* هل تؤيد المشير السيسي، وخارطة الطريق؟
- نعم، وأتسامح مع كثير من الأخطاء الصغيرة، طالما لا تمس المبادئ الأساسية.
* إذن لماذا ترفض ترشحه، خاصة وأن الضرورة تفرض ذلك؟
- لأنني أثق فيه، وأصدق «بيان المبادئ» الذي أعلن فيه عن مسافة واضحة مع دوائر الحكم، وأن أمن الوطن أعز وأشرف عنده وعند المؤسسة العسكرية من الحكم.
* لكن الظروف تغيرت، وجموع الشعب تطالب به رئيسًا، ألا يستجيب؟
- تقديري للسيسي يقوم على عدة أعمدة رئيسية منها أنه «رجل استراتيجية» تربى على الانضباط وتقدير الموقف، وزاده عمله الاستخباراتي قدرة على التحليل ووضع سيناريوهات للمستقبل، والاعتماد على المعلوماتية، وفي حال تغييره لموقفه، سيزرع في قلبي الشك تجاه هذه المميزات، فإذا كانت الظروف تغيرت، ولم يكن يضع ذلك في حسبانه، فكيف يكون «استراتيجيا»؟، وكيف يمكن أن يضع خارطة ناجحة لمستقبل يخطئ في تقديراته؟ أنا أحب صورته المنضبطة كرجل شريف حاسم يعتز بتأمين وطنه بلا أي غرض في الحكم، وبلا تخلي عن الدور الذي يشعرني أكثر بالثقة والأمان.
* لكن معظم الجماهير تطالب به بشدة، ألا تلاحظ ذلك؟
- ألاحظه وأصدقه، وأسعد بميلاد بطل شعبي تلتف أحلام المصريين حوله.
* أنت تحيرني، فلماذا ترفض ترشحه برغم تأييدك واحترامك الواضح له؟
- لأنني أراه قائدًا وجنرالًا، صاحب رؤية وقرار، ودور، أما إذا تحول إلى «جندي» يطيع أوامر غيره، ويقاتل في معركة تفرضها الضرورة والالتزام بأوامر قائد آخر، فهذا يعني أنني سأخسر صورة «القائد» الذي كسبتها لصالح جندي «اضطرته الظروف».. سأخسر ثقتي في تقديراته للمستقبل ومتغيراته، وأشعر بعودة عشوائية وتذبذب القرارات، وهشاشة الوعود التي لا يلتزم بها مسؤول، وأننا ذاهبون لاستعادة «الرئيس الأب» الذي تتحرج الرعية من محاسبته على سياساته والتزاماته، وأنا أحترم السيسي تحت راية السياسة والوطنية والدور، لأنني لا أعرفه شخصيًا في الحياة، وبالتالي فإن حكمي عليه نبع من موقف، وأخشى أن تهتز صورته عندي عندما يتصرف عكس هذا الموقف.
* ما هو هذا الموقف؟
- انحيازه لثورة 25 يناير ومبادئها، وحمايته لحدود ومستقبل الوطن من الاستحواذ والتقسيم، وكل ما وصفه في بيانه بأنه «تهديد يعرض الأمن القومي المصري لخطر شديد»، فأنا أرى أن 30 يونيو هي امتداد وتمكين لثورة يناير، وليست «لعبة مخابراتية» لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء وتمكين «نظام ساقط» من الحكم مرة أخرى، وهذا بصراحة شديدة ما ألمسه في بعض القطاعات المؤيدة للسيسي، وهذا لا يعيبه، لأن البطل لا يختار أنصاره، لكنه يعيبنا نحن لو أغمضنا أعيننا عنه، لأن أول من يساعد على فساد الحاكم والزعيم والنجم أو حتى الشخص العادي هو نوعية المحيطين به، والحقيقة أن المشير حتى الآن منتبه لهذا، في تصريحاته، فهو يؤكد دوما أن النظامين الذي ثار ضدهما أغلب الشعب لن يعودا مرة أخرى.
* يبدو أنك لا ترغب في ترشحه لأنك منحاز لترشح حمدين صباحي؟
- أسألك أنا سؤالًا: هل يصلح حمدين قائدًا عسكريًا، وخبيرًا في محاربة الإرهاب؟
* طبعا لأ.
- لماذا إذن نخسر السيسي كقائد أثبت نجاحه في مهمة جليلة، لصالح دور سياسي يكفي أن يقوم به المستشار المحترم عدلي منصور، أنا لا أريد ان أخسر «المشير الوحيد»، ولا أحب أن ينزل من مقامه المطمئن ويدخل حلبة العراك والتنافس، وأخاف أن يخسر الجميع، والأهم أنني أخاف أن تتحول «الضرورة» التي يتحدث عنها الجميع إلى «غواية» تأخذنا من ميدان العقل والتفكير الرصين إلى مخدع الإغراء استسلاما للغة الجماهير العاشقة.