انعم هى مباراه ولكن بدون دستورفالاعلام الرسمي والخاص الموالي لسلطة ثورة 3 يوليو، يشغل مساحات واسعة للكلام عن الدستور وجماله وحلاوته.. وأحيانا بلغة "طلاسم" تحتاج إلى "ساحر" لفك "العمل".. حتى أني سمعت إلى الناشطة الحقوقية د. منى ذو الفقار، وهي تتكلم عن الدستور بطريقة "نقاد الحداثة" وشيخهم الكبير د. جابر عصفور، حين يتحدث عن "نص النصوص المتناصة"!!.. حد فاهم حاجة؟! الطريف، أن الحكومة في إعلامها الرسمي "الحكومي" والعرفي "الخاص".. تتكلم وكأن الناس تسأل ما إذا كان الدستور "حلو" ولا "وحش"؟! وبلغت حد الدعاية له الزعم بأن بياعة "الفجل" ستجد زبونها "اللقطة" و"السخي" في الدستور الجديد! لا عوام الناس ولا النخبة تسأل عن فحوى الدستور، لأن الجميع لن يصوت أو حتى سيقاطع، بناء على ما إذا كان شكله يفتح النفس أم سيقطع الخميرة من البيت.. فالكل سيتخذ من التصويت فرصة لإعلان موقفه السياسي من الآخر.. ومن المتصارعين على السلطة.. بمعنى: فمن سيقول نعم سيقولها ليس لأنه أطلع على الدستور ووجده فعلا حاجة تفرح.. وإنما سيقول نعم نكاية أو خوفا من الإخوان.. ومن سيقول "لا" لن يقولها لأنه قرأ مواده جيدا، ووجد شكله "مش ولا بد".. وإنما سيقولها نكاية وعقابا للفريق السيسي ولكل القوى التي شاركته في عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.. ومن سيقاطع فإنه سيتخذ موقفه إما خوفا من الوضع الأمني "الهش" ولسان حاله يقول "العمر مش بعزقة".. وإما خوفا من "العسكر" ومن "الإخوان".. يعني يرفض الاثنين معا. التصويت على الدستور الجديد ـ والسابق أيضا وربما يكون اللاحق ـ لا يتأسس على موقف "معرفي" أي الرغبة في بناء دولة مؤسسات.. وإنما بات أداة للتظاهرات السياسية، وكأنك أمام مظاهرتين واحدة مؤيدة للسيسي وأخرى ضده ومؤيدة لمرسي.. وطرف ثالث ضد الاثنين معا.. ويرفضهما ويكتفي بالجلوس في البيت ومتابعة التطورات على شبكة الانترنت أو الفضائيات. مناصرو الإخوان قالوا إن دستور "مرسي" هو "الأفضل" تاريخيا.. ومؤيدو 3 يوليو، قالوا إن دستور "السيسي" هو "إنجيل" الثورة.. والذي لا دستور قبله ولا بعده فهو "خاتم" الدساتير والقوانين.. في واحدة من أكثر تجليات الفرعونية السياسية تعبيرا.. حيث كان كل فرعون يشطب تاريخ سلفه من الفراعين الأخرى. والحال أن المصريين لم يكن يشغلهم ما إذا كان الدستور "تاريخيا" كتبه مكتب الإرشاد في لحظة تجلي أو "وحيا" نقله الراحل أنور السادات، في واحدة من منامات الفريق السيسي.. وإنما يخرجون لـ"التظاهر" وليس لـ"التصويت".. هم شايفينها كده: نتائج التصويت ليس مهما ما إذا كانت في صالح الوطن.. المهم أن تكون في صالح الجماعة بتاعته ونكاية في الجماعة التانية!! خلال أقل من أسبوع ستعلن نتائج التصويت على الدستور .. وأيا ما كانت النتائج، فإن المشهد سيكون مثل مباراة كرة قدم، فريق سيلحق هزيمة بالمنافس.. غير أن الحقيقة التي ستظل ثابتة، هي أن المباراة جرت بدون "دستور