مؤسسة المراقبة والبحث الهندية ORF من أكبر المراكز البحثية فى الهند، وهى على علاقة قوية بمؤسسات الحكم، وحسب وصف السفير المصرى القدير خالد البقلى، هى عقل الهند السياسى، وكثيراً ما يؤخذ رأيها بجدية من قبل الحكومة.وقد دُعيت لتقديم عرض عن الوضع فى مصر لأعضاء المؤسسة، بالإضافة لضيوفها وبعض الصحفيين، ركزت فيه من خلال كلمة استغرقت حوالى 45 دقيقة وتبعها حوالى نصف ساعة من الأسئلة على عملية إعادة بناء الديمقراطية التى تشهدها مصر الآن، بعد أن أسقطت حكم الإخوان المستبد والذى أثبت فشله، ووضعت لنفسها دستوراً جديداً هو أكثر دساتيرها تقدماً، فتحدثت عن الانتخابات الرئاسية القادمة، والتى ستعقبها بعد ثلاثة أشهر الانتخابات البرلمانية، وأنه بذلك ستكون خريطة المستقبل التى أعلنت فى يوليو الماضى قد اكتملت، وأصبح هناك نظام سياسى جديد منتخب وشرعى.
وقد كان علىَّ أن أشرح ما الذى دفع ملايين المصريين إلى الثورة مرتين، الأولى ضد استبداد وفساد حكم الرئيس مبارك، والثانية ضد استبداد وفشل حكم الرئيس مرسى، وبالطبع كان السؤال بعد ذلك هو: وما الذى يضمن أن الحكم الجديد لا يكرر ممارسات حكم مبارك كما فعل محمد مرسى؟ وكان ردى أن رفض الشعب هذه الممارسات، والذى تمثل فى ثورتين متتاليتين هو الذى سيحول دون ذلك، بالإضافة إلى أنه قد أصبح هناك الآن للبلاد دستور يحدد سلطات رئيس الجمهورية، ويحول دون انفراده بالقرار، ويعطى لرئيس الوزراء القادم من الأكثرية المنتخبة بالبرلمان سلطات تقابل سلطات الرئيس. وبالطبع كانت معظم الأسئلة معبرة عن الصورة المغلوطة التى يتبناها الإعلام الأمريكى، والتى تعتبر هى السائدة فى الهند، فى غياب وجهة النظر المصرية إلا فى بعض الدوائر الرسمية نتيجة لاتصالات السفارة المصرية.
لذا تركزت أسئلة الحضور ليس حول الجانب السياسى وإعادة البناء وإنما حول أحكام الإعدام الصادرة بحق أعضاء فى جماعة الإخوان، وقرار الحكومة اعتبارها جماعة إرهابية، ومدى احترام الحكومة الحالية للحريات ولحقوق الإنسان، وأيضاً تلك الأكذوبة الكبرى التى يروج لها الإعلام الغربى بأن الحكومة تحظر مشاركة الإخوان فى العملية السياسية وتجبرها على العمل السرى، وقد فنّدت كل ذلك بالأدلة العملية، مع الاعتراف بأن حقوق الإنسان فى مراحل التحول الكبرى لا تكون عادة فى أفضل حالاتها، وأوضحت أن قرار الخروج إلى الشارع واستخدام العنف والإرهاب ضد المواطنين بدلاً من ممارسة المعارضة السياسية المشروعة كان اختيار جماعة الإخوان وليس الحكومة التى عرضت عليها أكثر من مرة المشاركة فى العمل السياسى، لكنها رفضت بعكس بعض الأحزاب الإسلامية الأخرى مثل حزب النور، وضربت مثلاً لذلك بلجنة الدستور.