قد يقول قائل: فى حالة تأجيل الانتخابات البرلمانية سوف نصطدم بخارطة الطريق، سوف نصطدم بالعالم الخارجى. كما ذكرت بالأمس، فإننا بذلك نهتم بشكل الصورة واكتمالها، دون وضع مصالح البلاد ككل فى الاعتبار. خارطة الطريق ليست كتابا مقدسا. هذه واحدة. حدث أن قدمنا الانتخابات الرئاسية على خلاف ما تنص عليه خارطة الطريق. الثانية هى أن الخارطة تم إقرارها قبل وضع الدستور الذى جاء معيباً من وجوه عديدة. يكفى أنه قفز بنا من الدولة الرئاسية إلى الدولة البرلمانية دفعة واحدة فى مغامرة غير محسوبة على الإطلاق.
ما هو شكل هذا البرلمان الجديد؟ لا أحد يدرى. ما هى مكوناته؟ هل هو أغلبية من الحزب الوطنى السابق؟ ما هى نسبة الإخوان؟ التيار الدينى بصفة عامة، نسبة لغة المال فى تشكيله. الائتلافات المزمعة الآن لا تبشر بمستقبل سياسى أو حزبى أفضل. الانتهازية والاستحواذ يخيمان على الموقف ويعرقلان التوصل إلى صيغ محددة. المحاصصة التى نص عليها الدستور ليست منطقية ولا تتوافق أبدا مع تطلعات الشعب. إجراء الانتخابات بالطريقة المزمعة رفضتها المحكمة الدستورية من قبل. الدستور نفسه تم إعداده على عجل بما يجعله فى حاجة إلى إعادة نظر. ما بالنا بالانتخابات.
نحن هنا لا نتحدث عن خارطة الطريق فى حد ذاتها. نتحدث فقط عن الأولويات بداخلها. عن التوقيتات ومدى ملاءمتها للمرحلة. ما تم إقراره قبل أكثر من عام قد لا يكون مناسبا الآن. أما فيما يتعلق بالعالم الخارجى. فلا يجب أبدا أن يظل شكل الصورة هو قضيتنا الأولى والأخيرة فى وقت نسعى فيه إلى الخروج من عنق الزجاجة. خارطة الطريق كانت طوق نجاة. يجب توسيع وتضييق هذا الطوق. فى إطار حاجة الحالة التى أمامنا، بالسنتيمتر، والملليمتر. المكابرة هنا قد تؤدى إلى كوارث فى المستقبل. وقتها سوف يصب العالم الخارجى جام غضبه وسخريته علينا دون رحمة. هذه هى مسؤوليتها أولاً وأخيراً. لن يتحملها غيرنا. بل لا نريد أن يتحملها غيرنا. فى كل الأحوال يجب أن نرفض التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، إن سلباً أو إيجاباً.
أضف إلى ذلك أنه لا يوجد فى الأفق حتى الآن ما يشير إلى أن هناك قوى سياسية جديدة فرضت نفسها فى الشارع المصرى. غالبية القوى الموجودة على الساحة اعتبرت أن ميدان التحرير هو مصر وكفى. البعض اكتفى بمخاطبة الشعب عن طريق الفضائيات. صدمة الفشل سوف تكون قوية. لن يتحملها الجميع. الشارع المصرى يحتاج إلى جهد كبير، فى الأقاليم بصفة خاصة، فى الحوارى والأزقة والعشوائيات.
إذا كان هناك من يعول على مد نطاق المحاصصة إلى نتائج الانتخابات (أعنى التزوير)، كما يشيع البعض حاليا، فنحن أمام كوميديا سوداء، لن تكون مقبولة فى الداخل ولا من الخارج