لا مفر إذن.. لو كنت أبحث عن مستقبلى السياسى بين هوجة المرشحين للرئاسة.. لا مفر من الهجرة وطلب اللجوء السياسى للمنوفية.. التى تحتكر المنصب الرئاسى الرفيع.. أنور السادات لعشر سنوات.. ثم حسنى مبارك ثلاثين سنة.. ثم عبدالفتاح السيسى لمدة لا يعلمها إلا الله.. ودعك من عابر سبيل اسمه مرسى.. الذى يبدو كعلامة تعجب فى التاريخ المصرى المعاصر!
وربما كان الرئيس بعد القادم أيضاً منوفياً.. لأن وزير الدفاع المحتمل صدقى صبحى ينتمى هو الآخر للمحافظة المحظوظة التى لا تنجب سوى الرؤساء.. والصعيد يا عينى لا يبدو أبداً على خريطة مرشحى الرئاسة.. وآخرهم كان جمال عبدالناصر.
أما أبناء الدلتا فهم على الهامش دائماً.. ومنهم حمدين صباحى ابن بلطيم.. الذى يستحق تحية مخصوصة لإعلانه الترشح.. لم يتردد ولم يؤجل.. ولم يفكر ويفكر.. ثم يفكر ويفكر.. لم يتشرط ولم يطلب تفويضاً شعبياً.. ثم عاد ليفكر ويفكر.. حمدين حسم المسألة وأعلن الترشح.. هو حدد طريقه ويستعد للانطلاق.. أتمنى له التوفيق.. ولا يعنى هذا أننى سوف أنتخبه وأختاره.. الانتخاب سر خاص بينى وبين الصندوق.. وذات يوم سألت ناخبة فرنسية عجوزاً تجاوزت التسعين وتقف بالكاد أمام لجنة الانتخاب.. سألتها عن مرشحها المفضل.. فأشاحت بوجهها.. وتولى ابنها التفسير.. قال لى إن الانتخاب سر خاص وشخصى.. لا يجوز لك أبداً أن تسأل ناخباً عن مرشحه المفضل.. أو تعلن على الملأ المرشح الذى تختاره.. لأنك ساعتها تخدش حيادية الانتخابات!
ابن بلطيم حسم موقفه قبل الهنا بأسبوع.. يعنى قبل فتح باب الترشح رسمياً.. وهو ما يفعله السياسيون فى العادة.. لأن السياسى لا يتأخر فى إعلان موقفه حتى فتح الأبواب رسمياً.. الأصح والأحوط والأصول أن يتعرف الناخب على خريطة واتجاهات المرشحين مبكراً.. وآفة السياسى التردد والبطء فى اتخاذ القرار.. لأنك فى دنيا السياسة وفى لحظات بعينها عليك اتخاذ القرار بسرعة، أما التردد وعدم الحسم فهو محسوب عليك.. ويمكن أن يكون كارثة بعيداً عن السامعين..!
وبقدر تحيتى لحمدين.. أرحب بقرار أبوالفتوح عدم الترشح.. هو قرار حاسم أيضاً.. هو اختار موقفه بوضوح طبقاً لحسابات خاصة.. له كل التوفيق والتقدير.
والدور الآن على السيسى.. ولا يهمنى موقف سامى عنان كثيراً وقد أعلن أنه سيحدد موقفه بعدين وأغلب الظن أنه ينتظر قرار السيسى.
السيسى هو الأهم إذن.. على اعتبار أنه المرشح الأوفر حظاً.. وهناك حالة من الإجماع والترقب لإعلان ترشحه.. والرجل لم يعلن موقفاً واضحاً حتى الآن.. ولا تعرف لماذا يا أخى.. وقد ترك الساحة لاجتهادات السياسيين والمحللين.. ونحن الشعب لا مؤاخذة لسنا كومبارس.. نريد أن نعرف الآن الآن وليس غداً.. نحن نترك له تفاصيل إعلان الترشح رسمياً.. واختيار فريقه الرئاسى المعاون.. نترك لهم تحديد برنامجه الانتخابى.. وترتيب أوضاع القوات المسلحة قبل تركه موقعه.. هذه كلها تفاصيل لا نتدخل فيها.. لكننا نريد أن نعرف شعبياً وليس رسمياً وعلى بلاطة.. إن كان ينوى الترشح.. خصوصاً أنه لم يعلن عزمه الترشح أبداً.. وعلينا أن نضرب أخماساً فى أسداس.. هو أعطى إشارات تحتمل التأويل.. وعندما قيل بوضوح إنه سيترشح كان ذلك فى جورنال غير مصرى.. لكن مصدراً عسكرياً رسمياً سارع بالنفى بشدة.. مفسراً إعلان ترشحه بأنه اجتهاد شخصى من الصحفى الذى رد بأن أقسم بالطلاق أن السيسى سوف يترشح..!!
وعلىّ الطلاق أنا لا أتمنى للصحفى الطلاق والانفصال عن المدام.. لكننا نطالب السيسى بإعلان موقفه واضحاً لا لبس فيه.. وهو حر يترشح أو لا يترشح.. فقط إعلان الترشح من عدمه يهدئ الشارع المتوتر كثيراً.. ولا حديث الآن للبيوت والمقاهى والتجمعات سوى عن الترشح المحتمل.. والبلاد والعباد على شفا الانهيار النفسى.. والتائه فى الظلمة يبحث عن الفنار المنير.. والشائعات فى جرائد بير السلم تلعلع، وآخرها ما ذكرته جريدة لقيطة من أن السيسى يخشى الفشل كرئيس بعد نجاحه وشعبيته على رأس القوات المسلحة!
لا أعرف لماذا يتردد ابن المحافظة المتخصصة فى إنجاب الرؤساء.. والتى أفكر جدياً فى الهجرة وطلب اللجوء السياسى إليها.. عسى أن ينفخ الله فى صورتنا.. لأصبح الرئيس بعد بعد القادم..!!