- إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يورّث ديناراً ولا درهماً ولكنه ورَّث شريعة تُبلغ للناس وعلماً يُنشر بين الناس وحكمة تذاع بين الخلائق.. وعلى كل من يدعو للإسلام أن يعرف أنه يقف على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويبلغ رسالة الحق إلى الخلق.. وعليه ألا يدنس هذا المكان الشريف بشهوة أو شبهة.. وعليه ألا يفرح فى شبابه بشهوة أو فى شيخوخته بشبهة تخالف هدى النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى وإن وافقه فى ذلك كثير من الناس.. وعليه أن يقدم فى ذلك رضا الله على رضا الناس.
2- ليست الدعوة إلى الله مجرد سرد لأدلة الأحكام.. ولا هى مجادلة بينك وبين الناس أو منازلة كلامية بينك وبينهم.. ولا هى هزيمة الناس بالحجة والبيان وإسكاتهم.. ولا هى قهرهم بالحجة والدليل.. ولكن الدعوة إلى الله أعظم من ذلك كله وأكبر من ذلك كله.. وليست من ذلك فى شىء.. بل هى الصدع بالحق والرحمة بالخلق.. وهى تحبيب الخلق فى الحق.. وسوقهم بلطف ورفق إلى الله.. وحسن ترغيبهم فى الدين.. وتليين القلوب لقبول الحق.. أما المراء والجدال فهو مبدأ كل شر، وهو الذى يوغر الصدور ويهيج العداوات ويحض على عدم قبول الحق.
3- على الدعاة أن يعلموا أن قلوب العباد بيد الله لا بأيديهم.. وأنهم مجرد أسباب للهداية والصلاح.. فقد يهدى الله بالسبب وبغير السبب وبعكس السبب.. فقد كفر أبولهب وهو عمُّ الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وآمن سلمان الفارسى وهو من بلاد فارس التى لم يطأها الرسول أبداً.. وكفر أبوطالب وهو أعلم الناس بالرسول (صلى الله عليه وسلم) وبدعوته.. وأسلم صهيب الرومى وكأنه جاء من أقصى البلاد من أجل الإسلام.. وكفر أمية بن أبى الصلت وهو الذى كان ينتظر الوحى والرسالة لتتنزل عليه.. وأسلم بلال الحبشى.. فعلى الدعاة أن يعيشوا بقلوبهم وأفئدتهم مع المعنى الرائع: «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.. وما دعوت إذ دعوت ولكن الله هدى.. وما تكلمت إذ تكلمت ولكن الله أنار القلوب».
4- على الدعاة إلى الله أن يتدبروا الحكمة العظيمة حينما يقال لهم: «قبل أن تحدثنى عن الله دعنى أرَ الله فيك.. لا أن تحدثنى عن الله وأرى فيك أطماع الدنيا كلها.. أو تحدثنى عن الدين وأرى فيك نفوس الشياطين أو تحدثنى عن الآخرة وأرى فيك عشق الدنيا وملذاتها حتى المحرمة منها»
5- على الدعاة ألا ينتظروا أجراً مادياً أو معنوياً على دعوتهم.. وأن يعيشوا بقلوبهم وجوارحهم مع قول الرسل جميعاً: « يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا».
6- الداعية الحقيقى هو الذى يبشّر ولا ينفّر.. ويجمع ولا يفرق.. وييسر ولا يعسر.. ويجمع بين الواجب الشرعى والواقع العملى جمعاً صحيحاً.. وبين الصدع بالحق وعفة اللسان.. وبين الصدع بالحق والرحمة بالخلق.. ويخاطب العقل والعاطفة معاً.. ويميز بين العقائدى والشرعى الثابت وبين السياسى والحزبى المتغير.. ويفرق بين ما جاء به الوحى وبين ما هو من أمور الدنيا أو العادات.. ويميز بين مساحات عمل النقل الصحيح ومساحات عمل العقل الذكى.. ويجمع بين الوطنية والإسلام جمعاً صحيحاً.
7- على الدعاة أن يحرصوا على عدم تجريح الأشخاص والهيئات فى دعوتهم.. وأن يحرصوا على النقد الذى يبنى ولا يهدم.. وأن يعترفوا بإيجابيات الآخرين قبل أن يذكروا سلبياتهم.. وأن يذكروا حسنات الآخرين كمدخل حسن إلى النفس البشرية لقبول نصحهم فيما سوى ذلك.