أكد المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية، أن حديث المصالحة مع جماعة الإخوان مرفوض شعبيًا مادامت إراقة الدماء على أيدى الإرهابيين مستمرة.
وقال فى حوار مع محمد عبدالهادى علام، رئيس تحرير «الأهرام»، تنشر «المصرى اليوم» جانبًا منه بالاتفاق مع «الأهرام»، إنه يتمنى ألا تضطرنا الظروف إلى فرض إجراءات استثنائية لمواجهة العنف، وإن زمن الانفراد بالقرارات المصيرية وتجاهل إرادة الشعب قد ولى.
■ العلاقة بين ثورة 25 يناير و30 يونيو، أثارت جدلا كبيرا فى الأوساط السياسية والإعلامية المصرية، كيف يقيم الرئيس هذه العلاقة؟
طالما حرصت فى جميع خطاباتى التى وجهتها إلى الشعب المصرى، على أن أؤكد أن ثورة 30 يونيو هى مد ثورى لثورة الخامس والعشرين من يناير، استهدفت تصحيح مسارها وإعادتها إلى نصابها الصحيح، بعد أن حاول المتاجرون باسم الدين اختطاف ثورة 25 يناير، والاستيلاء على مكتسباتها، وهو ذات الرأى الذى حرصت على نقله لشباب الثورة أثناء لقائى بهم فى قصر الاتحادية، حيث كانت جلسة مكاشفة ومصارحة ممتدة، وكما تعلم، لولا ثورة 25 يناير ما كان لثورة 30 يونيو، ثورتنا الثانية، أن تقدم تصحيحا لمسار الأولى.
■ بمناسبة الدستور، هل يتخوف القاضى الجليل عدلى منصور من أن تكون هناك «آمال عظمى» فى الدستور الجديد يمكن أن تقع فريسة الواقع الصعب؟
بعد ثورتين شعبيتين متتاليتين، أتفهم تماما دوافع أى مواطن مصرى فى أن يكون سقف طموحاته مرتفعا، وأن يكون حريصا على تحقيق الآمال الواردة فى الدستور، وتحويلها إلى واقع ملموس، ماذا تنتظر من مواطن أُهدرت معظم حقوقه فى جميع المجالات، لا حياة حزبية حقيقية، لا وظائف، تفشى البطالة، لا عدالة اجتماعية، وبالطبع تغييب كامل لتكافؤ الفرص، طبيعى بل ومنطقى أن يكون هذا المواطن تواقا ومتعطشا لاستعادة جميع حقوقه المسلوبة، الحلم مباح ومطلوب لتحقيق الواقع، ولكننى لا أريد أن يكون سقف أحلام مواطنى الشعب المصرى سببا فى إحباطهم، لن تكون هناك عصا سحرية تنجز متطلبات عقود طويلة، المهم فى المرحلة المقبلة أن نضع أقدامنا على الطريق الصحيح فى جميع المجالات، ولن نستطيع ذلك دون العمل بجدية.
■ ملف «المصالحة» من الملفات الشائكة، سواء كانت مصالحة مع بقايا الجماعة الإرهابية، أو رجال الأعمال الهاربين، ما هى رؤيتكم لتفعيل خطوات المصالحة فى مرحلة الرئيس الجديد فى السلطة؟ وهل المصالحة بالضرورة تعنى أن هناك ما تريد السلطة التستر عليه أو التحايل عليه، مثلما يسعى البعض إلى الترويج لذلك فى الخارج؟
إذا كنت تتحدث عن المصالحة مع جماعة «الإخوان المسلمين»؛ فبعد أن استعاد الشعب المصرى وعيه السياسى، وقال كلمته فى ثورتين مجيدتين، هل يمكن اتخاذ أى قرار فى هذا الشأن دون موافقته ورضاه، أشك فى ذلك، لقد ولى زمن الانفراد بالقرارات المصيرية، وتجاهل إرادة الشعب المصرى؛ فالمعطيات تتغير وكذلك المطروح والمقبول شعبيا يتغير؛ فقبل تفشى أعمال العنف كأحداث الجامعات المصرية، وتفجير مديريتى أمن الدقهلية والقاهرة ومتحف الفن الإسلامى، وأحداث كرداسة وقرية «دلجا» واغتيال قيادات جهاز الشرطة وغيرها، كان من الممكن الحديث عن المصالحة، وأظن أن هذا الأمر لم يعد مطروحاً أو مقبولاً شعبياً.
وأما بالنسبة لمشاركة عناصر هذه الجماعة ممن قطعوا صلتهم بها وتبرأوا من أفعالها، ولم يسبق لهم الاشتراك فى إراقة الدماء المصرية، وتخريب المصالح والمنشآت العامة والخاصة فى الحياة السياسية، فهو أمر معقود بإرادة الناخبين، وليس بقرار حكومى، على أن يسبقها تصحيح للمسار ومراجعات صادقة للمواقف، واعتراف بثورة 30 يونيو ومبادئها، وفى كل الأحوال مادامت دماء تسيل فمن المؤكد أن هذا الرفض الشعبى سيستمر، إن تلك الدماء خلقت جراحا كثيرة وغائرة، والحديث عن المصالحة له متطلبات كثيرة، بما فيها فترة زمنية دون جراح جديدة تندمل خلالها الجراح القديمة. أود أيضاً أن أؤكد على أن مصر بعد إقرار الدستور «دولة قانون»؛ ووفقا لذلك سيتم تصحيح الأوضاع وإنهاء مثل هذه الملفات، بما فيها ملفات رجال الأعمال الهاربين.
■ هل تتخوف من اتخاذ العنف من جانب الجماعات الإرهابية منحى جديدا يؤدى إلى قرارات وإجراءات استثنائية فى الفترة المقبلة، وهو ما ورد فى خطابكم الأخير إلى الشعب المصرى.، وماهى الإجراءات الاستثنائية التى يمكن أن تتخذها سيادتكم فى هذا الاتجاه؟
الإرهاب والعنف ــ كما قلت سابقاً ــ هو وسيلة الضعفاء ممن لا حيلة لهم، وإذا كان علو الصوت فى حد ذاته يعد دليلا على ضعف الحجة وغياب المنطق، فما بالك بأعمال القتل وترويع الأبرياء، وأود أن أحيلك إلى كلمتى التى وجهتها للأمة فى السادس والعشرين من يناير 2014، فقد قلت إننى لن أتردد فى اتخاذ إجراءات استثنائية «إن تطلب الأمر ذلك»، وأردت أن أؤكد من خلال كلماتى على أن الدولة مضطلعة بمسؤولياتها إزاء حفظ أمن الوطن والمواطنين، وآمل أن تسفر الجهود الأمنية عن انحسار ودحر موجة الإرهاب التى تشهدها البلاد فى مستقبل قريب، إلا أننى حرصت على أن أؤكد على أنه إذا ما لزم الأمر سنقوم بذلك، استجابة لما قد تطلبه مؤسسات الدولة المعنية من إجراءات استثنائية، لكننى بالقطع أتمنى ألا تضطرنا الظروف والتطورات إلى فرض إجراءات استثنائية.
■ التقارب المصرى- الروسى أخذ فى التبلور فى الآونة الأخيرة، باعتباركم تعلم دقائق الأمور، هل تعتقد أن تطوير العلاقة مكتوب له النجاح، وما هى فوائده على مصر من وجهة نظركم؟
كما تدرى الاتحاد السوفيتى السابق كان قد ترك موروثا إيجابيا ملموسا يمكن البناء عليه لتفعيل علاقاتنا مع روسيا الاتحادية؛ فالمجتمع المصرى لا ينسى الإسهام الروسى فى بناء السد العالى، وتدشين الصناعات الثقيلة، فضلا عن دعم موسكو لمصر تدريبا وعتادا فى حرب أكتوبر 1973، ومن ثم كان من الأهمية بمكان أن نعيد صياغة علاقاتنا مع موسكو لنعيد توازنا افتقدناه فى علاقاتنا الدولية، ولقد تجلت أولى ملامح دفع العلاقات الثنائية فى الزيارة التى أجراها فى نوفمبر 2013 وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان إلى القاهرة، حيث أكد وزير الخارجية الروسى لافروف على اهتمام روسيا الاتحادية باستقرار مصر، وأن يكون لديها اقتصاد متطور يُساند هذا الاستقرار، وهو ما أكده لى فى اتصال هاتفى لاحق الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» معربا عن استعداد بلاده للإسهام فى تحقيق تطلعات الشعب المصرى فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، وهو الأمر الذى نثمنه غاليا.
وأود أن أنوه إلى أننا وإن كنا نرحب بعودة روسيا إلى المنطقة، وتفعيل علاقاتنا الثنائية معها، إلا أننا لا نراها بديلاً لأحد.