[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
في الوقت الذي دخلت فيه الانتخابات الأمريكية مرحلتها الأخيرة واشتد السباق الانتخابي وفي ظل تغطية إعلامية مكثفة تتابع حركات وسكنات نجمي هذا السباق.
كانت هناك لقطة سريعة لم تستغرق أكثر من20 دقيقة خلال المؤتمر القومي للحزب الجمهوري بمدينة تامبا, ولكنها كانت كافية للفت انتباه الكثيرين وهي تلك الخاصة بمشاركة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس, فالسيدة التي انسحبت من الأضواء عقب انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش الابن مكتفية بعودتها للمجال الأكاديمي, عادت موضوعا للحديث والاهتمام بسبب الخطاب المتوهج الذي ألقته خلال المؤتمر, والذي استشف منه البعض أنها تلمح من بعيد لرغبتها في أن تصبح أول سيدة تتولي هذا المنصب, ليصبح هذا الظهور الخاطف وهذا التلميح أحد الموضوعات المثارة علي هامش السباق الانتخابي في الصحافة الغربية.
وعندما صعدت رايس للمنصة لم يكن الكثيرون يتوقعون شيئا مثيرا, بل كلمة روتينية ولكن ما حدث كان العكس فقد كان خطابها كافيا لقلب الأمور رأسا علي عقب, فلم تقدم فقط خطابا عاطفيا ولكنه حمل أيضا إشارات غير مؤكدة للبيت الأبيض.
فقد بدأت الخطاب بالثناء علي ميت رومني قبل أن تتناول سيرتها الذاتية علي طريقة الخطب السياسية, كفتاة صغيرة نشأت في جيم كرو برمنجهام وهي واحدة من أكثر المدن الأمريكية صرامة في تطبيق الفصل العنصري, ولكن مع ذلك لا يمكن وصف طفولتها بالمأساوية بل العكس هو الصحيح, فكونها طفلة وحيدة جعلها محل اهتمام وحب والديها, فاهتمت عائلتها التي تنتمي للطبقة المتوسطة بدعم وتنمية مواهبها فتعلمت منذ صغرها العزف علي البيانو وبعض اللغات الأجنبية, وتلقت دروسا في الباليه, وعندما انتقلت العائلة الي دنفر التحقت بجامعة دنفر عام1971 لدراسة العلوم السياسية. ومن هنا بدأت مسيرتها السياسية بالعمل لفترة قصيرة في وزارة الخارجية في عهد الرئيس جيمي كارتر, ثم حصلت علي الدكتوراه من جامعة دنفر وتخصصت في الاتحاد السوفيتي, حيث تبنت خطا محافظا في توجهات السياسة الخارجية ثم عملت في جامعة ستانفورد, ومنذ تلك اللحظة أصبحت محل اهتمام عائلة بوش التي اعتبرتها لاحقا عائلتها الثانية, وأصبحت المؤتمنة علي أسرارها, فقد عملت مع بوش الأب ثم مع بوش الابن كمستشارة للسياسة الخارجية خلال حملة عام2000, وبعد أن فاز في الانتخابات عينها مستشارة الأمن القومي ثم في فترة رئاسته الثانية أصبحت وزيرة الخارجية.
ولكن هل يعني ذلك أن التكهنات المثارة صحيحة؟ وماذا لو خسر رومني الانتخابات الحالية؟ هل ستترشح رايس نفسها عام2016 أم أنه نظرا لكونها لم تخض أي سباق انتخابي حول أي منصب فإنها ستبدأ بداية صغيرة وتختبر الموقف أولا, فترشح نفسها سيناتور عن ولاية كاليفورنيا.
ولكن هل يعني ذلك ان الطريق يمكن أن يكون معبدا أمامها, والإجابة كما جاءت في سياق تقرير نشرته صحيفة الاوبزرفر البريطانية ستكون بالنفي, ذلك إن الموقف من رايس يعتمد بلا شك علي الموقف من سنوات رئاسة بوش, وبالنسبة للعديد من الديمقراطيين وحتي المواطنين العاديين, فإن حقبة بوش تتلازم مع الفشل في توقع هجمات الحادي عشر من سبتمبر ومع الرعب الذي سببه غزو العراق, ومع صعود المحافظين الجدد في بداية الألفية, ومن ثم فإن احتفاء الجمهوريين برايس وترحيبهم بخطابها خلال المؤتمر ليس مؤشرا علي أنها ستكون محل ترحيب وتقدير الجميع, فوجودها لم يسعد أيضا شريحة تري أنه لابد من أن توجه إليها تهمة ارتكاب جرائم حرب, نظرا للدور الذي لعبته في هذه الادارة. وأيا كان الأمر فإذا كانت رايس ترغب في دخول عالم السياسة الحقيقي وتسعي للحصول علي هذا المنصب فان هناك بلا شك حضورا جماهيريا يتقبلها, أما اذا اختارت أن تظل بعيدة عن الأضواء فان مستقبلها الاكاديمي في انتظارها دائما, وفي كل الأحوال سيظل الخطاب الذي ألقته بمدينة تامبا علامة علي بداية شيء جديد وغير متوقع.