سيكون يوم التاسع عشر من شهر نوفمبر الجاري يومًا مشهودًا في مصر؛ لأنه يمثل ذكرى لعدة مناسبات مختلفة، منها ذكرى محمد محمود وعيد ميلاد الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع، ومباراة مصر وغانا. واستعدت قوى ثورية وسياسية لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود، فيما أعلنت حملة "كمل جميلك" الداعية إلى ترشيح الفريق السيسي للانتخابات الرئاسية، عن عمل مسيرات مختلفة لتأييده. فى الوقت الذي دعت فيه جماعة "الإخوان المسلمين" للتظاهر من خلال استخدام "الأولتراس" و"الوايت نايتس"؛ لتصعيد المظاهرات في الجامعات، وخاصة جامعتى القاهرة والأزهر ومحاصرة وزارة الدفاع وميدانى التحرير ورابعة العدوية، وأيضًا التواجد المكثف والاعتصام في عدة ميادين من خلال وضع شباب جماعة الإخوان المسلمين خطة لـشل حركة المرور بالشارع المصري، رافضين ما أسموه بالانقلاب العسكري وذلك طبقًا للتنسيق مع الجماعة الإسلامية، فيما يسمى التحالف الوطني لدعم الشرعية للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.
وفي إطار ذلك استعرض محسن سالم توقعات سياسيين ومحللين وآراء الشارع المصري حول ما سيحدث في 19 نوفمبر.
في البداية يقول عمرو عبد الهادي، القيادي فى جبهة الضمير، إن 19 نوفمبر الحالي هو اختبار حقيقي للثوار سواء كانوا من الإخوان أو من السلفيين أو الاشتراكين الثوريين أو 6 إبريل فهو بمثابة انطلاقة جديدة للثورة المصرية وأن 19 نوفمبر هو الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود وسيكون اليوم الأول لاجتماع الشعب المصري كله تحت مطلب واحد، وهو القصاص، فالإخوان يطالبون بالقصاص لشهدائهم بعد ما حدث بعد 3 يوليو، والثوار يطالبون بالقصاص لشهدائهم أيضًا، وهناك أيضًا ألتراس الزمالك وألتراس الأهلي فكل فصيل له مظالمه ومطالبه والمطلب الأوحد الذي يتفق عليه الجميع هو القصاص وإزاحة الدولة الأمنية. واستنكر عبد الهادي ما أعلنت عنه حملة "كمل جميلك" الاحتفال بعيد ميلاد السيسى معتبرًا هذا شيئًا غريبًا جدًا على المجتمع المصري، موضحًا إلى أن هذا اليوم هو يوم حزين على المصريين ولابد من احترام دماء الشهداء الذين سقطوا فى هذا اليوم، خاصة أن مثل هذه الحملات تنتمي إلى جهات أمنية، مشيرًا إلى أن هذا اليوم سوف يحمل ذكرى جديدة حزينة للمصريين، وهى خروج المنتخب المصري فى لقاء العودة، والذى خرج فى عهد السيسى، على الرغم من أن المنتخب كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى كأس العالم في عهد الرئيس مرسي. وأشار عضو جبهة الضمير إلى أن مَن يأخذ موقفًا عدائيًا ضد الإخوان لعدم نزولهم في أحداث محمد محمود فإن ما قدمه الإخوان المسلمون من شهداء والذي تعدى عددهم الأربعة آلاف شهيد سيكون شفيعًا لهم لعدم نزولهم خلال هذه الأحداث. فيما يقول علاء أبو النصر، الأمين العام لحزب البناء والتنمية، إن 19 نوفمبر سيكون يومًا مشهودًا من أيام الثورة، مؤكدًا أن الحزب سيحاول منع أى صدام بين المواطنين. من جانبه، يقول الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه جرت العادة الآن أن جماعة الإخوان المسلمين تصر دائمًا على فرض أجندتها وفرض واقعها على الحياة المصرية بشكل كبير، ولذلك فهي تختار توقيتات ذات مناسبات معينة لها مدلول سياسي للتواجد فى الشارع، فضلا عن تحركها الذي تسعى فيه إلى إعطاء الإحساس بالتواجد؛ لأنها تخاف من أن يتم تهميشها، لاسيما أن خارطة الطريق على وشك أن تصل إلى محطتها الأولى وهى الدستور فجماعة الإخوان تدرك جيدًا أنه مع إعداد الدستور والاستفتاء عليه ومن ثم الدخول فى العملية الانتخابية ستكون قد فقدت آخر ورقة بالنسبة لها فى فرض نفسها على الواقع المصري فى إطاره السياسي، من هنا فهي تتحرك فى شكل دوري فى الجامعات أو بربطه بتواريخ ومناسبات محددة حتى تعطى دلالات وإشارات إما لاستمالة بعض القوى الثورية أو لإعطاء رسالة للخارج وهذه الأخيرة هى الرسالة الأساسية التى تسعى جماعة الإخوان لتأكيدها. وأوضح عبد الوهاب أنه من الغباء السياسي الذي ترتكبه جماعة الإخوان محاولاتهم إفساد احتفالات المصريين بالإجازات القومية بما فيها الأعياد وهذا ليس بجديد عليهم بهدف الاحتكاك مع الشعب المصري ومحاولة تصدير فكرة الاحتكاك مع الجيش، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان تجاوزت فكرة الاحتكاك مع الشرطة إلى الاحتكاك مع الجيش، وبالتالي أى احتكاك مع الجيش هى معركة خاسرة لمن يسعى إلى هذا الاحتكاك نظرًا للرصيد الكبير الذى يحمله الشعب للجيش المصري. وأكد عبد الوهاب أن الإخوان لن يتمكنوا من التواجد فى الأماكن المتواجد بها القوى الثورية؛ لأن هذه القوى سترفض ذلك، لافتًا إلى أن فكرة فرض الأمر الواقع الذي تنتهجه جماعة الإخوان المسلمين ينم عن غباء سياسي محدود، وهى اختارت هذا الطريق وهو طريق التصعيد والمواجهة ومحاولة مخاطبة الرأي العام الدولي وليس الرأي العام المصري وفى ظل هذه المعادلات فجماعة الإخوان وضعت نفسها فى طريق لا رجعة فيه يؤدى إلى مزيد من إراقة الدماء ولو أننا نتمنى عدم حدوث هذا الاحتكاك لأنه يعطى دلالات صعبة فى مرحلة بالغة الدقة، لأننا نريد أن نذهب إلى خارطة الطريق التى تسعى هذه الجماعة لعدم تحقيقها، وبالتالي نحن هنا بين محاولة إفشال هذا الطريق الذي ارتضاه المصريون من جانب جماعة الإخوان المسلمين، وبين أن نمتلك إرادتنا فى أن نذهب بغض النظر عن التكلفة أو أى حسابات أخرى لإنهاء خارطة الطريق بما يحافظ على الدولة المصرية. ويقول الدكتور صلاح هاشم، رئيس الشبكة المصرية للحماية الاجتماعية، إن المصريين حاليًا يستعدون لوجود سيناريوهات مضيئة وليست سيناريوهات معتمة كما كان سابقًا، فالأجهزة الأمنية استطاعت وبكل قوة القضاء على الجماعات التى تلجأ إلى العنف وبهذا تخلّص المصريون من نفق كبير ومظلم. وأضاف إلى أن 19 فبراير سيمر بسلام مثل باقي الأيام، وذلك من خلال الشعب المصري نفسه؛ لأن المصريين الآن هم مَن يقومون بمساندة الشرطة والجيش فمن غير المحتمل وقوع أى أحداث عنف فى هذا اليوم. وأشار هاشم إلى أن جميع القوى الثورية التي ستخرج في ذكرى محمد محمود مؤيدة لخارطة الطريق ومن غير المتوقع أن تقوم بأعمال تخريب. وفي نفس السياق، يقول الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن 19 نوفمبر سيكون الاهتمام الأول فيه من الناحية الأمنية وذلك لكثرة الأحداث التي سيمر بها هذا اليوم فهناك مباراة مصر وغانا والتي ستكون العبء الأكبر لقوات الأمن. وقلل غباشي من تأمين أنصار ومؤيدي السيسي لأنهم ليسوا بحاجة إلى تأمين، مشيرًا إلى أن التأمينات ستكون على جانبين، وهو تأمين مباراة مصر وغانا وتأمين مظاهرات الإخوان المسلمين.