لعب الفريقان المرشحان وتفوق الفريقان الأقل ترشيحاً وتصنيفاً وأنتهت أول مباراتين في دور الثمانية لدوري الأبطال الأوروبي بنتيجتين غير متوقعيتن، بالتعادل الإيجابي 1/1 ، حيث نجح اتليتكو مدريد في إقتسام النتيجة مع برشلونة الذي كان متقدما في الترشيح ولكنه تأخر في النتيجة وإنتزع التعادل ولم يوفق فيما هو أفضل من ذلك في عقر داره وأمام أكثر من 80 ألف متفرج.
■■ والأمر نفسه تحقق في مباراة القمة الكروية الأخرى بين بايرن ميونيخ حامل اللقب الاوروبي والمدافع عنه والذي حل ضيفاً ثقيلاً على مانشستر يونايتد العريق الذي يعيش واحد من أسوأ مواسمه وذكرياته في العصر الحديث ، حيث يتراجع في الدوري المحلي للمركز السابع مع عروض باهتة ومستوى مخيب للآمال وإحباط جماهيري منقطع النظير . والغريب أن المان يونايتد المرشح لنيل هزيمة ثقيلة أمام البايرن الملقب مؤخرا بلقب أقوى فرق العالم كان الباديء بالتقدم ولم يحقق البايرن التوقعات وبالكاد خرج بالتعادل .
■■ ولعلها من المرات القليلة التي ترى نفسك مجبراً على مراقبة ومتابعة مباراتين في نفس الوقت ، لتحاول التحليل والتعليل وإكتشاف أسباب التفوق أو التخلف – في النتيجة طبعاً – وتحاول تقديم رأي فني سريع ومركز في ختام المباراتين، ولعل السبب هو أهمية المباراتين وعدم توفيق الاتحاد الاوروبي بإقامة المباراتين في نفس التوقيت ، وكان يمكنه بالطبع تأخير أو تقديم إحدى المباراتين ، حتى يعطي الملايين من عشاق الكرة الجميلة وجماهير الأندية الأربعة العملاقة الفرصة للإستمتاع بمشاهدة المباراتين، مباراة بعد أخرى بدلاً من التنقل المجنون بين المباراتين، لتضيع تفاصيل هنا ولمحات هناك وتفقد لذة الإستمتاع الجميل بهذا المستوى من المباريات الكبيرة .
■■ الخلاصة بعد المتابعة المتقطعة للمباراتين المتشابهتين بشكل يكاد يكون متطابقاً ، أن الواقعية الفنية تغلبت على تكافؤ الأداء ، فلم يخجل مويس مدرب المان يونايتد ، أن يلجأ للتحفظ والأداء الحذر واللعب بدفاع مكثف ومتراجع أمام جموح وطموح وصلابة البايرن وتكامل أداء التيكي تاكا الالمانية ، ولم يكن من حل أمامه سوى الإنتظار طويلاً عند إنتزاع الكرة لشن هجمات مرتدة على الطريقة الإنجليزية القديمة .. والغريب أنه بهذا الإحترام للمنافس والتراجع للدفاع والتغاضي عن الإستحواذ الذي وصل في بعض أوقات المباراة 20% مقابل 80% للبايرن ، تمكن الفريق الإنجليزي من التسجيل أولاً والتقدم بواسطة فيديتش وكاد قبل ذلك أن يسجل هدفاً آخر من إنفراد ويلباك ، ولم يتمكن الفريق العنكبوتي المسيطر والمتحكم والمستحوذ من تحقيق الترشيحات وانتهت كل الخطورة لنجومه الكبار أرين روبين وريبيريه ومولر ومانزوكيتش وشفانشيتايجر إلى هدف وحيد للأخير الذي ودع المباراة ببطاقة حمراء .
■■ أما فريق الأحلام الأسباني برشلونة ، فكانت جماهيره التي ملأت ستاد الكامب نو ، تأمل في قضاء أمسية ممتعة حافلة بالأداء والأهداف والفوز المريح أمام اتليتكو مدريد الشبح المرعب الذي يقف بالمرصاد أمام تطلعات البارسا حتى بعد أن يتفوق على غريمه الكبير ريال مدريد . . وتأملت هذه الجماهير خيراً في ميسي ونيمار وانيستا ورفاقهم ، ولكن أملهم تحول إلى سراب !
■■ الفريق المدريدي الذي إضطر لإشراك نجمه الأوحد - تقريبا - دييجو كوستا وهو لم يشف تماما من إصابة سابقة بالعضلة الخلفية للفخذ ، لعب أيضا بواقعية وتحفظ وحذر ، لأن مدربه سيميوني يحفظ عن ظهر قلب كيفية مواجهة التيكي تاكا التي يلعبها البارسا حتى وإن كان قد شوهها مارتينو تاتا مدرب البارسا الجديد الذي لم يتمكن من فرض شخصيته الفنية على الفريق ، فلا التيكي تاكا القديمة الممتعة إستمرت ، ولا هي إنتهت وتحولت إلى ما هو أفضل وما يضمن القضاء على عيوبها الأساسية وهي نقص المرونة التكتيكية وإنعدام البدائل في حالة إجادة المنافسين التصدي لها .
■■ وهكذا حد اتليتكو كالعادة من خطورة نجوم البارسا ، ورغم فقدانه نجمه الأول دييجو كوستا مبكراً بعد نصف ساعة ، فقد جاء بديله الذي يحمل نفس إسمه الأول ليكون هو الحل ويخطف لفريقه الهدف الأول ، من تسديدة صاروخيه بعيدة المدى قلبت موازين المباراة وضاعفت من أعباء البارسا ، لتتحول مهمته من تحقيق فوز مريح وبفارق أكثر من هدف ، إلى محاولة إنتزاع التعادل الصعب وهو ما تحقق بهدف مميز لنيمارفي الثلث الأخير من المباراة ولم يسعف الوقت والمقاومة الخططية والبدنية الرائعة لاتليتكو الفريق الكاتالوني من تحقيق أي فوز ولو معنوي ، ليبقي البارسا وجماهيره على سطح صفيح ساخن خشية الخروج من الدور قبل النهائي حيث أصبحت فرص اتليتكو أكبر في التأهل وربما لو حقق ذلك ستكون أكبر ضربة للبارسا وربما تلحقها ضربة أخرى في الليجا .
■■ أما البايرن ، فربما كان هو الفائز بالتعادل مع المان يونايتد في الاولد ترافود 1/1 ، وبالفعل ستكون فرصته أفضل في الاليانز ارينا ، ولكنه رغم ذلك ، فقد خرج هو ومدربه جوارديولا محبطين وغير مصدقين أنهم نجوا من هزيمة أمام اليونايتد المتراجع طوال الموسم ، فمتى يمكن أن يحققوا الفوز على هذا الفريق العريق ، إن لم يحققوا ذلك وهو يعيش أسوأ حالاته .. وربما سيعيش البايرن رغم تفوقه بتحقيق تعادل إيجابي ويكفيه تعادل سلبي على ملعبه للمرور للدور قبل النهائي ، سيعيش على أعصابه من رعب ذكريات نهائي عام 1999 حينما أطاح به اليونايتد وإنتزع اللقب الاوروبي في الوقت بدل الضائع بإستاد الكامب نو.