أدى الهولندى أرناود فان، منتج الفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم، فريضة الحج هذا العام، قائلاً لمراسل صحيفة «عكاظ» السعودية: «إن دموعى لم تتوقف منذ وصولى مكة.. وأنا أعيش الآن أجمل اللحظات»، وإنه سينتج فيلمًا آخر يعكس خلاله أخلاق «سيد البشر».. مضيفًا أنه وجد فى الإسلام ما كان يصبو إليه ويفتقده فى حياته السابقة، وأنه حينما يتذكر حياته السابقة يرى أنه كان كمن يقبض الريح، وأنه جاء إلى الحج للاستغفار والدعاء والابتهال إلى الله لمسح خطاياه السابقة.
وحول كيفية اعتناقه الإسلام، قال المنتج الهولندى إنه كان متشوقًا لمعرفة الكثير عن الإسلام، فبدأ بالقراءة عنه حتى تخلل قلبه وأشهر إسلامه بعد ذلك، وهو يحمد الله أن أصبح ذلك الشخص السعيد الذى تتملكه الطمأنينة والسكينة، رغم أنه كان ينتمى إلى حزب «الحرية» الهولندى المتطرف فى عدائه للإسلام والمسلمين. وتابع: «الإسلام يحمل معانى عظيمة ورسالة سامية».
هذه هى الرسائل الرائعة التى أرسلها «فان» إلى كل من يعنيه الأمر، أما الرسائل الرائعة التى ينبغى على الجميع قراءتها فلم ترد بعد فى رسائل «فان»، وأهمها، أولاً: إن الهداية ليست حكرًا على أحد، وأن الله برحمته ولطفه وعفوه وكرمه يهدى من يشاء، وأن من يظن البعض فيه أنه بعيد عن هداية السماء قد يكون أقرب إليها من غيره. ثانياً: على الدعاة ألا ييأسوا من دعوة أحد مهما كان ظلمه أو فسقه أو ضلاله أو بدعته، وأن يعيشوا مع قصة الصحابى الذى قال لزوجته التى طمعت فى إسلام عمر بن الخطاب «لن يسلم ابن الخطاب حتى يسلم حمار الخطاب»، فإذا بابن الخطاب لا يسلم فحسب، لكنه يصبح رمزًا عظيمًا من رموز الإسلام فى العدل السياسى والاجتماعى والإنصاف من النفس، وأعظم الخلفاء الراشدين بعد أبى بكر.
ثالثاً: إن النفوس التى تستبعد الهداية على العصاة أو الفسقة أو الملحدين أو الظالمين لا تعرف قدر سعة رحمة الله ومحبته لعباده وهدايتهم وتوبتهم وأوبتهم. رابعاً: إن الرجل قد يعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.. كما ورد فى الحديث الصحيح.
أما خامسًا فهو أن الدعوة إلى الله أقوى وأمضى وأبقى من كل أسلحة الدنيا، وهداية الخلق إلى الحق سبحانه هى الغاية العظمى، والهدف الأسمى الذى من أجله أنزلت الكتب وأرسلت الرسل، وكل ما سواهما وسائل.. السلطة وسيلة.. الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وسيلة.. الجماعات والأحزاب والحركات الإسلامية كلها وسائل.. فإذا عطلت الوسيلة الغاية، أو هدمتها، أو شلت حركتها، فإن علينا أن نراجع موقع الوسيلة من الغاية. سادسًا: إن هذا الرجل ما كان ليسلم لولا الغضبة الحقيقية التى قام بها المسلمون فى كل مكان، فنبهت «فان» وأمثاله إلى مكانة النبى صلى الله عليه وسلم، ومقدار الحب العظيم له فى قلوب الملايين وهو فى قبره الشريف. سابعًا: إن الإسلام فيه قوة ذاتية وديناميكية تغزو القلوب والأفئدة حتى إن قصّر أبناؤه فى نشر دعوته.. فهو الدين الوحيد القادر على النفاذ إلى القلوب، حتى دون قوة تنصره، أو سلطة تذود عنه، أو حاكم يدافع عنه.. فقد دخل الإسلام فى قلوب التتار رغم أنهم هزموا المسلمين، عكسًا للقاعدة المعروفة «أن المهزوم يدخل فى دين المنتصر».