يزداد حبل قضية الفساد ضيقاً يومًا بعد آخر حول رقبة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، بعدما كشفت المؤسسة القضائية عن فضيحة فساد كبرى تورطت فيها حكومة أردوغان، الذى لا يزال يردد مزاعم تطابق تلك التى رددها الرئيس المعزول لتبرير ما يحدث فى بلاده، كل هذا يأتى فى الوقت الذى لا تزال شوارع تركيا تعج بالمتظاهرين الغاضبين الذين رفعوا فى مظاهراتهم علم مصر وكأنهم يستدعون من يستطيع تطبيق النموذج المصرى بعزل رئيس الوزراء كما حدث مع مرسى.
فمن جانبه، انتقد "جاهد قابلان"، رئيس أمانة حزب الشعب الجمهورى المعارض بولاية "مانيسا" غربى تركيا، هجوم رئيس الحكومة "رجب طيب أردوغان" على أحزاب المعارضة، واصفًا هذا الفعل بمحاولة التستر على فضيحة الفساد والرشوة، التى تتولى النيابة العامة فى إسطنبول التحقيق فيها.
وأشارت وكالة "جيهان" التركية، اليوم الاثنين، إلى أن "قابلان" أبدى انزعاجه من وصف أردوغان حزب الشعب الجمهورية بـ"القمامة"، مؤكدًا أنه رئيس الوزراء لا يفتأ عن محاولة تغطية ملف الفساد والرشوة بالتطرق إلى موضوعات فرعية لا علاقة لها بالقضية.
وتابع قابلان قائلا "هجوم أردوغان على هذا وذاك لن يجلب له نفعًا، فهناك فضيحة فساد لم تشهد تركيا مثلها على مر تاريخها، فهذه الحكومة تأكل مال اليتيم وتسلب مستقبل هذه الأمة"
أكد موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشيه فيلا"، أن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان يواجه عاصفة سياسية تغذيها فضيحة الفساد الأخيرة، وأن أيامه فى الحكم "معدودة".
ونقل الموقع عن ليلى أكجن، عضو الحزب الديمقراطى الاجتماعى الألمانى، المتحدرة من أصول تركية أن أردوغان الذى سعى لبسط نفوذه فى الشهور القليلة الماضية، يواجه احتمالات الإطاحة به خلال أيام معدودة خاصة بعد فضيحة الفساد المتورط فيها ابنه وعدد من أبناء وزراء بحكومته المستقيلة، وذلك بعد 6 أشهر من احتجاجات "جيزى"، معتبرة أن تورط ابنه فى عمليات غسيل الأموال وقضايا الفساد بمثابة "قنبلة موقوتة" فى منزل أردوغان.
وأعربت أكجن عن اعتقادها بأن أردوغان سيحاول اللجوء للقوة قريبًا، فى الوقت الذى تتحداه فيه السلطة القضائية لمحاولاته تقويض الفصل بين السلطات، فيما قفز العديد من المقربين له من "السفينة قبل غرقها".
ورأت أكجن، أن أردوغان قلل من شأن حركة عبد الله جولون الداعية التركى المقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية، والذى يبدو وكأنه المنافس "الأشرس" له، إلا أنها استبعدت أن تكون حركة جولن وراء فضيحة الفساد.
اتهم العضو المستقيل من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم ووزير السياحة التركى السابق، النائب "إرطغرل غوناى"، اليوم الاثنين، رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بأنه لم يعد يسمع لنصيحة ولم يبق من الحزب إلا "زمرته" من المنتفعين، مضيفًا أنه استقال من حزب العدالة والتنمية الحاكم، لأن الحزب لم يبق منه إلا اسمه.
واستقال غوناى بالإضافة إلى نائبين آخرين من الحزب الإسلامى الحاكم بعد فضيحة فساد، واحتجاجًا على أسلوب أردوغان فى التعامل مع الأزمة ومحاولته التستر على الاتهامات والتأثير فى التحقيق.
وأوضح فى تصريحات خاصة لقناة "سكاى نيوز عربية" أنا وبعض النواب لم نريد الاستقالة فى البداية ولكن كنا نريد البقاء ومحاولة إصلاح الحزب من الداخل من خلال توجيه النصائح لزعيم الحزب، لكن أردوغان فرض الصمت على الجميع ومنع النصيحة.
وأضاف "غوناى": "اعتراضنا على الأسلوب الذى تم به التعامل مع القضية سبب إزعاجا لأردوغان فطلب طردنا من الحزب لكن بادرنا نحن إلى الاستقالة، وما حدث هو أن الحكومة حاولت وبقوة التستر على التهم وتغيير الحقائق، وتدخلت للتأثير على القضاء، وهذا أمر لا يمكن القبول به أو السكوت عنه من جانبنا".
وتابع: "منذ عامين وأنا أرفع صوتى فى الإعلام معترضا على العديد من مشاريع البناء فى إسطنبول فتوترت علاقتى بأردوغان بسبب آرائى ورفضى الصمت على الأخطاء التى تحدث".
اعتقلت القوات الأمنية التركية، أمس الأحد، فى مدينة "مانيسا" الواقعة فى منطقة بحر إيجة غرب تركيا سيدة متقاعدة بسبب رفعها صندوق أحذية أثناء خطاب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
وأشارت وكالة "جيهان" التركية أن السيدة رفعت صندوق أحذية من شرفة منزلها المطل على المنصة التى كان يخطب بها أردوغان فى ميدان "السيادة" بمدينة مانيسا، ووجهته تجاه المجتمعين، وعلى الفور سارعت قوات الأمن إلى اعتقالها واقتيادها إلى أحد مراكز التحقيق لاستجوابها حول سبب إقدامها على هذه الفعلة.
أكدت السيدة أنها كانت تقصد من تظاهرها برفع صندوق الأحذية أثناء خطاب أردوغان الاعتراض على قلة مرتب التقاعد الذى تتقاضاه من الحكومة، وعقب انتهاء التحقيق معها تم الإفراج عنها وإخلاء سبيلها.
يذكر أن التظاهر برفع صناديق الأحذية يشير إلى الاعتراض على الفساد الموجود فى الحكومة، حيث كانت القوات الأمنية قد عثرت أثناء تفتيشها منازل أشخاص يشتبه بممارستهم الفساد على مبالغ مالية ضخمة مخبأة فى صناديق الأحذية.
وأمام كل هذا لم يجد أردوغان أحدًا يدافع عنه غير إسرائيل، حيث نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مسئولين رفيعى المستوى بوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن إسرائيل متمسكة برئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان رغم تهم الفساد الموجه لحكومته، لافتة أن أردوغان راضٍ عن هذا الدعم.
وأضافت الصحيفة، أن المسئولين أعربوا عن ثقتهم فى تخطى "أردوغان" للأزمة الراهنة، معتبرة أن ما يجرى فى تركيا شأن داخلى، فيما أكد آخرون أن التأييد الإسرائيلى لأردوغان سيعطى له القوة للصمود أمام معارضيه.
وقال المسئولون، إن أى تغيرات فى العلاقة بين أنقرة وتل أبيب لن تضيف جديدا للمعارضة، وإنما سيخسر أردوغان حليفا استراتيجيا مهما مثل تل أبيب، خاصة بعد التقارب عقب اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو هذا العام عما وقع لضحايا السفينة مرمرة فى مايو 2010.
وكشف المسئولون بالخارجية الإسرائيلية النقاب عن زيارة مستشار الأمن القومى الإسرائيلى يوسى كاهن للعاصمة أنقرة قبل فضيحة الفساد، للتأكيد على رغبة تل أبيب فى المصالحة مع حكومة أردوغان ودفع التعويضات الكاملة لضحايا السفينة مرمرة.
وقال المسئولون إن أردوغان هدأ من حدة التوتر مع تل أبيب عقب قضية الفساد، بما يعنى أنه راضٍ عن العلاقة مع إسرائيل، حيث قرر فتح خط الطيران المباشر بين أنقرة وتل أبيب، ودعا إلى زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين، ورفضت المحكمة التركية تجريم أو منع مسئولين إسرائيليين من دخول أنقرة