ليوم الثانى على التوالى شنت جميع الصحف الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها هجوما حادا على الجيش المصرى العظيم وانحازت بشكل كامل مع الرئيس المعزول محمد مرسى، واصفة الثورة المصرية الجديدة على حكم "الإخوان المسلمين" المتشدد ب"الانقلاب العسكرى"، حيث ذكرت كلمة "انقلاب" فى جميع تقاريرها ومتابعاتها المختلفة، على حد زعمها.وتناولت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية الأحداث الجارية فى مصر على صدر صفحتها الأولى تحت عنوان "الانقلاب إلى أين؟"، ولكنها عادت وقالت إن الجموع الغفيرة الغاضبة من الفقر، والزعامات الدينية، هو الذى أدى إلى هذا الانقلاب.
وتعاطفت الصحيفة العبرية لأول مرة فى تاريخ الصحافة الإسرائيلية مع "الإخوان المسلمين" قائلة إنهم أصبحوا مطاردون مرة أخرى بعد أن كان مكانهم فى مصر مؤمن، متسائلة فى الوقت نفسه "ماذا سيكون مصير العلاقات بين مصر وحماس وإسرائيل بعد هذا الانقلاب؟"، على حد تعبيرها.
وأضافت "هاآرتس" أنه فى الوقت الذى تم فيه تنصيب رئيس جديد مؤقت للبلاد وهو المستشار عدلى منصور قامت قوات الأمن المصرية بشن حملة اعتقالات على قيادات الإخوان على رأسهم المرشد العام للإخوان المسلمين فى مصر.
وزعمت "هاآرتس" أن الانقلاب فى مصر الذى شنه الجيش المصرى بالإطاحة بالرئيس محمد مرسى أعلن عن نهاية فترة حكمه.
وكتب عدد من المحللين السياسيين الإسرائيليين بالصحيفة العبرية عدة تقارير ومقالات متنوعة، من بينها مقال "عاموس هارئيل" الذى جاء فيه "إنه بالرغم من العداء الذى أظهره الإخوان المسلمين نحو إسرائيل لسنوات يصعب القول إن تل أبيب كانت تريد سقوط حكم الإخوان لأن التنسيق الأمنى بين حكم الإخوان وإسرائيل كان أحسن مما كان عليه فى عهد مبارك".
وفى المقابل قال الكاتب الصحفى الإسرائيلى "تسفى بارئيل" المتخصص فى الشئون المصرية جاء فيه: "إن الدولة المصرية بدأت خطواتها الديمقراطية من جديد وكأنه لم تكن انتخابات برلمانية أو رئاسية".
وفى السياق نفسه، تصدرت الصفحة الأولى لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أكبر الصحف توزيعا مانشيت بالبنط العريض "انقلاب" وصورة كبيرة للرئيس المعزول محمد مرسى، وبجانبه صورة لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى.
وقال مراسل الصحيفة العبرية من داخل القاهرة "إلداد بك" إنه عقب هذا الانقلاب فإن مصر لم تشهد فرحا كهذا منذ استقالة الرئيس السابق حسنى مبارك، فيما قالت الصحفية سمدار برى فى مقال لها تحت عنوان "عملية الإطاحة" إن وزير الدفاع المصرى عقد سلسلة اجتماعات لضمان مرور الانقلاب بدون احتجاجات، على حد زعمها.
بينما شبه الكاتب والمحلل الإسرائيلى سيفير فلوتسكر "التمرد" المصرى بالعصيان الذى وقع فى أوروبا الشرقية عام 1989، موضحا ان القاسم المشترك للحالتين هو طموحات الشعب فى العيش بحرية فى بلادهم.
وفى السياق نفسه، قال كاتب أخر بالصحيفة العبرية ألون بنكاس: "لقد دمر النظام القديم فعليا، وقد زالت الجامعة العربية من الوجود كما لم تعد مصر تقود العالم العربى"، على حد زعمه.
وفى المقابل، نشرت الصحيفة العبرية مظاهر الفرح العارمة التى عمت شوارع القاهرة خلال اليومين الماضيين بعد عام واحد فقط من تولى "الإخوان المسلمين" الحكم فى مصر.
ونقلت يديعوت مظاهر القلق الحادة التى يشعر بها المسئولين فى إسرائيل من العناصر الجهادية فى سيناء ومحاولتهم استغلال الوضع للقيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل انطلاقا من هناك.
وخرجت الصحيفة فى تقريرآخر، تقول تحت عنوان بالبنط العريض "أمل فى سماء القاهرة" على خلفية أسراب لطائرات الحربية المصرية التى احتفلت وشكلت لوحة على شكل قلب فوق ميدان التحرير فى القاهرة والتى ألهبت الجماهير الغفيرة المحتفلة ب"الانقلاب" أكثر فأكثرن على حد قولها.
وأوضحت يديعوت أنه فى الوقت الذى خرج فيه الجموع الغفيرة تحتفل بالثورة فى شوارع مصر نفذ الجيش موجة من الاعتقالات لقيادات جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الجماعة لا تزال ترفض التنازل ودعت مناصريها ومؤيدها إلى الخروج فى مظاهرات بعد صلاة الجمعة فى المدن المصرية احتجاجا على عزل رئيسهم.
فيما قال الكاتب الإسرائيلى "ناحوم برنيع" إن حكم الإخوان المسلمين على المدى الطويل كان سيكون سيئا لإسرائيل, مضيفا: "معنى ذلك تجميد العلاقات فى أحسن الأحوال ومواجهة فى أسوئها، ولكن نظام علمانى مدنى أو نصف عسكرى فى مصر يبقى الاحتمالات مفتوحة".
وأضاف برنيع: "عندما سقط نظام حسنى مبارك قبل نحو عامين ونصف بكى عليه الوزير فؤاد بن إليعازر أما الآن فلا يوجد إسرائيلى واحد يبكى على سقوط نظام مرسى، على حد قوله.
بينما قال الكاتب والمحلل الإسرائيلى "أليكس فيشمان" فى مقال له تحت عنوان "ضربة لحماس" إن الإخوان المسلمين ليسوا وحدهم فقط تلقوا ضربة ليلة أول أمس فى مصر، بل أيضا حركة حماس تلقت ضربة قاسية وليس المقصود سياسيا فقط بل فكريا أيضا، ففشل تجربة إقامة نظام إسلامى دينى فى أكبر دولة عربية سينعكس سلبا دون شك على إمارة حماس الإسلامية فى قطاع غزة.
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تحت عنوان رئيسى "سؤال جيد لإسرائيل؟" وتصدرت الصفحة الأولى مجموعة من الصورة بينها علم إسرائيل وعليه صورة محمد مرسى وأخرى للرئيس الإيرانى وأخرى لكمال أتاتورك، ونصر الله، وصورة للدمار فى شوارع حلب، وذلك تعليقا على ما يجرى فى المنطقة.
وقالت الصحيفة العبرية إنه من "ميدان التحرير" فى القاهرة إلى "ساحة تقسيم" فى إسطنبول، ومن "أنفاق غزة" حتى "ملاجئ حسن نصر الله" ومن "شوارع حلب" المدمرة إلى "صناديق الاقتراع" فى طهران تسود حالة من الفوضى والغليان فى الشرق الأوسط، مضيفة أن الأجهزة الأمنية فى تل أبيب تتوقع استمرار هذا الوضع فى المنطقة نحو عقد من الزمن.
وأضافت معاريف أن الرئيس المعزول محمد مرسى يتوقع أن يعود إلى السجن الذى منه فر خلال الثورة الأولى ضد حسنى مبارك، ليكون بجواره لأول مرة فى التاريخ.
وأشارت معاريف إلى أن الإطاحة بالرئيس المصرى محمد مرسى بعد سنة واحدة من توليه الحكم وبعد 3 أيام من المظاهرات الضخمة فى مركز العاصمة المصرية، رحل رجل الإخوان المسلمين بعد إمهاله 48 ساعة للتنحى عن منصب الرئاسة، ثم إحالة صلاحيات الحكم إلى عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية بصورة مؤقتة حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.