منذ حوالى أسبوعين حملت الأنباء خبر التصرف الهمجى الذى قامت به مجموعة من المهووسين والمأجورين تجاه الروائى المصرى العالمى صادق الوطنية ثابت المبدأ د.علاء الأسوانى فى أثناء ندوة أدبية له فى باريس.. صحيح أن الذى قام بهذا الفعل المُشين مجموعة من الغوغاء من جنسيات مختلفة خطط لهم ودفع المقابل ذيول التنظيم الإرهابى الدولى الذين يتخذون من أوروبا مركزاً لعملياتهم القذرة، ولكن ما أدهشنى وأنا أتابع التعليقات على هذا الحدث فى مواقع التواصل الاجتماعى هو أنه كان محل ترحيب وإشادة وتشفٍ فى الرجل الكبير من ثلاثة فصائل تبدو فى الظاهر مختلفة ومتباعدة،
ولكنها فى حقيقة الأمر يجمعها خيط واحد أو بالأحرى عقيدة واحدة وهى العداء للديمقراطية، وذلك بالطبع ليس غريباً تجاه رجل ظل لسنوات يكتب فى نهاية مقالاته «الديمقراطية هى الحل».. هذه الفصائل أظهرها بوضوح وفضحها حدث آخر بعده بأيام، إذ قامت الدنيا ولم تقعد بعد عرض الحلقة الأولى لموسم جديد لبرنامج «البرنامج» للإعلامى المثقف الواعى الساخر خفيف الظل، ابن عصره ومحبوب الشباب باسم يوسف.. كانت حلقات برنامج باسم فى موسمه الماضى- والذى كان ينتظره الملايين فى كل أنحاء الوطن العربى- واحدة من أهم وسائل فضح ممارسات جماعات الإسلام السياسى الفاشية وأفكارهم المتطرفة،
وعلى رأس هذه الجماعات جماعة الإخوان المجرمين الإرهابية التى كانت تقبض على زمام الأمور فى الدولة وقتها، فكان عملاء النظام يحاصرون مقدم البرنامج بالبلاغات الفارغة والدعاوى الكاذبة وتلفيق التهم للمُبدع الذى دخل قلوب الملايين خاصة الشباب منهم، وهو ما دعا إلى اختياره كواحد من مائة شخصية مؤثرة فى العالم. لست أبالغ إذا قلت إن حلقات برنامج باسم كان لها دور مهم فى الحشد للموجة الثورية الثانية فى 30 يونيو، وما أدت إليه من تجاوب شعبى وعسكرى قطع الطريق على أصحاب المؤامرات الداخلية والدولية لتقزيم مصر بل ولتقطيعها وبيعها، لذلك كان الجميع فى شوق لعودة البرنامج بعد ما يقرب من أربعة شهور من سقوط النظام الإخوانى المُتآمر،
عشنا فيها أحداثاً جِساماً سقط خلالها الآلاف من القتلى والجرحى، ومازلنا نعيش تداعياتها حتى الآن وسط انقسامات فى الشارع والبيوت وبين أفراد الأسرة الواحدة، وسط حالة من ضبابية الرؤيا دولياً والقلق على المستقبل داخلياً.. فكان على صاحب البرنامج الذكى أن يأخذ فى اعتباره كل هذه الأمور، مما وضع عبئاً ثقيلا على مُعدى سيناريو وفقرات وقفشات برنامج ساخر فى ظل هذه الظروف. كان البرنامج فى رأيى الخاص أكثر من ممتاز بصفة عامة، بل ربما تكون حلقة تاريخية فى مشوار باسم الإعلامى، ولمن ستأخذهم العزة بالإثم ممن لهم رأى مخالف فيندفعون فى توجيه الشتائم والسباب، أذكرهم بتلك الفقرة الرائعة من البرنامج التى كان يعرض فيها لتلك الدعوات التى تطالب بالقضاء المُبرم على الإخوان والمتعاطفين معهم وغلق قنواتهم الإعلامية فيذكر أن مثل هذه الدعوات وأسوأ منها قيلت قبل ذلك وبطريقة أكثر فجاجة وهمجية من قبل، فيعرض فيديوهات لقادة فى تيار الإسلام السياسى تتحدث عن مشروعية قتل المعارضين ببساطة واستخفاف وعن أمنياتهم بأن تُغلق جميع القنوات غير قنواتهم غلقاً نهائياً!
هكذا بأسلوب البرنامج الجذاب الساخر أعاد تذكير الناس بالحكم الفاشى الدموى الذى كان ينتظرنا على أيدى جماعة الإخوان. نسى الجميع كل ما ذكرته فى الجزء الأكبر من البرنامج وركزوا على ما سموه نقداً للمؤسسة العسكرية والجيش المصرى، فى حين أننى وكل مُحب ومحايد ومخلص للجيش لم ير فى ما قدمه باسم إلا إظهار الخوف والتحذير من إعادة إنتاج حكم ديكتاتورى جديد لهذا الشعب الذى ثار فى 25 يناير أساساً على الديكتاتورية المتسلطة فى عهد مبارك وفى 30 يونيو على الفاشية الدينية فى عهد الإخوان.. كان الهجوم ثلاثياً من الإخوان الفاشيين وحلفائهم، وفلول الديكتاتور مبارك وبقايا عصره،
وعدد من النُخبة الفاسدة التى لا تعرف أن تعيش وتكنز الأموال والمناصب إلا فى كنف نظام استبدادى يقدمون له فروض الطاعة والولاء! إجتمع مُريدو هذا الثلاثى القبيح على كلمة غير سواء تمثلت فى هجوم قذر وغبى ضد الشاب المؤمن بالحرية والديمقراطية، فنجد المحامى الشهير ببذاءاته وطول لسانه يتحدث عما ورد فى البرنامج من بذاءات، ووجدنا الممثلة التى لا يخلو عمل فنى لها من إسفاف تتحدث عما فى البرنامج من إسفاف،
ووجدنا من يضع صوراً مُلفقة على مواقع التواصل الاجتماعى تثبت تحالف باسم مع الإخوان، وتكتشف أن من يفعل ذلك من جماعة «آسفين ياريس»! فى النهاية أقول لكل أعضاء هذا الائتلاف الثلاثى المُعادى لكل قيم الحرية والديمقراطية الذين يهاجمون الأسوانى وباسم: على الرغم من صوتكم العالى فإنكم ماضٍ وانتهى، أما هما والشباب الذى يحيط بهما ويحبهما فهم المستقبل شاء من شاء وأبى من أبى.