عجبت من حديث سفير إحدى الدول الغربية الكبرى الذى زارنى أخيراً بمكتبى، وكان فى حديثه إقرار صريح بأن الشعب المصرى لا يريد العودة لحكم الإخوان، ولا لأى حكم يستخدم الدين ستاراً لأهدافه السياسية.
أما مصدر عجبى فهو أن هذا السفير بالتحديد كثيراً ما اصطدمت معه فى الرأى خلال فترة حكم الإخوان حيث كان دائم الدعوة لضرورة تعاون المصريين مع الإخوان من أجل مساعدتهم لكى يطبقوا سياساتهم، كما تحدث كثيراً عن الكفاءات التى يمتلكها الإخوان والتى لا يبدو أن الشعب يدركها.
أما حديثه الآن فكان عن سوء الإدارة السياسية للإخوان وانشغالهم بالتمكين والسيطرة بدلاً من حل مشاكل البلاد، مؤكداً أن ذلك هو ما دفع الجماهير للمطالبة برحيلهم.
وقد كان الإغراء قوياً لأن أقول للسفير: ألم أقل لك ذلك مراراً؟ لكنى بالطبع لم أفعل، ليس فقط لمقتضيات اللياقة تجاه زائر جاءنى مكتبى، وإنما أيضاً لأن حديثه تضمن شبه اعتذار عما بدر منه سابقاً نتيجة عملية خداع قام بها الإخوان، حيث قال ضمن ما قال: لقد كان تعاملنا مع الأشخاص الذين كانوا مكلفين بمقابلتنا والحديث إلينا وشرح الموقف فى حينه، وكان هؤلاء واجهة جيدة للإخوان فقد كانوا يجيدون التحدث باللغات الأجنبية وكانوا يفهمون عقلية الغرب، لذلك كان كلامهم دائماً مقنعاً، ثم أضاف السفير: لكنهم للأسف كانوا يقدمون لنا صورة زائفة عن الواقع، وقد انهارت تلك الصورة تماماً بخروج الجماهير يوم 30 يونيو.
لم أقل للسفير: لكنكم ساهمتم فى ترويج تلك الصورة الزائفة لأنكم كانت لكم مصالح رضى الإخوان بتلبيتها لكم أكثر من أى نظام سابق، ولم أقل له: لكنكم ظللتم تدعمون الإخوان حتى بعد أن انهارت تلك الصورة الزائفة يوم 30 يونيو، ولم أقل له: لكنكم مازلتم حتى اليوم، وبالرغم من لجوء الإخوان للإرهاب وترويع المواطنين، تطالبوننا بإشراكهم فى الحكم!!
لم أقل له أياً من ذلك، واكتفيت بأن قبلت تراجعه عن مواقفه السابقة لعلمى أن حديثه يعكس بداية تغير فى موقف الغرب فرضه عليهم إصرار الجماهير على رفض الإخوان، وإصرار الإخوان على اللجوء للعنف، وهكذا تحدثنا عن الأوضاع الراهنة والمستقبل من منطلق مشترك.
الرئيسية 
