رغم اختلافى مع بعض مواد قانون التظاهر خاصة المتعلق منها بآليات التنظيم، إلا أننى أجد نفسى متفقًا معه فى العموم بعيدًا عن الخوض فى بعض الأمور التى لا تستحق، عندى على الأقل التوقف أمامها، باعتبارها مداخل للشيطان.
فالقانون فى عمومه أقل بكثير من القوانين التى سنتها دول أوروبية عايشت ورأيت وتابعت فى بعضها التظاهرات، من حيث آليات التنظيم وسبل المواجهة الأمنية للخروج عن ضوابطها.
ولعل المتتبع لسبل مواجهة التظاهرات فى الخارج أو عايشها، يعرف كيف ان تلك الدول، حتى فى أمريكا، التى بدأ يعلو صوتها بالنقد للقانون المصرى تواجه الخروج على التظاهرات بكل حسم ليس فقط الخروج عن التظاهر السلمى بل حتى الخروج على المساحة المحددة للتظاهر، أو أن يكون المنظمون للتظاهرة أو المشاركون فيها ملثمون أو يحملون أى أسلحة من أى نوع سواء كانت بيضاء أو نارية، وذلك عكس ما يحدث فى بلادى مصر، التى أصبحت فيها التظاهرات معارك حربية فى مواجهة الدولة وأجهزتها، وأيضًا الداعمين لفكرة مؤسسية الدولة من الأفراد الذين أصبحوا أعداء لمن يخرج فى التظاهرات ضد الدولة.
ورغم الانتقادات التى طالها القانون وبعض الآثار السلبية له إلا أنه جاء ليكشف عن الوجه الآخر لما تسمى نفسها بالحركات الوطنية والثورية والنخب، وليضع أيضًا مزيدًا من التأكيدات على أن سلوك جماعة الإخوان المسلحين ومن يناصرونها يهدف إلى هدم الدولة وإنهاك مؤسساتها وإلى إحداث الوقيعة بين الشعب وأجهزته الأمنية والعسكرية، وهو الهدف الأصيل لتلك الجماعة المارق أعضاؤها وأنصارها أيضًا.
فجاء القانون ليكشف عن أهداف ترمى من ورائها حركات وتجمعات لخدمة جماعة الإخوان المسلحة ومن يدعمونها فى الخارج، وذلك تحت مزاعم رفض القانون، فى حين أنها تريد أن تفتح الباب لتمارس جماعة الإخوان مزيدًا من التخريب والدمار بحق هذا الشعب، وهذا الوطن بطرق تراها شرعية، فيما يسمى بالرغبة فى إسقاط القانون، فى حين أن المسعى الحقيقى هو مشاركة الإخوان فى إسقاط الدولة.
فسمحت تلك الحركات بدخول الإخوان إلى ميدان التحرير، وهو محرم عليهم دخوله ليمارسوا عنفهم وتخريبهم فى الدولة، وسمحت تلك الحركات والتنظيمات مدعومة بآراء خاطئة لمن يسمون أنفسهم بالنخبة فى أن تضفى الشرعية على أعمال الجماعة المسلحة لتقفز مرة أخرى على أكتاف الشباب، وتمارس الإرهاب باسمهم دون أن يعوا أنهم يخدمون الإخوان بخروجهم إلى التظاهرات التى لا مبرر لها على الإطلاق ولتتحول مبررات الإخوان فى عمليات التخريب التى تمارسها منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع مرسى إلى أنها رغبة فى إسقاط قانون التظاهر.
وحسنًا فعلت الحكومة حينما أكدت إصرارها على عدم التراجع فى القانون، غير أن الخوف أن يتراجع هذا الإصرار ويكون الإعلان عنه انفعاليًا، ويتم التراجع عنه أمام الضغوط الحالية واللاحقة لإصدار القانون، ودخوله حيز النفاذ خاصة مع الأصوات العالية التى بدأت تظهر من جانب أمريكا وحلفائها من قوى الشر العالمية.
ومن الأسف، أن كثيرًا من الذين يعتبرون أنفسهم من المثقفين والإعلاميين والصحفيين شاركوا، وقد يكون عن غير قصد، فى خدمة جماعة الإخوان المسلحة كى تتمادى فى معاداة الدولة بدعم منهم، بعد أن غاب عنهم تحديد الزمان والمكان للتظاهر الذى قالوا إنه ضد محاكمة المدنيين عسكريًا وضد استمرار مداخل حبس الصحفيين فى الدستور، المقترح التصويت عليه لاحًقا.
جماعة الإخوان إذن نجحت فى القفز على أكتاف الشباب الوطنى الذى يناضل من أجل بلاده، لتمارس هواية السرقة والقفز على جهود الغير، لتحقيق أهدافها الخاصة فى وقت لم يتعلم فيه الشباب دروس الماضى، التى أكدت جميعها أن جماعة الإخوان لا عهد لها، وأنها على استعداد للتحالف مع الشيطان لتحقيق أهدافها.
فعلى الشباب الغيور على وطنه ألا يسمح للجماعة بذلك، وأن يترك المجال لكشفها وفضح ممارساتها التى لم تعد خافية عن كل ذى عينين، حتى يعرف الشعب أنها تعمل ضد الصالح العام، وحتى يتبين له الخبيث من الطيب.