«الاتحاد قوة».. رسالة عظيمة وجهها الاسكتلنديون للعالم، خصوصاً للعرب.. اسكتلندا رفضت الانفصال بإرادة شعبية تجاوزت 55٪.. كانت فرصة تاريخية أن يهتف الاسكتلنديون (عاشت اسكتلندا حرة مستقلة)، بعد ما يزيد على ثلاثمائة عام من التبعية للتاج البريطانى (سنة 1707).. بالتأكيد كل من أيرلندا الشمالية وويلز كانتا ستحذوان حذو اسكتلندا مباشرة. شعار (أفضل معاً) الذى رفعته الأحزاب الوطنية أقنع الناس، رغم الضغط والمجهود الذى بذله الحزب القومى الحاكم هناك، بزعامة أليكس سالموند، تحت شعار (نعم.. اسكتلندا من أجل الاستقلال)، الاسكتلنديون أيقنوا أن فى الاتحاد قوة، ذلك أفضل لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، كأنها رسالة إلى العرب الذين شرعوا فى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وتنامى نغمات الانفصال هنا وهناك.
الأوروبيون عموماً الآن، وبعد توحيد عملتهم، لم يعد لديهم ما يمنع العمل تحت رئاسة واحدة، أو تاج واحد، إذا لم تكن رئاسة الاتحاد الأوروبى تحقق الغرض، هم يحققون أحلام هتلر ونابليون والفاتيكان، لكن بإرادة شعبية، هم يتحدثون أكثر من عشر لغات، إلا أن ذلك لم يمنع قوميات وعرقيات عديدة، عن الاختلافات الدينية والمذهبية حدث ولا حرج، هم يوجهون دروساً مباشرة إلى العالم المتخلف، ربما كان أهمها ذلك الدرس القادم من اسكتلندا، المؤشرات كانت تؤكد أن اقتصادها سوف يكون قوياً فى حال الاستقلال، كانت سترث 1.3 مليار استرلينى، إضافة إلى 1.6 مليار يورو كسندات عن المملكة المتحدة، إلا أنهم رأوا أن حرمانهم من التعامل بالجنيه الاسترلينى سوف يمثل خسارة كبرى، كانت بريطانيا تنوى ذلك.
المملكة الأم كانت ستتضرر، خصوصاً على مستوى القوات البحرية، قاعدة بناء الغواصات والسفن الحربية توجد فى منطقة جلاسجو داخل الأراضى الاسكتلندية، إلا أنها تعاملت مع الموقف منذ البداية بتحضر منقطع النظير، لن تنجح أى اتحادات بدون إرادة شعبية، هكذا فطنت أخيراً إمبراطورية الاحتلال البريطانى التى كانت لا تغيب عنها الشمس.
هى رسائل عديدة إلى الرسميين والشعبيين، وحتى الإرهابيين فى دول العالم المتخلف، قطع الرؤوس لا يقيم أى خلافة من أى نوع، دعم الإرهاب والاحتلال يرتد دائماً على أصحابه، لغة القوة لم يعد لها مكان فى عالمنا المعاصر، أخيراً، الاتحاد قوة، رسالة قديمة جداً، تعلمناها منذ نعومة الأظافر، كانت من بين أحلامنا، لكن يبدو أنها كان يجب أن تتحقق فى اسكتلندا.