لست من الذين أحبطهم عدم استخدام الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، التفويض الذى طلبه ومنحه له ملايين المصريين فى يوم 26 يوليو الماضى -وكنت واحدة ممن منحوه هذا التفويض- لمواجهة الإرهاب فى سيناء وفض اعتصامى رابعة والنهضة!لم أغضب من السيسى ولم أشعر أنه خذلنى ولم تهتز صورته فى عينى ولم أفقد للحظة احترامى له، بل زاد هذا الاحترام، لأنه لم يُغْرِه هذا التأييد الكبير، واندفع لفض الاعتصامين بالقوة دون النظر إلى حجم الخسائر الكبيرة وأهمها دماء المصريين أياً كانت انتماءاتهم!!
أعرف أن رأيى هذا قد يُغضب الكثيرين الذين ضاقوا بما يفعله الإخوان من افتعال للصدام وكأنهم يبحثون عن مزيد من الضحايا يساعدهم فى موقفهم الضعيف فى مواجهة واقع شعبى تدعمه مؤسسات الدولة القوية، وواقع دولى متأرجح ويتجه إلى التعامل مع الواقع بعد فشل كل وسائل الضغط السياسية والاقتصادية.
عندما خرجت فى تظاهرات التفويض كنت أعرف أن السيسى يواجه ضغوطاً دولية، بعضها بسبب التضليل الإعلامى الدولى والبعض الآخر بسبب تعارض ما حدث مع المصالح العالمية وتقييم بعض الدول لما حدث على أنه انقلاب وليس ثورة شعبية، فأراد القائد العسكرى أن يقول لهم بالصوت والصورة: ها هى الملايين من الشعب المصرى تخرج من كل صوب من الأرض الطيبة لتؤكد أنى ما فعلت إلا ما طلبته ونادت به فلبيت النداء.. أيضاً رصدت الأجهزة الأمنية تحركات إخوانية كانت تهدف إلى إثارة حالة من الفوضى، بقطع الطرق والهجوم على مؤسسات عسكرية ومدنية حتى لو أدت إلى المواجهة مع الجيش والشرطة، وسقوط مئات أو آلاف الضحايا، وكان الحل الأمثل هو هذا الخروج الكبير الذى ردع قادة الجماعة وحقن الدماء.
هل يعنى هذا أن التفويض لم يكن لمواجهة الإرهاب وفض الاعتصامين؟ فى اعتقادى أن التفويض قائم، جزء يتم منه الآن فى سيناء، ولا تعلن كل التفاصيل لحماية العمليات العسكرية، إذن يبقى قرار فض الاعتصامين، الذى أتفهم تأجيله وإن كنت أثق أنه سيحدث قريباً سواء بالحوار وانصراف المعتصمين أو بالقانون الذى يلزم أجهزة الأمن بفض الاعتصامات التى تهدد حياة المواطنين، وتحرض على العنف وتعذب المحتجزين وتخفى الأسلحة وتعتدى وتشتبك مع أجهزة الأمن!
أتفهم أن السيسى يعرف جيداً أن الإخوان يتمنون أن يفض اعتصاماتهم بالقوة ويسقط آلاف الضحايا من النساء والأطفال الذين يستخدمونهم كدروع بشرية، ليخرجوا على العالم فى صورة المضطهد البرىء فى مواجهة قمع أمنى باطش، أيضاً ولأننا شعب عاطفى لا يقبل ولا يحب العنف والموت قد ينضم الكثير من الغاضبين إلى المعتصمين ويزداد الموقف تعقيداً.
نحن لا نتمنى موت مصرى واحد، لذا يجب علينا تحية السيسى لحرصه على دماء المصريين ولنترك له ولقادة البلاد الفرصة الكافية من الوقت لاتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب دون ضغوط، وندعو الله أن يستجيب قادة الإخوان لأصوات العقل وينسحبوا من الميادين حماية لدماء المصريين ولجيش مصر، فمصر قبل وبعد الجماعة، هذا إذا بقى من الجماعة شىء!!