عندما تم اختيار السيسي وزيرا للدفاع، بعد الأطاحة بالمجلس العسكري، ظن الكثير من الناس أن الرجل الذي وقع عليه الاختيار من الرئيس الإخواني لا بد أن يكون من الإخوان أو على الأقل من محبيهم! ما ساعد الناس على تصديق هذا الأمر أن اسم عائلة السيسي ليس بغريب عن تاريخ الإخوان، فابن عم والده من الإخوان، وخرج عليهم على ما أظن، وكتب ضدهم! وقتها لم يكن من السهل معرفة توجهات السيسي، وكان من السهل تصديق أن السيسي إخوان.
لم أنتبه شخصيا بأن الأمر مختلف عما نظن إلا بعد حدوث أمرين: الأول، دعوته للحوار الوطني في سبتمبر من عام 2012 بعد انقضاء المائة يوم الأولى من عمر رئاسة الرئيس الإخواني! وسألت نفسي، منذ متى يخاطب قائد الجيش القوى السياسية من أجل حوار وطني؟ والأمر الثاني قطع الشك باليقين، بعد هجوم حازم أبوإسماعيل على السيسي بشدة، فأيقنت أن الرجل ليس كما يشاع عنه. ثم توالت الأحداث التى غيرت صورة السيسي في عيون الناس، ومنها لقاؤه مع بعض الإعلاميين، أثناء مناورة للجيش. لم يستوقفني ما قاله وقتها للإعلاميين "لا تستعجلوا التغيير" ولكن استوقفني سؤال، منذ متى يدعو زير الدفاع إعلاميين من الفضائيات وفنانين لحضور مناورات للجيش أو حتى حفلات التخرج؟ لاحظ أن كلامه هذا جأ بعد تصريح رئيس الأركان عشية زيارته دولة الإمارات العربية في فبراير 2013 والذي قال فيه الجيش سيلبي نداء الشعب بلا أي تردد أو تأخير.
ولنقفز قفزة كبيرة في الزمن، ونصل إلى يومنا هذا، ونسمع ما يقال الآن على المشير السيسي ونوعا ما على الجيش نفسه! تقريباً نفس الكلام الذي كان يتردد من قبل ويحمل اتهامات بالأخونة، يعود الكلام الآن بنفس الوتيرة لكن باتهامات معاكسة تماما فيتهم السيسي بأنه "مناسب" الفلول، وأنه يطمح لعودة نظام مبارك، فهو في عين بعض الناس يمثل امتداد نظام مبارك! والاتهامات تصل إلى الجيش نفسه، وتشير إلى أن الجيش يخطب ود أمريكا، فهو يريد أن يعود مرة أخرى ليصبح وكيل أمريكا المحلي بعد احتراق ورقة الإخوان! وكأن بعض الناس فقدوا البصيرة، ولا يشعرون بالحرب التى يقوم بها الأمريكان على مصر عامة وعلى الجيش المصري خاصة!
ما أشبه الليلة بالبارحة إذاً، وما أسهل أن نطلق أحكاما على السيسي أو على الجيش، كما فعلنا من قبل، ثم نتبين بعد مدة أن ظنوننا كانت خاطئة، وأن الواقع شيء مختلف عما يدور في أذهاننا. عموما لست في معرض دفاع عن السيسي أو الجيش، فهم ليسوا بحاجة إلى ذلك، ولكني أنبه القارئ الكريم إلى نمط أراه يتكرر، وعما قريب سيتبين أنه ليس كل ما نظنه صوابا. والنمط الذي أقصده اننا ظننا في البداية أن السيسي إخوان بالخطأ، والآن نظن أنه امتداد لنظام مبارك!!
وأختم بسؤال: هل يا ترى حالة التعبئة التى نراها في الإعلام، وبخاصة الفضائيات بأمر من جهة معينة، أم أن الإعلام يعمل بطريقة "من فات قديمه تاه" دون أي تنسيق مع أي جهة؟ وهل رأس المال المسيطر على الفضائيات يعمل بلا أي مصالح يسعى لإحيائها والحفاظ عليها؟ وهل هناك من يجيب شبكات المصالح، أم أنها ظنون فوق ظنون؟