ينبغي ألا يتوهم أحد حول إمكانية تحقيق تفوق عسكري على روسيا إننا لن نسمح بذلك أبدا، إن روسيا سوف ترد على هذه التحديات السياسية والتكنولوجية ولدينا كل القدرات اللازمة لذلك , إن عقيدتنا العسكرية والنماذج المتطورة للأسلحة ... تسمح لنا بالتأكيد ضمان سلامة وأمن الدولة الروسية, بهذه الكلمات اختتم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابه الموجه إلى البرلمان الروسي بمجلسيه (الأعلى والأدنى) قبل يومين من أن تنقل الصحافة الألمانية أن روسيا نشرت خلال هذا العام منظومات صواريخ تكتيكية متنقلة على حدودها مع بلدان الاتحاد الأوروبي.
وقالت صحيفة بيلد الألمانية نقلا عن مصادرها في الاستخبارات الألمانية أن الصور الفضائية تكشف أن روسيا نشرت خلال العام 2013 عشر منظومات صواريخ "إسكندير - إم" التي يسميها الخبراء الغربيون "إس إس – 26" في مقاطعة كالينينغراد الروسية.
إن منظومات صواريخ "إسكندير" الروسية المنشورة على الحدود مع دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) يمكن أن تهدد أمن هذه الدول بشكل كامل وأن تصل كذلك إلى أبعد نقطة في بولونيا كما أن مداها المجدي يصل إلى العاصمة الألمانية التي تبعد عن كالينينغراد الروسية مسافة 527 كيلومترا في حين يمكن لصواريخ "إسكندير – إم" ضرب أهداف في داثرة يزيد نصف قطرها عن 500 كيلومتر وهي منظومات متنقلة على حاملات تصل سرعتها إلى 70 كم في الساعة وتعد للقتال خلال 2-5 دقائق وتبلغ قوتها التفجيرية 2700 كيلو/طن تي إن تي ويمكن تزويدها برؤوس نووية وهي تشكل الرد المناسب على كل دولة أوروبية وافقت على نشر منظومات الدفاع الصاروخي الأمريكية على أراضيها.
وزارة الدفاع الروسية تؤكد ..
ونفى رئيس جهاز الإعلام التابع لوزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، في تصريحات صحفية أن يكون نشر صواريخ "اسكندير" في المنطقة العسكرية الغربية يتنافى مع أية اتفاقية دولية مؤكدا أن القوات المسلحة الروسية تملك صواريخ "اسكندير".
وكانت روسيا نصبت رادارا جديدا لاكتشاف الصواريخ المهاجمة في منطقة كالينينغراد في رد منها على خطة نشر شبكة مضادة للصواريخ في أوروبا وتوعدت روسيا بالمزيد من الردود على مشروع "الدرع الصاروخية" الذي تعمل الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي على نشره في أوروبا.
وكان الرئيس بوتين أوضح في خطابه المذكور أعلاه أن البرنامج النووي الإيراني كان يمثل في وقت سابق الذريعة الرئيسية لدى الولايات المتحدة في نشر منصاتها لأنظمة الدفاع الصاروخي في أوروبا موضحا إن الذي "حصلنا عليه الآن هو أن المسألة الإيرانية قد خرجت ولكن أنظمة الدفاع الصاروخي مازالت باقية" لا بل وتتلقى التطور اللاحق لها.
بوتين عن حقيقة الدفاع الأوروبي
وقال الرئيس الروسي إن الأهداف الحقيقية لنظام الدفاع الصاروخي في الغرب لا تتطابق مع تسميتها وروسيا تدرك جيدا أن نظام الدفاع الصاروخي هو دفاعي بالاسم فقط أما في الواقع فهو جزء أساسي من القدرات الاستراتيجية الهجومية موضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعلن لفترة طويلة أن الهدف الرئيسي الذي يتم من أجله إنشاء نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا هو في اعتراض الصواريخ التي قد تطلقها إيران.
وفي غضون ذلك أعربت روسيا عن استعدادها للعمل مع جميع الشركاء في صالح توفير الأمن العالمي العام والعادل والشامل وحل المسائل الدولية وتقوية أنظمة عدم انتشار ومكافحة الإرهاب الدولي وقال رئيسها إن مايثر القلق أيضا إلى جانب مسألة نشر منظومات الدفاع الصاروخي (في أوروبا) هو تطوير نظم أسلحة جديدة، مثل الأسلحة النووية المنضبة والصواريخ الاستراتيجية غير النووية، والأنظمة غير النووية العالية الدقة وذات الضربات الخاطفة بسرعة تفوق سرعة الصوت مخصصة لتوجيه ضربات في مجال زمني قصير وعلى مدى مجدي بعيد.
إن روسيا تعتبر تعزيز البلدان الأجنبية لمخزونها من النظم الاستراتيجية العالية الدقة غير النووية إلى جانب زيادة نشر قدرات أنظمة الدفاع الصاروخي تحديات تهدد أمنها الاستراتيجي وبالتالي يمكن أن تلغي جميع الاتفاقات السابقة بشأن تحديد وخفض الأسلحة النووية الاستراتيجية، وتعطل في نهاية المطاف ما يسمى بالتوازن الاستراتيجي للقوات العسكرية.
روسيا والتحديات الغربية..
لا شك أن روسيا تشعر جيدا بهذه التحديات التي تهدد خاصرتها الغربية بالإضافة إلى ما يمكن أن يبرز في علاقاتها مع دول الجوار الحديثة وأهمها أوكرانيا المهددة بكارثة الانقسام إذا لم تتمكن روسيا من رأب التصدع الداخلي الحاصل في أوكرانيا جراء نزوات سياسية غربية يطلقها الاتحاد الأوروبي بواسطة التيارات الليبرالية والشوفينية في أوكرانيا نفسها وتهدف إلى إبعادها عن جارتها الكبرى روسيا سيما وأن الأخيرة تدرك أنه مازال أمامها الكثير من العمل الواجب إنجازه في مجال تطوير المنظومات العسكرية المعاصرة العالية الدقة، بالرغم من تمكنها عمليا من الوصول بنجاح إلى مستويات جديدة في الردع النووي الاستراتيجي الذي يفوق كل التقنيات الغربية وفق المعايير النوعية المعاصرة.
كما أن هناك نوع آخر من التحديات التي يمكن أن يفجرها الغرب في الداخل الروسي مباشرة ومن خلال التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي حاولت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أن ترى لنفسها موطئ قدم على الأراضي الروسية وكانت تجربتها هذه مريرة ودموية في منطقة القفقاس الروسي ولكن ذلك لا يمنعها من تكرار هذه التجربة ثانية إذا لاقت آذانا صاغية لدى الداعمين في الغرب وفي شبه الجزيرة العربية.
النظام الأمني الروسي
بيد أن روسيا تعمل لمواجهة مثل هذا التحدي على تشكيل نظام استخباراتي عالمي مرتبط بتعزيز كوكبة الأقمار الصناعية ويحتوي على أنظامة استطلاع كونية تعمل في فضاء معلوماتي موحد وضمن إحداثيات زمنية واقعية وفي توجهها نحو تحقيق المزيد من تعزيز قوتها النووية تقوم روسيا بالعمل على تطوير أنظمة صواريخ استراتيجية جديدة تنطلق من قواعد أرضية وبحرية وجوية كما تواصل العمل في رفع قدراتها في مجال الصواريخ الاستراتيجية وفي بناء أسطول من الغواصات النووية والطيران البعيد المدى.
اذاعة صوت روسيا