يشكو الإخوان من هجوم متطرفى الإعلام المصرى عليهم، ويشكو الإخوان من استخدام مصطلحات الفشل والإرهاب و«الهرتلة» لوصف تجربتهم فى حكم مصر، وأداء أفراد الجماعة منذ إزاحة مرسى بمظاهرات شعبية حاشدة وحتى الآن، ويشكو الإخوان – ولهم كل الحق فى هذه الشكوى – من النغمة السائدة بين الناس، والتى جسدتها أغنية على الحجار بأنهم شعب آخر، ويشكو الإخوان أيضا من أن بعض الناس يصفونهم بالخونة، وهى شكوى ملحقة بها شكوى أخرى خاصة بفبركة الأخبار عن الجماعة ومستقبلها.
يصرخ كل «أخ» بشكوته، ويتمرس ويجتهد فى «أفورة» ما يقدمه للناس بحثًا عن تعاطف، دون أن يأتى هو أو شيوخه على ذكر حكم الدين الذى يتحدث باسمه فى الأشخاص الذين ينهون الناس عن الإتيان بأفعال هم سبقوهم إليها واستحلوها.
الإخوانى الذى يشكو من هجوم متطرفى الإعلام المصرى عليه وعلى جماعته، لا يشكو أبدا، ولا يغضب لله أو لدينه وهو يرى فضائيات الإخوان وإعلام الجماعة وصفحات «الحرية والعدالة» وهى تهاجم بتطرف كل طفل رضيع يشبته فى مشاركته بمظاهرات 30 يونيو.
الإخوانى الذى يشكو من استخدام الناس لمصطلحات الفشل والإرهاب لوصف تجربة الإخوان فى حكم مصر، هو نفسه الذى «يطنطن» فى العالم كله مستخدمًا نفس المصطلحات فى وصف سلطة جديدة فى مصر لم يكن قد مر على وجودها فى الحكم ساعات.
الإخوانى الذى يشكو من مشاعر المصريين المضطربة والغاضبة، والتى تطرفت إلى درجة تصل بالبعض إلى أن يحتفل بأغنية ساذجة وعنصرية مثل «إحنا شعب وإنتو شعب»، هو نفسه الإخوانى الذى ارتضى لنفسه أن يقتنع بأدبيات الجماعة القائمة على أن الفرد الإخوانى عنصر بشرى أرقى من الجميع، ثم هو نفسه الذى احتفل وفرح وهلل، ولم يملك شجاعة الرد على المدعو صبحى صالح وهو يصنف بنات الإخوان بأنهن من طينة بشرية أرقى خلقًا وعلمًا من باقى بنات مصر، مؤسسًا لأسطورة: الإخوان شعب والمصريون شعب آخر. ولم نسمع إخوانيًا «راجل» من هؤلاء الذين يلعنون ويسبون على الحجار ومدحت العدل – بالمناسبة يستحقان- قادرًا على أن يستجمع رجولته ويلعن ويسب صبحى صالح بعد ما قاله عن سمو العرق الإخوانى عن باقى فئات المجتمع.
الإخوان يريدون للأمور أن تسير على هذا النحو.. يريدون للعشرات الذين يسيرون فى مظاهراتهم أن يسبوا السيسى ويسخروا منه، ويرون فى ذلك قمة الحرية، لكنهم يعتبرون أى مسيرة مؤيدة لمظاهرات 30 يونيو والسلطة الحالية قمة العبودية.
الإخوان لا يخجلون من وصف المصريين بـ«عبيد البيادة»، لكنهم يغضبون جدًا ويعتبرون الشعب المصرى مأجورًا وغير مؤدب إن هتف أحدهم وصرخ قائلا: «الإخوان عبيد المرشد».
الإخوان يفرحون ويرون فى أنفسهم خفة دم لم يعرف لها العالم مثيلاً حينما وصف شبابهم المستشار عدلى منصور بالطرطور أو الرجل الذى لا توجد له رقبة، لكنهم يغضبون جدًا ويتألمون حينما يرد عليهم أحد بأن مرسى كان الأب الشرعى لكل الطراطير، ثم يستدعون المخزون الدينى عن عدم جواز السخرية من الخلقة البشرية إذا حدثهم أحد عن هيئة مرسى وملامحه غير المنضبطة، بينما نفس الآيات والتعاليم الدينية لم تردعهم عن السخرية من شكل المستشار عدلى منصور، أو عبدالفتاح السيسى.
أنا لا أبرر، وحاشا لله أن نكون جنودًا للباطل نبرر العنف ضد المسالمين أو السخرية من خلق الله، ولكن هى فقط مقارنة للتذكرة، مقارنة للتأكيد على أن اليد الأولى التى امتدت لسحب طرف خيط كل هذا الهزل والفشل والكراهية والعنف الذى نعيشه كانت يدًا إخوانية، أعماها هوى السلطة، وأغوتها المكاسب القادمة من خلف البقاء على كراسى السلطة.