أشك أن الذين يتحدثون عن هيكلة ماسبيرو يعرفونه.. الاسم.. والهوية.. والمكان.. لكن من المؤكد أنهم يعرفون الشارع.. فمعظم حكوماتنا منذ غادرنا عبدالناصر وهى تعرف تماما قيمة وأهمية «الكورنيش».. فتراهم مهتمين بالنوافير.. وقصارى الزرع.. ومطاردة العشاق.
أشك.. وبعض الشك والظن ليس إثمًا.. ولا هو عيب ولا حرام- أن ماسبيرو عالم الفولكلور الجليل الذى راح يبحث عن أغنيات المصريين وأمثالهم الشعبية ولعب أطفالهم وعديد أحزانهم، كان أكثر معرفة وهو الرجل الأجنبى ببلادنا وبهويتنا من هؤلاء الذين لا يجدون فى ماسبيرو سوى قطع أراض يفكرون فى بيعها.. وهذه هى الأزمة الحقيقية التى ستؤدى حتما إلى ضياع رمز وقيمة وهوية وكنز لا يقدر بثمن.. وبضياع مليارات الجنيهات أيضا، وبأزمة حقيقية فى علاقة الحكومة بآلاف العمال الذين لا يشكل «مبنى ماسبيرو» لهم مجرد وسيلة للحصول على الدخل.. لكنه «عمرهم بحاله».
بالصدفة قرأت ثلاثة مشروعات مطروحة لقوانين منظمة لهيئة الإعلام الجديدة التى ينص عليها دستورنا الجديد.. وحاولت عبثا أن أجد مادة واحدة أو نصا واحدا يحدد بشكل قاطع «ماهية» هذا المبني.. ما الذى يريدونه منه بالضبط.. هل هو إعلام تليفزيونى- مرئى كما يقولون- لخدمة الحكومة وتوصيل رسائلها للناس أيا كانت هذه الرسائل، أم أنه إعلام تجارى يبحث عن المكسب ويحاسب على الخسارة؟.. كلاهما يكره الآخر.. ولا يصح ولا يجوز أن نخدع أنفسنا ونقول إنريده إعلاما للحكومة.. وهنا أدقق المصطلح وأقول الحكومة وليس الدولة.. فكل ما هو فى مصر وأيا كان اسمه إعلام للدولة.. يعمل لصالحها وتحت مظلتها حتى وإن كان من يملكه رجل أعمال مصريا أو غير مصري.. وهذا هو مربط الفرس.. اسألوا أنفسكم أولا ماذا تريدون من هذه الشاشات.. هل هى للترويج.. وهذا الأمر ليس عيبا.. لكنه يحتاج إلى محترفين فى عالم الترويج والتسويق.. أم أنكم تريدونه وبشكل قاطع إعلاما مستقلا.. سواء كان بهدف الربح أو بهدف «الخدمة العامة».
لم أجد نصا يقطع الشك باليقين، ويحدد عدم تدخل الحكومة ورجالها وتابعيها فى اختيار قياداته.. فالذين تعودوا على الولاء للأشخاص حتما لن يخرج من تحت أيديهم إعلام مستقل.. وبصراحة أكثر.. إن كنتم تريدون فعلا إصلاح أحوال ماسبيرو.. هاتوا ملفات العاملين فيه وابحثوا «شجرة العائلة».. وشوفوا كام عيلة تسيطر على قطاعات كاملة فى هذا المكان.. وشوفوا علاقة هذه العائلات بشرايين السلطة فى عهد مبارك.. شوفوا علاقة هذه العائلات بنواب البرلمان شعب وشوري.. وبوزراء حكومات تلك الفترة.. باختصار أوقفوا مهزلة التعيينات العائلية فورا.. وأولا.. وبعدها ابحثوا عن معايير للكفاءة فى صرف حوافز ومكافآت ومرتبات العاملين هناك.. وساعتها لن يخسر ماسبيرو ولن يحتاج إلى مليم من الدولة.. لن نرى على شاشاته متحولين فكريا ومعاقين ذهنيا.. لا نرى مذيعة خارجة من المتحف.. انسفوا نظام الأقدمية.. فهذا «الكنز» قائم على الإبداع ليس إلا.. أخرجوا كنوزه من السراديب والبدرومات.. أعيدوا ترميم ما تلف منها.. وابحثوا عن مسوقين جيدين لهم علاقة بعالم الملكية الفكرية.. فى البدرومات مليارات مهدورة.. وقيمة فنية وإنسانية كبري.
بعدها ابحثوا عن بيت للتفكير يدير عقل هذا الكائن الخرافى.. وانسفوا تماما فكرة الإتيان بممثلين للنقابات والهيئات وما شابه.. فما هى علاقة نقابة المحامين- مع احترامى للمحامين- والمجلس القومى للمرأة بوضع محتوى وسياسات وأهداف ماسبيرو؟.
إصلاح ماسبيرو يبدأ من باب «٤» ولا ينتهى به.. والحل ليس فى إعادة الوزارة- وزارة الإعلام من عدمه.
البحث عن رأس.. هو بداية الحل.. والأهم ماذا تريدون.. شكل وهوية هذا الذى تريدونه.. هل تبحثون عن مصر «العاملة».. التى تبني.. التى تفكر.. مصر المبدعة.. العربية.. بنت إفريقيا.. مصر العدالة الاجتماعية. والكرامة.. إلخ.. إذا كنتم تريدون ذلك.. ابحثوا عمن يستطيع أن يحول تلك الأفكار إلى كائنات حية تعمل بجوار عصام الأمير(برغم عدم ايجابيته) او الشيخ حال عودته او لاشين حال تعيينه رئيسا للاتحاد مع احترامى لباقى الاسماء غير هؤلاء الثلاثه حتى للقياديه اياها انتيمة محلب لو جائت هى او اى احد غير هؤلاء الثلاثه سيكون الوضع.. مش تشيلوا «آلدو وتجيبوا شاهين».. ماسبيرو أكبر من كل ذلك لو كنتم تعلمون.