ليس فيلما مسيئا للرسول صلي الله عليه وسلم, بل هو عمل مخابراتي تمكن من تحقيق أهدافه في توتير
وتسخين الأجواء بين أمريكا والعالم الإسلامي بصفة عامة والعربي خاصة, ووضع بالفعل سيناريوهات مفتوحة لمستقبل العلاقات بين الجانبين.
وبالرغم من أن توابع هذا العمل المخابراتي مازالت مستمرة فإنه يمكن رصد عدد من المحاور المهمة والحيوية التي باتت ظاهرة للجميع ولا يمكن أن تخطئها عيون المراقبين.. أهمها: علينا أن نبحث عن المستفيد الأول من هذا الفيلم, وفي تقديري أنه لا يمكن تبرئة الأيادي الإسرائيلية من العبث في هذه المساحة الحساسة التي تتعلق بمقدسات المسلمين, ولا أقتنع أن مواطنا ليبيا مخلصا لبلاده أطلق الصاروخ الذي راح ضحيته السفيراء الأمريكي ورفاقه في بني غازي.
أثبت هذا الفيلم أن الدبلوماسية العربية علي أرض واشنطن تغط في سبات عميق, فلو تحرك السفر العرب مبكرا باحتجاجات لدي الحكومة الأمريكية وأخذوا زمام المبادرة منذ البداية ربما كان الأمر يختلف مع ردود فعل الشعوب, خاصة عندما تتأكد أن حكومات بلادهم سبقتهم في ذلك.
الفيلم المسيء وردود الفعل الغاضبة التي أدت إلي القتل والحرق والتدمير لعدد من السفارات الأمريكية في الدول العربية تكمن بالفعل في إعادة تذكير الشعب الأمريكي ودوائر صنع القرار بأحداث11 سبتمبر, وهو ما يعني أن إطلاق هذا العمل القذر في هذا التوقيت كان مقصودا لبث المزيد من الشحن والكراهية ضد المسلمين.
من الضروري تعليق المساعدات الأمريكية العاجلة للاقتصاد المصري خاصة بعد زيارة وفد أمريكي كبير يضم عددا من رؤساء الشركات والمستثمرين واستعدادهم لضخ المليارات من الدولارات في إقامة مشروعات استثمارية في مصر إلي جانب المساندة من الجانب الأمريكي لمباحثات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول علي3.8 مليار دولار.
وهذا المحور تحديدا هو الأخطر في تقديري لأنه فتح الباب أمام التدخل العسكري الثقيل والمباشر في بعض الدول العربية, فالحديث يتردد الآن عن قوات عسكرية أمريكية ترابط قبالة السواحل الليبية, بالإضافة إلي وصول طلائع المارينز لحماية السفارة الأمريكية في اليمن, ولنا أن نتخيل السيناريو لو أن مواطنا يمنيا قتل علي أيدي الجنود الأمريكان فماذا سيكون رد الفعل وما النتائج المتوقعة؟! إنه زرع لفتيل قابل للانفجار في أي وقت يفسح الطريق أمام المزيد من الوجود العسكري علي أرض الدول العربية تحت مسميات حماية السفارات وربما حماية الجاليات والمواطنين الأمريكيين بهذه الدول.
وبالفعل أصبحت هناك حالة من التشويش والتشويه لدي دوائر كثيرة في المجتمع الأمريكي ضد التيارات الإسلامية التي صعدت إلي صدارة المشهد السياسي بعد ثورات الربيع العربي التي شهدتها المنطقة.