«تشير تقارير إعلامية قادمة الآن من ميدان رابعة العدوية إلى وصول عدد المتظاهرين إلى أكثر من 400 مليون متظاهر, ومن المنتظر أن يلقى المرحوم حسن البنا كلمة لأبنائه من على المنصة بعد قليل»,كانت هذه هى آخر تعليقات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك, للسخرية من حالة الكذب المنتشرة فى مواقع وقنوات التيار الإسلامى, التى تحولت إلى منبر لترويج الشائعات من خلال منصة رابعة العدوية التى صعد عليها قيادات الإخوان ليتفننوا فى نشر الأكاذيب بين مؤيديهم قبل المعارضين لكسب تعاطفهم وإظهار سقوط مرسى على أنه سقوط لدولة الإسلام وتشويه ثورة يونية التى حولوها إلى انقلاب عسكري.
وتنوعت الأكاذيب الإخوانية وتطورت مع التطور الزمنى للأحداث, فالإخوان هم أكثر الأطراف السياسية قدرة على التلون واستغلال القنوات الدينية وموقع التواصل الاجتماعى والتى تعد أرضا خصبة لتبادل وترويج الشائعات, بل إنها كانت أحد أهم محركات ثورة يناير لتحريك الجماهير وتوجيه دفة القرار إلى حيث تشاء الجماعة, ولذلك حرصت الإخوان على تنمية نشاط لجانها الإلكترونية على «فيس بوك» و«تويتر» بالإضافة إلى استغلال القنوات التى تدخل كل بيت تحت مسمى «القنوات الدينية» واستغلال الوازع الدينى لدى الشعب المصرى لتدوير آلة الكذب الإخوانى لخدمة الرئيس المعزول.
فمنذ بداية الدعوات الأولى لإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسى والتى جاءت على يد أفراد حركة تمرد, والجماعة تقوم بعمل حملات مضادة هدفها تشويه الحملة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات المحسوبة على التيار الدينى, ووصف شبابها بالعمالة واتهامهم بالمبالغة فى أعداد الموقعين, وعندما وجدوا أن الأمر بدا لهم أكثر جدية قام عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الاسلامية والمتحدث باسمها بتدشين حملة تجرد لتأييد الرئيس المعزول, وبالطبع لم تحدث الحملة المزعومة الأثر المنتظر من قبل الإسلاميين لما وصل إليه الشعب من حالة احتقان ضد الرئيس ,فخرج علينا المتجردون بأرقام الحملة لتزيد علي عشرات الملايين المؤيدين للرئيس ,بالرغم من أن حملة «تمرد» نفسها لمتجمع سوى 22 مليون توقيع للمطالبة بعزل الرئيس.
ومع الضربة الأولى لتظاهرات 30 يونية, وصلت حرب الأكاذيب الإخوانية إلى ذروتها فلم يكتف الإعلام الإخوانى بالمبالغة فى أعداد المؤيدين للرئيس والمحتشدين فى ميدان رابعة العدوية لتأييد الرئيس, ولكن وصل بهم الأمر إلى التشكيك فى أعداد المتظاهرين الموجودين فى محيط قصر الاتحادية وميدان التحرير وجموع الشعب الغاضبة فى كل ميادين مصر والتى وصلت على أقل تقدير إلى 20 مليون متظاهر كما رصدتهم الطائرات العسكرية التى طافت سماء مصر يوم 30 يونية, بينما وصفهم إعلام الرئيس بعشرات الآلاف, لإظهار الموقف على أنه مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة للرئيس.
الخطاب الأخير للرئيس المعزول نفسه يتصدر قائمة الأكاذيب إذ إنه أصر فى كل كلماته على أن يظهر تضامن الجيش معه وعدم اهتمامهم بأعداد المتظاهرين التى خرجت لإسقاطه وتمسك القوات المسلحة بحماية الشرعية, بينما خرجت علينا القوات المسلحة فى اليوم التالى لخطابه لتظهر كذب الرئيس من خلال تأكيدها على وقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية, ومن بعدها جاء قرار القوات المسلحة بالاستجابة لشرعية الشعب الغاضب وعزل مرسى ليفتح الباب أمام الإعلام الإخوانى لترويج أكاذيبه وتحولت مدافع الجماعة إلى القوات المسلحة.
وبدأت الحرب الشرسة على القوات المسلحة لتنال من قيادتها وتتهم المتظاهرين المعارضين بالانقلاب على الشرعية ودخول الفلول وسطهم, ونصبت منصة ميدان رابعة العدوية على أربعة عواميد من الكذب والنفاق والتشويه والإرهاب.
وكانت أشهر الأكاذيب التى تداولها قادة التيار الإسلامى على المنصة هى حدوث انقسامات الجيش وخروج قائد الجيش الثانى عن الصف وانقلابه على اللواء عبد الفتاح السيسى, وهو ما نفاه سريعاً اللواء أحمد وصفى عندما قال «بصراحة أشعر بالخجل مما يقال، ومن يُطلق الإشاعات لا يفهم ما هي مقومات القوات المسلحة المصرية، فنحن تربينا من صغرنا على أن المصلحة العليا لمصر هي أهم شيء، وتراب مصر وبحرها لابد أن نحميه بدمائنا، وشعب مصر هو مصر، وما يقال من انشقاقات لا يتماشى مع مبادئنا».
ومع ذلك أصر الإخوان على شائعة وجود انشقاقات داخل الجيش, بل وصل الأمر إلى نشر فيديوهات لبعض الأفراد مرتدين الزى العسكرى يعلنون ولاءهم للرئيس المعزول وهو ما نفته تماماً القوات المسلحة.
وظهر القيادى الإخوانى محمد البلتاجى أيضاً فى أكثر من فيديو لدعوة شباب الجماعة للجهاد ضد الجيش المصرى وحثهم على الوقوف فى الصفوف الأولى أمام بوابات الحرس الجمهورى حاملين السلاح ,حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى ارتداء الأكفنة وحمل السلاح وإعلان الجهاد فى سبيل الشرعية.
ومع انتشار فيديوهات لتجاوزات أعضاء التيار الإسلامى أثناء عمليات ترويع المعارضين وقتلهم أمام مرأى ومسمع من الجميع,وجدت الجماعة نفسها فى موقف حرج بعدما تم فضحها فى كافة الوسائل الإعلامية فاستغلت الجماعة أحداث الحرس الجمهورى الأخير للتشكيك فى القوات المسلحة حيث تداولت صفحات الإخوان على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» صوراً قديمة لضحايا مذابح الجيش السورى وإلصاقها بالجيش المصرى وهو ما كشفه مجموعة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى.