بعد استقالة الدكتور البرادعى كنائب لرئيس الجمهورية يوم فض اعتصامات الإخوان فى رابعة والنهضة وكشفه ظهر الإدارة المصرية عالميا وتجريف ثورة 30-6 محليا رجعت إلى محاذيرى على تقديرات الرجل حينا وعلى تصرفاته أحيانا أخرى، وكان علىّ أن أعيد تربيط بعض الأحداث وتشبيكها مع معلومات وآراء..
صرح الدكتور البرادعى، بعد عودته إلى مصر عند انتهاء مهمته فى وكالة الطاقة الذرية، بأن جماعة الإخوان المسلمين أكبر حزب سياسى معارض فى مصر، وأن عليهم أن يأخذوا فرصتهم فى الحكم، وكان هذا فى وقت يقابل فيه الدكتور كل التيارات السياسية المعارضة، ولم تكن الغرابة فقط هنا أن يصدر هذا التصريح من رجل ليبرالى يدعو إلى حزب دينى، بل بلغت الغرابة أشدها حين جمعت له الجماعة ما يقرب من 800 ألف توقيع مؤيد.
إلى هنا والاستغراب لا ينقطع، خاصة بعد 30-6، وبينما حزب النور يهاجم الرجل بضراوة ويمنعه من تقلد منصب رئيس الوزراء ويمانع فى تقلده منصب نائب الرئيس فى الوقت الذى يدافع فيه الرجل بضراوة يحسد عليها عن محمد مرسى والإخوان وحقهم فى ممارسة الحياة السياسية.
وهذا يعيدنا إلى ما سبق وربطه بالأبحاث الأمريكية الساعية لتقليل التكلفة العسكرية والبشرية فى احتواء التيارات الإسلامية وحصرها فى منطقة الشرق الأوسط لمنع انتشار شرها فى العالم، وذلك برفع بعض التيارات الإسلامية المعتدلة على أكتاف تيار مدنى مقبول ليكون ذريعة توليهم الحكم على غرار النموذج التونسى، حيث تولى المنصف المرزوقى الرئاسة وهو المعارض اليسارى الأسبق، بينما تولى أحد أعضاء حزب النهضة منصب رئيس الوزراء.
وهنا تخرج بعض التساؤلات: هل كان هذا هو السيناريو المصرى؟ ولماذا لم يتم؟.. البعض يرجح أن السيناريو كان ماضيا على قدم وساق إلى أن جاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وجاءت النتيجة كاسحة للإسلاميين فنكص الإخوان عهدهم كالعادة لشعورهم بأهميتهم وسيطرتهم، وبالتالى عدم حاجتهم للرجل، ومن ثم تصفيته إلكترونيا والقضاء عليه شعبيا، ما دفعه للإعلان عن عدم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بداعى عدم معرفته ساعتها بصلاحيات رئيس الجمهورية قبل إقرار الدستور الجديد.
وهو ما يعيدنا إلى سيناريو ما بعد 30-6 وهى الثورة الشعبية التى يبدو أنها بعثت الاتفاق القديم إلى الحياه مرة أخرى بنفس الأطراف وبرعاية نفس العراب الأمريكى، لكن يبدو بشروط مختلفة أو بتهديدات، وهو ما يجعلنا نتساءل عن احتفاء الدكتور بالمبادرات الإخوانية المقدمة بالإنابة الصادرة من الدكاترة هشام قنديل وأبوالفتوح والعوا، ثم اجتماعه سرا مع الأخير وكلها مبادرات تنسف 30-6 من الأساس لدعوتها إلى عودة مرسى بشكل من الأشكال، مهدرة إرادة كل هؤلاء المصريين، وهو ما يجعلنا نتساءل عن إصراره على إدخال المجتمع الدولى كطرف فاعل فى المعادلة الداخلية المصرية، وإلا لماذا صرح برفض الفض وإجهاضه مرات محرجا الجميع، ثم موافقته على خطة الفض فى مجلس الأمن القومى ثم إعلان استقالته بعد عشر ساعات من بداية الفض الذى حول مسار كل السيناريوهات والنماذج.
من كل الذى سبق أريد أن ألخص مقالى فى عدة تساؤلات:
لماذا يصر البرادعى على وجود جماعة إرهابية فى الحياة السياسية؟
كيف يرى البرادعى جرائم مرسى والإخوان خلال عام من الحكم وحتى الآن؟
لماذا لا يعتقد البرادعى أن 30-6 ثورة؟
لماذا وافق البرادعى على خطة الفض فى اجتماع مغلق ثم عارضها علنا؟
لماذا أعلن الرجل استقالته بعد عشر ساعات من بداية الفض ولم يعلنها فى الساعات الأولى؟
لماذا غادر الرجل مصر بعد إعلان الاستقالة؟
هل يعود البرادعى إلى مصر مرة أخرى؟
هل يؤمن البرادعى بالنموذج التونسى؟
هل تعود جماعة الإخوان للحياة السياسية مرة أخرى على أكتاف البرادعى أو على أكتاف برادعى آخر؟