جاء رد الأزهر الشريف, ومفتي الجمهورية, ووزير الأوقاف, وأعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية, علي دعوة الدكتور يوسف القرضاوي للدول الأجنبية للتدخل في مصر, والجهاد ضد الجيش المصري في سبيل ما أسماها بـعودة الشرعية, قاطعا وحاسما.
واستنكرت قيادات المؤسسات الإسلامية وعلماء الأزهر الشريف, ما جاء في بيان الدكتور يوسف القرضاوي والذي انتقد فيه موقف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف, من ثورة30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسي, مؤكدين أنها دعوة باطلة وغاشمة, وخلط فيها بين انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين ومصلحة الوطن العليا.
وأكد علماء الأزهر أن محاولات القرضاوي لإظهار ما حدث للعالم علي أنه إنقلاب عسكري شارك فيه الأزهر الشريف, هي مجرد محاولات فاشلة للنيل من الأزهر وشيخه, وانتقصت من رصيده العلمي وشعبيته عند شعب مصر ومكانته بين العلماء.
وطالب أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, بعقد جلسة طارئة للهيئة في أقرب وقت, للرد علي هجوم الدكتور يوسف القرضاوي, علي شيخ الأزهر, ومحاولة تشويه مواقفه الوطنية, والتنديد بدعوته لإشعال الفتنة في مصر.
ووصف علماء الأزهر, فتوي الدكتور يوسف القرضاوي, والتي اعتبر فيها أن خروج الملايين من شعب مصر في30 يونيو بهذه الصورة التي لم يسبق لها مثيل انقلاب عسكري استعان فيه الفريق أول عبد الفتاح السيسي, القائد العام للقوات المسلحة, وزير الدفاع, بمن لا يمثلون الشعب المصري ومن بينهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, مبينا أن في تلك الفتوي تعسف في الحكم ومجازفة في النظر, وأن فتوي الدكتور يوسف القرضاوي, إنما تعكس فقط رأي من يؤيدهم, وتشجع علي تقاتل الناس حول الحكم والسياسة باسم الدين, وإمعان في الفتنة وتوزيع لمراسم الإساءات علي ربوع الأمة وممثليها ورموزها.
خروج علي تعاليم الإسلام
من جانبه أكد الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر, أن بيان القرضاوي يخرج عن نطاق التعاليم الإسلامية, وأن الدين يأمر بالتسامح والصفاء والسلام الاجتماعي وينهي عن العنف كما ينهي عن التحريض عن العنف.
ووجه الدكتور أحمد عمر هاشم, سؤلا للمعتصمين: ما الذي أفرزته هذه الإعتصامات غير الذي نسمع عنه كل يوم من سقوط قتلي وتحطيم وتخريب في المنشات والشوارع؟ ونصح من لديه مطالب ان يتقدم بها الي القضاء, فمصر تتميز بقضاء شامخ لا يحابي ولا يجامل, ولقد رأينا كيف حاكموا رئيس الدولة الذي عاش يحكم مصر30 عاما, فقضاء مثل هذا معناه أنه قضاء عادل لا يظلم أحدا أو يتعصب لأحد, فلا يوجد في العالم قضاء عادل مثل القضاء المصري, ولأجل ذلك فأنا أقول للجميع عليكم أن تحتكموا إلي كلمة القضاء وكتاب الله عز وجل الذي يقول: اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا, فلا يصح هذا العنف وهذا التهريج الذي يحدث, وهذه الاعتصامات المتكررة التي تعطل مصالح العباد, فكل هذا يحدث الفتن التي حذر الله ورسوله الكريم منها, وعلي من يفعل ذلك أن يراجع نفسه, فالرسول عليه الصلاة والسلام إذا حدثت مثل هذه الفتن أن تعتزل كل فرقة تعادي الأخري.
دعوة آثمة
ويضيف أنه يجب علينا أن نسير علي مبدأ التصالح والتسامح فنحن في شهر التسامح والغفران فلا يليق أبدا أن تنفلت أعصاب الناس من أجل منصب أو رئاسة أو كرسي فكلنا زائلون ولا يبقي إلا وجه الله تعالي, فعلي الجميع أن يعود إلي الصواب وأن تنفض هذه الاعتصامات ويجب علي من يحرض عليها أن يراجع نفسه ويخاف ربه من هذا التحريض الذي ترتب عليه إزهاق أرواح بريئة.
ووصف دعوة الدكتور القرضاوي للتدخل الأجنبي في مصر بأنها دعوة آثمة, وأضاف الدكتور أحمد عمر هاشم قائلا: إنها دعوة مرفوضة بكل الصور لأنها آثمة وغاشمة دافعها هوي في النفس, فكيف يتسني ذلك مع قول الحق سبحانه وتعالي: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا.., وقوله تعالي أيضا: وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان, وكيف يتفق هذا القول والإدعاء والتبرير مع قول الرسول صلي الله عليه وسلم
من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلي عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتله جاهلية ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشي من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه). مطالبا الجميع أن يراجعوا أنفسهم وأن يعلموا أنهم سيحاسبون علي الدماء التي أريقت كما سيحاسبوا أشد الحساب علي محاولات تدليس بعض الشباب وبعض السذج.
خيانة عظمي
من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف إن الشيخ القرضاوي لم يلتزم بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم
رحم الله امرئ قال خيرا فغنم أو سكت عن شر فسلم), ولم يسعي للإصلاح بين بني وطنه بدلا من التحريض والتهييج وإلحاق الضرر والأذي بوطن ولد وعاش فيه, ومن أزهره حمل شهادات جعلت له قيمة ومكانة ووسيلة إرتزاق, بأي وجه يلقي وطنه في مطار القاهرة! وهو الذي كان يتمني أن يلاقي جنود الاحتلال لمؤازرة نظام سياسي أجمع أغلب الشعب علي خلعه, وأجمع أهل الحل والعقد علي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة, وأضاف قائلا: للأسف, عالم الشريعة يتغابي أو يتعامي عن الشريعة, ألم يقرأ في السياسة الشرعية لابن تيمة علي سبيل المثال أن أهل الحل والعقد هم الذين يتولون تولية الحاكم وعزله, ألم يقرأ ما نصت عليه اللائحة الأساسية لحزب الحرية والعدالة المخالف للائحة الأحزاب في عدم قيام أحزاب علي خلفية دينية, ألم يقرأ العالم أن من لائحة هذا الحزب أن الشعب هو صاحب القرار فيما يتعلق بالحكام.
وأضاف الدكتور أحمد كريمة قائلا: إذا كان الشيخ القرضاوي يجهل أبجديات ومباديء الحزب الذي يتعصب له والجماعة التي هو بمثابة التابع لها فعلي أي شيء يستند في دعواه التحريضية التي تعد في الدساتير والقوانين خيانة عظمة تعرض صاحبها للمحاكمة لسحب الجنسية الوطنية عنه, لأن الدعوة إلي التدخل الأجنبي لا تقل جرما عن التخابر والتجسس ضد الوطن, وهل تأسي بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم في مراعاة حين قال لأهل مكة( اذهبوا فأنتم الطلقاء), فهل وجه النصح للخوارج والإرهابيين الذين استحلوا الدماء والأموال والأعراض, هل وعظهم بأن يتأسوا بالإمام الحسن رضي الله عنه لما تنازل لمعاوية لحقن دماء المسلمين, هل ذكرهم بالملك فاروق رحمه الله عندما تنازل عن عرش مصر نزولا لرغبة الشعب ورضخ للنفي خارج وطنه دون معاندة أو مكابرة, هل ذكرهم بأن الحزب الوطني لم يفعل ما يفعلونه من إراقة الدماء والأموال والأعراض حينما تخلي الرئيس مبارك عن الحكم حماية للدماء ونشر الفتنة بين البلاد.
وأشار الدكتور أحمد كريمة, إلي أنه كان الأولي بالشيخ القرضاوي أن يسلك مسلك الحكماء, لكنه للأسف سلك مسلكا لا يتفق مع سنه وعلمه, لماذا لم يدعو لعقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث القواعد الأمريكية في قطر ؟! ومستودع الأسلحة في البحرين؟! والعربدة الأمريكية في العراق وأفغانستان؟!, لماذا يصمت عن الممارسات الإسرائيلية وأسرهم وسجنهم للمدنيين العزل في فلسطين؟!, وأين هو من المسجد الأقصي؟! أم أن هذه الأمور لا تشغله وجماعته وحزبه سوي كرسي ولاية مصر كما في تصورهم, أخيرا نقول له اتق الله في بلدك وبني وطنك, وللأسف رصيدك العلمي انتهي إلي الأبد من شعب مصر.
محاولة للانتقاص من الأزهر
ويري الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن هذا الكلام الذي أطلقه رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين, مثير للجدل والدهشة لأنه لم يمنعه رصيده العلمي والمجتمعي وقامته وقيمته أن يتحدث بهذا الأمر بطريقة استعدت العالم ضد مصر والأزهر الشريف, لأنه أظهر أن هناك انقلابا وأن جموع المصريين يريدون الرئيس مرسي, وأن الأزهر كان مع الانقلاب الذي حدث, وللأسف فهو خلط لأمرين بين انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين والمصلحة العامة للشعب, فبيان القرضاوي باسم الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين جعل الموقف أكثر سوءا, وليس رأيه الشخصي فقط, وهذا البيان خصم مؤسسة الأزهر وانتقص رصيده الديني وحرصه علي المصلحة الوطنية الإسلامية, وهو في هذا خلط بين الدين والسياسة, ويبدو أن انتماء القرضاوي للإخوان المسلمين جعله يصدر هذا البيان, ولكن هذا غير صحيح فصاحب الشرعية هو الشعب المصري قبل الجيش أيضا,ويضيف أن البيان ركز علي الشرعية وغفل فكرة محاسبة الشعب لرئيس الدولة, وغفل أيضا عن حديث الرسول صلي الله عليه وسلم
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته), ثم لماذا لم يحمل هذا البيان رأي كل الأعضاء, فانا عضو في هذا الاتحاد, ولم يدعوني أو يأخذوا رأيي في هذا البيان, ففكرة أن البيان يعبر عن أعضاء كل الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين, محل نظر, فلم يأخذ أراء كل العلماء الأعضاء, كما أني أندهش من أن البيان يستعدي العالم كله ضد مصر, فلماذا يفعل هذا ؟! وهو عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومصري قبل كل ذلك!, البيان شكلا ومضمونا عليه الكثير من الملاحظات وما كان به أن يصدر بهذا الكيفية التي تنتقص من الأزهر وتستعدي العالم ضد شعب مصر, هذا البيان جاء متسرعا ولم ينتظر الحقيقة, فكان معيبا جدا.
إخضاع للدين
ووصف الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, ما صدر عن الشيخ يوسف القرضاوي, بأنه أمر يندي له الجبين ويدين الرجل ويسقطه من مكانته العالية التي كان يتمتع بها في نفوس المصريين, وأضاف قائلا: إن القرضاوي غلب عليه انتماءه الحزبي لجماعة الإخوان المسلمين, وخلط بين الأمور الدينية والأمور السياسية, وأخضع الدين لأمور السياسة والانتماء الحزبي, ولذلك انكشف أمره أمام جميع المصريين ولم يعد بكلمته محلا للقبول لدي المصريين, فقد ظهرت انتماءاته التي كنا نعرفها من قديم الزمان, فقد كان الشيخ من الإخوان الذين هربوا إلي الخارج في مشكلة54 واستطاع أن يوظف مهنته لتعود عليه بالثراء الضخم, وحياة مليئة بالمتع الدنيوية, ولذلك نجده في آخر حياته يفقد توازنه وتصدر من عبارات تحرض العالم والمسلمين علي قتال المصريين في شئون وأمور داخلية يصبغها هو بطابع الإسلام, مع أنه مجرد نزاع سياسي علي كرسي القيادة, فعندما فقد الإخوان هذا الكرسي طار صواب الإخوان المسلمين وجمعوا جحافل قوتهم في جميع أنحاء العالم ووظفوها في الدفاع عنهم في نكستهم, ولذلك نحن نهيب بالعلماء في كل أنحاء العالم أن يتنبهوا إلي أن هذا النزاع السياسي بعيد كل البعد عن الإسلام, ولا يليق أن نقحم أنفسنا في ذلك وندخلها في أتون السياسة الحالية.
إثارة للفتنة وتزييف للحقائق
ويري الدكتور عبدالله النجار, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أنها دعوة ساقطة ولا يصح أن تصدر من عالم دين ضد وطنه الذي ولد فيه وتعلم في أزهره الشريف, فيجب أن يحذر الناس من هذا البيان لأنه بيان مجروح فهو يشهد لنفسه ولجماعة الإخوان المسلمين, فأبناء الشعب المصري كله علي قلب رجل واحد إلا النسبة القليلة جدا الموجودة في رابعة العدوية وأكثر من نصفها معتصم خوفا ورعبا من قيادات الإخوان المسلمين, فما يقوله القرضاوي أمر عبثي وأي من تسول له نفسه ويحاول التدخل في شئون مصر سوف يسحق بالأقدام من الشعب والجيش المصري, وإذا لم تعجب مصر الدكتور القرضاوي فعليه أن يذهب ليعيش في قطر التي أعطته الجنسية, وأخشي أن يكون القرضاوي مبعوث من قطر ليؤدي نفس الرسالة التي تؤديها قناة الجزيرة من إثارة الفتنة وتزييف الحقائق, فكلامه خاطيء ومجروح لأنه يجامل به نفسه لأنه من جماعة الإخوان وادعوه أن يتوب إلي الله عز وجل.