فى العهود الرئاسية السابقة على ثورة 30 يونيو 2013 كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى صاحبة الكلمة العليا، ليس فى مصر وحدها وإنما فى المنطقة والعالم بأسره، لدرجة أن كل القرارات المهمة لم تخرج إلا بعد موافقة أمريكية، لكن الوضع الآن تغير، فواشنطن لم تعد الراقص الوحيد على المسرح الدولى، حتى وإن كانت الكتل الغربية والأسيوية تدعمها سياسيا واقتصاديا، لأن الظهور القوى مرة أخرى للدب الروسى وضع حدا للهيمنة الأمريكية، فضلا على المواقف القوية والحاسمة التى تنتهجها الصين مما جعلها فى مصاف الدول ذات التأثير القوى فى القرار العالمى.
من هذا المنطلق تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لروسيا ولقائه مع نظيره فيلاديمر بوتين، فموسكو فى الوقت الراهن هى اللاعب القوى الذى استطاع مجابهة الحلف الأمريكى الأوربى بل والانتصار عليه فى عدة معارك، منها على سبيل المثال الوضع فى سوريا، فضلا على الأزمة الأوكرانية التى لازالت أصداؤها تزعج واشنطن وبقية العواصم الأوربية حتى الآن، وهو ما يؤكد أن اختيار الدب الروسى ليكون فى مقدمة دول التحالف الجديد مع مصر هو اختيار صائب، ليس لأننا نبحث عن بديل لواشنطن لأن علاقتنا بالولايات المتحدة لن تنقطع مهما حدث، لكننا نتحدث عن تنويع فى البدائل الخارجية حتى لا يكون قرارا معتمدا على مصدر واحد وهو المصدر الأمريكى.
أهمية قمة السيسى وبوتين تأتى من توقيتها الذى يتزامن مع الأوضاع الإقليمية المتوترة، وفى مقدمتها الأوضاع فى قطاع غزة، فضلا على ليبيا، اتصالا بالتداعيات السلبية لتردى الأوضاع السياسية والأمنية على الحدود المصرية الغربية، إلى جانب الأوضاع فى العراق، وضرورة الحفاظ على وحدته الإقليمية، وكذلك الأزمة السورية، وأهمية التوصل إلى تسوية تحفظ وحدتها الإقليمية وتصون أرواح مواطنيها.
لكن الجانب الاقتصادى لن يكون غائبا بالطبع عن هذه القمة المهمة، فمصر مقبلة على طفرة اقتصادية تحتاج لشركاء أجانب، وروسيا شريك مهم بالنسبة لنا، لذلك سيكون مهما أن يطلع السيسى نظيره الروسى على المشروعات الكبرى التى بدأ فى تنفيذها مثل مشروع «قناة السويس 2»، وكذلك حزمة التشريعات الجديدة التى تعكف الحكومة حاليا على إعدادها لتحسين مناخ الاستثمار.