بدون تطرق إلي الأعذار المعتادة من "ظروف سيئة وعدم استقرار وتوقف دوري...الخ"، هزيمة مصر في غانا تعتبر كارثة كروية مستقلة عن أي ظروف أو أحداث أو صعوبات سبقت المباراة.
نعم الكرة المصرية تعاني – كسائر المجالات – ولكن الخسارة بهذا الشكل لم تكن في حسبان أكثر المتشائمين وللأمانة هي نهاية غير مستحقة لبوب برادلي وجهازه المجتهد.
بمعني آخر، اعتقد أن برادلي كان يسير بخطي ثابتة نحو "حلم المونديال" حتي جاء يوم 15 أكتوبر ليهدم كل شئ.
ولكن ماالذي حدث في كوماسي؟
الخطأ القاتل: no plan b
الأخطاء الفنية قد تكلفك مباراة، بطولة أحيانا بل من الممكن أن تتسبب في هزيمتك بهدفين أو ثلاثة، لكن 6-1 في مباراة فاصلة، لابد وأن الأمر يتعدي مرحلة الفشل الخططي.
أكرر أن أكثر المتشائمين من "مشجعي" مصر لم يكن يتخيل هذه النتيجة ولكن هل اللاعب أو المدرب مثل المشجع؟
بلا أدني شك إن فكرة تلقي هدفين في 20 دقيقة بعد سيل من الهجمات في بداية يمكن اعتبارها الأسوأ في تاريخ مصر لم يخطر ببال أي من ال11 لاعب الذين واجهوا غانا بالأمس...وهذا هو الخطأ الفادح.
إنفراد أسامواه جيان بعد 10 ثواني (علما بان ضربة البداية كانت مع مصر)، كان يمكن أن يكون الإنذار الذي ينبه الفريق بخطورة الموقف، لا ان يصبح الحلقة الأولي في مسلسل إنهيار ليس له مثيل.
هنا يأتي دور المدير الفني في تحضير لاعبيه نفسيا للتعامل مع مفاجآة مماثلة، لكن الواضح ان كلمة Plan B لم يكن لها مكان في محاضرات برادلي قبل المباراة إذ أن دخول المباراة بهدف "احنا جايين هنا نكسب ونخلص من ماتش الذهاب" كان هو الغالب علي فكر اللاعبين.
هذا الأسلوب قد يؤتي بثماره عندما تواجه القطن الكاميروني أو ليوبار الكونجولي في دوري أبطال أفريقيا، لكن ليس في مباراة ذهاب علي تذكرة كأس العالم أمام فريق استطاع أن يحجز مكانه في آخر بطولتين في ألمانيا وجنوب أفريقيا، في حين أنك لم تصل حتي إلي أمم أفريقيا.
علما بأن الضغط العصبي له الدور الأبرز في مثل هذه المواجهات، الأولوية كان يجب أن تكون للحفاظ علي نظافة الشباك، ببساطة لأن حتي الخسارة بهدف كانت ستعتبر نتيجة جيدة تعينك في مباراة العودة وتضع منافسك تحت ضغط مستمر حتي موعد اللقاء.
تغيير المدافع أحمد شديد (بصرف النظر عن ضعف آدائه) بمهاجم مثل شيكابالا برهن علي أن برادلي لم يكن يفكر بين الشوطين إلا في تسجيل هدف خارج الديار، بدلا من محاولة منع المزيد من الأهداف الغانية.
الأخطاء الفنية
1- شديد ليه؟
أحمد شديد لاعب ملتزم، ممرر لابأس به و"يلعب السهل"...ولكن هل هو أفضل ظهير أيسر في البلد يمكن أن يواجه عمالقة غانا بهذه البنية القليلة؟
بصرف النظر عن تواضعه هجوميا، شديد لن يتفوق في أي مواجهة فردية مع أي لاعب غاني، ليس أفضل من يقوم بالتغطية خلف قلبي الدفاع ولن يفوز بأي كرة هوائية مهما كان ارتقائه.
يبدو أن برادلي أدرك هذا بين الشوطين ولكن مازاد الطين بلة أنه أخرج شديد ليعود بوليد سليمان إلي مركز المدافع الأيسر.
"نفسي أسأل برادلي هل هو فعلا مدرك أن هذه المباراة ذهاب وعودة؟ أي مدرب في الدنيا وأنا مغلوب 3-1 أقفل عشان ميدخلش الرابع...لعب وليد سليمان باك شمال...حاجات أول مرة نشوفها." اتفق مع ميدو محلل الجزيرة في هذه النقطة.
2- فتحي في القلب
احمد فتحي دائما مايتفوق في الاختيار علي أحمد المحمدي لأنه مدافع أفضل، ولكن ماذا لو أمكننا ان نلعب بالإثنين معا؟
الاستفادة من سرعة فتحي في قلب الدفاع كانت هي الحل الأمثل لمشكلة بطء وائل جمعة، لأن محمد نجيب ليس اللاعب الدولي "التقيل" الذي يعتمد عليه في مباريات مثل هذه.
أما المحمدي، فكان لابد أن يبدأ علي الجبهة اليمني مع اعطائه تعليمات واضحة بالالتزام دفاعيا.
وجود المحمدي كان علي الأقل سيعطي مصر دفعة معنوية، فمن غير المنطقي أن تبقي علي الدكة اللاعب الوحيد لديك الذي يلعب بشكل مستمر في أقوي مسابقة في العالم أمام هذه النخبة من المحترفين.
3-النني + عاشور= لاعب واحد
مع احترامي الكامل لكون محمد النني احد محترفينا في أوروبا، إلا أن لاعب بازل لن يدوم طويلا في الملاعب الأوروبية إذا لم يطور من طريقة لعبه.
النني تقريبا لايفعل أي شئ في الثلث الأخير وهذا الوصف ينطبق علي حسام عاشور شريكه في وسط ملعب مصر، مع الوضع في الاعتبار أن الأخير أفضل في استخلاص الكرة.
هذا النوع من خط الوسط ليس له وجود في الكرة الحديثة من أيام ثنائي مانشستر يونايتد روي كين ونيكي بات، لذلك فإن مصر كانت بحاجة للاعب وسط قوي يستطيع الاحتفاظ بالكرة و يقوم بدور حلقة الوصل مابين صانع الألعاب حسام غالي ومستخلص الكرة عاشور.
للأمانة يجب التماس العذر لبرادلي في مشكلة فقد حسني عبد ربه للياقة المباريات، لكن هذا لايمنع التفكير في وضع حل لمشكلة خط الوسط العقيم لدينا.
4-يادي خطة برشلونة!
خطة "بلا رأس حربة" التي يعتمد عليها برشلونة لها مفعول السحر عندما يكون لديك ميسي وإنييستا وبيدرو وتشافي، لكن هل هي الأمثل لفريق مثل مصر؟
هذه الاستراتيجية تعتمد علي التمرير السريع القصير الذي قد يمتد لدقيقة وأكثر حتي الوصول لمنطقة جزاء المنافس، لكن منتخب مصر يعتمد علي شئ آخر وهو يتلخص في كلمتين ليس لهما ثالث: "تريكة-صلاح."
وجود رأس حربة مشاكس مثل عمرو زكي كان سيخلق نوع من العمق الهجومي بشكل يجبر قلبي دفاع غانا علي التراجع المستمر والأنشغال بمراقبة البلدوزر، مما كان سيعطي مساحة لتفعيل الشراكة المعتمدة علي رؤية تريكة وسرعة صلاح، الثنائي الذي يبدو وأنه لن يٌري مجددا.
ملحوظة: أنا من أشد الناصرين لبرادلي وجهازه المعاون حتي أنني لازلت مقتنعا باستمراره لفترة ولاية جديدة، ولكن ماحدث بالأمس لايمكن أن يمر بدون نقد بناء يخدم مصلحة الفريق.