جميع الأطراف في مصر أصبحت في مأزق، الإخوان المسلمون لا يستطيعون القبول بالواقع الجديد، لأنه إقرار علني بفشلهم وبفشل مرشحهم في إدارة البلاد، والخوف الإخواني هنا لا ينطبق على مصر فقط، بل الخوف أن ينسحب على كل الساحات الإخوانية، خاصة في تونس وليبيا اللتين أطلقت فيهما حركات تمرد مشابهة للحالة المصرية، والإخوان ذاهبون إلى طلب "الشهادة"، لأنهم يدافعون عن هيبة التنظيم العالمي، وليس عن وجودهم على الساحة المصرية. والأمر ينسحب على جانب المنتصرين، فإن المعارضة المصرية فاجأتها ردة الفعل الإخوانية، وهي تجد صعوبة في الرضوخ لضغط الإخوان بإعادة الرئيس المعزول، والحل لا يكون إلا بالمواجهة. ويبدو للأسف أنها ستأخذ جانب العنف والقتل والتخوين والتكفير، لكن خطورة المواجهة أن الإخوان يواجهون جزءا كبيرا من الشعب المصري، مدعوما بالجيش المصري الذي يحظى بشعبية هائلة تزيد على 85% حسب استطلاعات معهد "غالوب"، فهل المواجهة سهلة؟
إذاً، نحن أمام عملية "عض أصابع"، من يصرخ أولا، ومن يتراجع أولا، ومن يفرض إرادته على الآخر؟
يعرف الإخوان ومعارضوهم في ساحة التحرير أن مرسي لن يعود إلى قصر الاتحادية إلا عبر السباحة في بحر من الدماء، فالرصاصة التي تخرج لا يمكن أن تعود، ومع ذلك، فالإخوان لن يتراجعوا عن "الغضب"، وعن العنف وتخويف الآخر، وعن استخدام كل الإمكانات المتاحة لأن السكوت يعني القبول، والقبول يعني الانكسار، وهذا ما يرفضه الإخوان.
نعم سيتغير "الإخوان"، قد يذهبون إلى المغامرة، لكنهم لن يستطيعوا المجاهرة بالقتال والعنف ضد الجيش، وسيبقى شبابهم وآخرون يمارسون القتل، لكنهم جماعة مؤسسية لن تقبل الإعلان عن الصدام المسلح مع المجتمع، أو الجيش المصري، فهذا ليس في صالحهم، لكنهم يسعون إلى توريط الجيش من أجل إحراجه وإثبات مقولتهم بوجود انقلاب عسكري.