم يعد هناك أي شبه أو علاقة قط بينها وبين الحروب
الماضية. فقد اصبحت الحرب ظاهرة جديدة كل الجدة، وبخاصة حين غيرت
.( طبيعتها( 1