-الإخوان ليسوا مجموعة من المخطوفين ذهنيا على حد ما تذهب إليه بعض الدعايات المنصرفة إلى شيطنتهم في الوعي الجمعي أو مجموعة ممن غرقوا فى إنكار الواقع
-الاخوان يعتبرون انفسهم تنظيم حركى يستلهم المنهج النبوى فى التغيير لإستعادة مجد الإسلام وسلطته فى الحكم الدنيوى سبيلا للفوز فى الدارين ويعتقدون أن السبيل الرئيسى للوصول لتحقيق الأهداف هو ما حددته الأية من سورة الرعد " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " 1
-الاخوان يعتبرون انفسهم اصحاب الحق الحصرى فى الدفاع عما يعتقدونه قيما للدين دون غيرهم
-هناك يقين لدى الفرد الإخواني بأنه فى تصوره عن الإسلام على الحق المبين وغيره على الضلال المبين
-الاخوانى يعتبر أنه على خير مادام يبتلى ويستدعى من الاثار النبوية أو النصوص القرأنية ما يعزز لديه هذا الشعور بالمظلومية الممتدة عبر التاريخ
-هل من حق الحركه الاسلاميه أن توقع على تحالف بأن يكون الحكم ديقراطيا؟
-قيادة الجماعه وسرية التنظيم
-ماهى رؤية الاخوان للمواطنه ونظرتهم للأقباط
- فأيمان الناس لدى الإخوان ليس إيمان واحد ، بل إيمانان كما وصف البنا ،إيمان حى يدفع صاحبه للعمل ،هو إيمانهم وإيمان خامل هو إيمان من ليسوا منهم
-العقل الإخوانى فى تصوره عن غيره هو عقل شوفينى يعتقد انه هو الأفضل
-جماعة الإخوان حاولت دوما ان تجمع بين الدعوة والحكم ،ولم تنجح جماعة طوال تاريخنا الإسلامى فى الجمع بينهما أبدا وإنتهت كل محاولة للجمع بينهما بتعرضهما معا للخطر
-السلمية ما موقعها الأن فى عقل الجماعة ؟وهل الاخوان لا يؤمنون بالقوه كمنهج للتغيير؟
-حسن البنا واضحا فى تضمين أفكاره لهذا المبدأ إستخدام القوة " إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة حيث لايجدى غيرها وحيث يثقون أنهم قد إستكملوا عدة الإيمان والوحدة وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولا وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون فى كرامة وعزة ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وإرتياح "
-الاخوانى يعتقد انه وحده الذى يتصدى لمؤامرة كونية تستهدف هذا الدين وأن الله إصطفاه لهذا الدور وهذا تشريف يجعله لا يبالى بأى تضحيه فى سبيل الله
-رابعه وغيرها من مشاهد الإحتجاج التى خلطوا فيها بين الدعوة التى أدواتها اللسان والبرهان بالحرب التى سلاحها الدرع والسنان ووقفوا يطلبون ما يعتقدون أنه الشهادة فى مشهد هو جزء من معركة سياسية أردات قيادتهم تحويلها إلى معركة دينية فى تكرار ممجوج لكل معارك الحكم عبر تاريخنا
-أدارت الجماعة ولازالت تدير الصراع السياسى مع خصومها بعقلية صفرية تستدعى فيها أجواء الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل حيث النصر او الشهادة وهى أفة كل الحركات الإسلامية عبر التاريخ خلو قاموسها من مفردة الإنسحاب حتى لو كان تكتيكيا ، فهى إما مقتولة وإما مسجونة
-سعى الإخوان للحكم عبر عقود طويلة فى الحفاظ على تنظيمهم الذى تحول الحفاظ عليه إلى هدف وليس وسيلة لتحقيق الأهداف
يمثل العقل الإخوانى للكثيرين لغزا لم يستطع أحد فك طلاسمه أو تفسير أليات عمله أو طريقة تعاطيه مع الواقع، يختزل البعض المسألة فى وسمه بأنه عقل غيبى يتبنى النص ويبالغ فى تجلياته و إيحائاته دون أن يفسر لنا لماذا يفكر هذا العقل بهذه الطريقة ؟وكيف يتشكل تصوره ؟وكيف يرى العالم من حوله ؟وكيف يدير معاركه مع خصومه ؟و ما هي إستراتيجياته؟ كيف كانوا يفكرون قبل السلطة؟وكيف يفكرون الآن بعد الخروج منها ؟الإخوان ليسوا مجموعة من المخطوفين ذهنيا على حد ما تذهب إليه بعض الدعايات المنصرفة إلى شيطنتهم في الوعي الجمعي أو مجموعة ممن غرقوا فى إنكار الواقع ويحيلون إلى نصر سيأتى دونما أسباب ،على العكس لديهم بنية معرفية وذهنية قد نختلف معها تماما لكنها تبقى قادرة على توفير التماسك للتنظيم وقادرة على تحريكه فيما تراه القيادات من معارك بصرف النظر عن تعارض ذلك مع العقل أو المنطق. فنحن فى كل الأحوال نتعامل مع العقل الإخوانى الذى يبدو غير عقولنا جميعا، وسنحاول أن نفهم لماذا هو عقل أخر.
أسس التفكير الإخواني:
ينطلق الإخوان فى نظرتهم للعالم من حولهم من منطلق رئيسى ,هو أنهم تنظيم حركى يستلهم المنهج النبوى فى التغيير لإستعادة مجد الإسلام وسلطته فى الحكم الدنيوى سبيلا للفوز فى الدارين ويعتقدون أن السبيل الرئيسى للوصول لتحقيق الأهداف هو ما حددته الأية من سورة الرعد " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " 1، فتراجع المسلمين عن سيادة الدنيا هو نتيجة طبيعية لإنحسار سلطان الدين عن النفوس وإستعادة هذه السيادة هو فى إستعادة الشخصية المسلمة الأولى التى تقترب من جيل الصحابة فى سماتها والتي فتح الله بهم الدنيا ،وهم رغم أنهم يقولون عن أنفسهم أنهم فقهيا جماعة من المسلمين إلا أنهم يستبطنون أنهم جماعة المسلمين التى هى صاحبة الحق الحصرى فى الدفاع عما يعتقدونه قيما للدين وطريقا لتمكينه فى دنيا الناس وأنهم يملكون فى ذلك الأساس المعياري الذي يقيسون به الجماعات الإسلامية الأخرى التى تعمل لنفس الغاية وهى تمكين الدين من الحكم . فى تعريف موقفنا من الدعوات، وموقفنا من الدعوات المختلفة التى طغت فى هذا العصر ففرقت القلوب وبلبلت الأفكار، أن نزنها بميزان دعوتنا، فما وافقها فمرحبا به وما خالفها فنحن براء منه ونحن مؤمنون بأن دعوتنا عامة محيطة لا تغادر جزءا صالحا من أية دعوة إلا ألمت به وأشارت إليه ." [2]
ثم يفصل فى تلك الدعوات التى يصفها بأنها فرقت القلوب ،مثل الوطنية والقومية فى تدليل واضح على العداوة معهما ،والتأكيد على أنه لامكان لتلك الدعوات فى الدولة التى ينحاز لها ويؤمن بها.
ويتوفر يقين لدى الفرد الإخواني بأنه فى تصوره عن الإسلام على الحق المبين وغيره على الضلال المبين وبالتالى هو لا يعتقد فى تصوره عن الإسلام باعتباره صيغة تدين ضمن صيغ أخرى تقترب وتبتعد عن حقيقة الدين فشتان بين الدين الذى هو مطلق كامل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " [3] وبين التدين الذى هو نسبى " وكل الذى نريده من الناس أن يكونوا أمامناواحدا من أربعة مؤمن ، متردد ، ، نفعى ، متحامل ، ثم يعرف المؤمن بأنه من يقبل تصورهم عن الدين ويعمل معهم . والمتردد ذلك الشخص الذى ينبغى أن يتردد عليهم وأن يسمع منهم فسيزول تردده ويؤمن معهم فى النهاية بتصورهم. وإما نفعى وهو من يسأل عما سيجنيه أو يناله من متاع إن إلتحق بهم فيقولون له أنهم مغمورون مالا وجاها وليس لديهم شيئا من ذلك ليعطوه له . وإما متحامل فذلك لايراهم إلا بعين التحامل " [4] إنتهت عند هذا الحد أصناف الناس الثلاثة فى مواجهة تصورهم ،بين متردد ونفعى ومتحامل ، لكن لايوجد شخص آخر أو جماعة أخرى تملك من الحق مثلهم وتملك من الباطل أيضا فالحديث عن صيغة للتدين وليس الدين كما أسلفنا ، ولكنه يقدم نفسه باعتباره من يملك حقيقة الدين وعندما يستقيم ويستقر هذا التصور فى نفوس الآخوان هل من الممكن أن يزهدوا فيما لديهم لحساب تصور أخر يعتبرونه بعيدا عن التصور الصحيح الذى قدمه له إمامهم ؟
لم يبخل الرجل باعطائهم حصانة لهذا التصور ضد من يستشعر خطرهم فى خلخلة أفكارهم وقد يدفعهم لمراجعة تلك الأفكار أنه يبصرهم بأن الناس سيعادون هذا التصور بل وسيعاديه العلماء " أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لازالت مجهولة عند كثيرمن الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات وفى هذا الوقت وحده تكونوا قد سلكتم سبيل أصحاب الدعوات ،ثم يقول سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة فى طريقكم وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام ............" [5]
إذن الرجل يضع كوابح ذهنية لأعضاء الجماعة تجعلهم مهما واجهوا من معارضة إو إستدراك أو مناقشة لإفكارهم أو وسائلهم لا يأبهون بها ولا يقفون ليفكروا فى معتقداتهم فقد أعلمهم الإمام بذلك من قبل وأن ما يواجهونه هو المآل الطبيعى لأصحاب الدعوات ، أليسوا هم الإمتداد الطبيعى للجماعة المسلمة الأولى يواجهون ما واجهته من كيد الكفار والمشركين ، لذلك ستجد هذا التوحد مع حالة الجماعة المسلمة الأولى فى الحالة النفسية التى ألمت بهم وهم يعتصمون فى رابعة كأنهم الجماعة الأولى المحاصرة فى شعب أبى طالب يدعون على الكفار والمنافقين على لسان أحد مشايخهم قبل ثورة 30 يونيو يوم دعا الشيخ محمد عبدالمقصود على من هم خارج رابعة من عموم الشعب المصرى الذى تدين أغلبيته بالإسلام قائلا " اللهم اجعل يوم 30-6 يوم نصر للإسلام والمسلمين على الكفار والمنافقين .
لذلك يتوحد العقل الأخوانى مع هذه المقولات ويعتبر أنه على خير مادام يبتلى ويستدعى من الاثار النبوية أو النصوص القرأنية ما يعزز لديه هذا الشعور بالمظلومية الممتدة عبر التاريخ .
ينعى الإخوان غياب الإسلام الطويل عن الحكم وبروز إتجاهات وأفكار وقيم بعيدة عن الدين مثل الديمقراطية التى قبلت بها بعض فروعهم مرحليا دون أن يترسخ ذلك الإيمان فى نفوسهم إن قبولهم بالديمقراطية رغم إعتقادهم أنها باطل لا تعنى التعايش معه
هل من حق الحركة الإسلامية ان توقع على تحالف بأن يكون الحكم ديمقراطيا ؟
وهل من حق الحركة الإسلامية أن توقع على تحالف بقيام حكومة مؤقتة ومؤتلفة ؟
ونحاول الإجابة على السؤال الأول: فقد يتبادر إلى الذهن مباشرة أن يكون الجواب بالإيجاب ،لآن النظام الديمقراطى لا يحدد فردا أو جهة يخولها إستلام السلطة ، وهذا يعنى أن الأمر لله يضعه حيث يشاء ثم يكمل أى الكاتب إننى أستبعد جواز ذلك ويقول – والذين يجيزون التحالف على القبول بالنظام الديمقراطى وسيلة للحكم ينطلقون من فكرة أن الإسلام لا يفرض نفسه بالقوة على الناس ، وأن على الدعاة أن يعملوا لكسب قلوب الناس وثقتهم من خلال الدعوة وبعدها تأتى مرحلة الدولة التى تقوم على حب الناس لهم وثقتهم بهم ليكونوا حكاما لهم " ثم يفصل حيثيات رفضه بقوله
أولا: النظام الديمقراطى يقتضى من الحركة الإسلامية أن تقبل بالفئة أو الحزب الذى ينتخبه الشعب وأن تبادر فتعترف بشرعيته طالما فاز بالأكثرية وأن تخضع لنظامه وقد يكون هذا الحزب أو التجمع معاديا للإسلام أو لا يتبنى الإسلام على أحسن الإحتمالات – بالطبع فهم فقط من يتبنى الإسلام ويعرف أحكامه الحقيقية أما غيرهم فلا يشاركونهم هذا الفهم ومن ثم ليسوا أمناء على حكم البلاد نستطيع من خلال هذا الكلام إكتشاف نوايا الإخوان تجاه الإستمرار فى الحكم للأبد – ثم يستطرد قائلا ولنفرض جدلا أننا قبلنا بالنظام الديمقراطي فإن الشعب هو مصدر التشريع فى هذا النظام وقبولنا بذلك يعنى قبولنا بكل تشريع لا يرضاه الإسلام واعتباره شرعيا فى الوقت نفسه طالما إنه صادر عن هيئة تشريعية منتخبة .
ثانيا: ولنفرض جدلا أن الحركة الإسلامية اشترطت قبول نظام الإسلام حتى تقبل النظام الديمقراطى فهى فى هذه الحالة قد قبلت بالمتناقضات فى البنود نفسها تجعل حجة لخصوم الإسلام عليها فى المستقبل أن هذا الحكم وهو نظام الإسلام لا يمثل رأى الشعب وبالتالى لا يجوز أن يفرض عليها "[6]
يكشف لنا النص السابق كيف هو إيمان الإخوان بالديمقراطية وكيف أن المسألة لا تعدو شكلا من أشكال التقية السياسية المرحلية ودربا من الإنتقال بين خطاب التمسكن وخطاب التمكن بحسب الأحوال ،لذلك لم يكن غريبا أن الإخوان يتحدثون كثيرا عن الشراكة الوطنية فى مصر مثلا بينما هم منخرطون فى مغالبة لاتعرف الرحمة .
نتيجة لهذا الفقه الحركي الذي يجعلهم معتقدين دوما أنهم أصحاب المنهج الأصيل وأقدر الناس على تجسيده فى الواقع من غيرهم
قيادة الجماعة و سرية التنظيم
تعتبر السرية من أهم أساليب العمل داخل الجماعة ، وبالرغم من أنها حكمت مصر لعام وأشهرت العديد من المواقع الجغرافية والإلكترونية المعبرة عنها ، إلا أنها حرصت دوما على أن يكون تنظيمها سريا ،وبالرغم من أنها تحدثت فى أدبياتها أنها ملتزمة بالمنهج النبوى فى التغيير الذى حدده كتاب المنهج الحركى بين المرحلة الأولى ( سرية الدعوة وسرية التنظيم ) إلى ( جهرية الدعوة وسرية التنظيم ) ثم مرحلة قيام الدولة ثم تأسيس الدولة وتثبيت دعائمها وأخيرا ما سماه الجهاد السياسى وانتصار الرسالة ومواصفات كل مرحلة ومقتضياتها " [7] يفصل الكاتب تلك المراحل ثم لا يجد حرجا أن فى أن يعطى لقيادة الجماعة الحق الحصرى ألا تتقيد بموجبات كل مرحلة ، بحسب ماترى حتى أنه لايحدد سقفا للعمل السرى ،بل يترك ذلك للقيادة يقول " ننتهى بهذا إلى أن السمة الأولى لهذه المرحلة : هى إمتدادها الزمنى ثلاث سنوات وإن كنا فى واقع الأمر لا نبنى شيئا على هذه المدة ،ولا نفهم أن الحركة الإسلامية اليوم لابد أن تمر بمرحلة سرية هى ثلاث سنوات ،فهذا أمر لا نص فيه يدعونا إلى الإقتداء به ولا نحجر واسعا ، إنما نفهم أن إنتهاء هذه المرحلة قد كان ،لأنه قد صار للمسلمين قاعدة صلبة مستعصية على الإفناء إذا قيست بنوعياتها من جهة ونسبتها إلى المجتمع المكى آنذاك من جهة ثانية ،ومن هذا الجانب تكون القدوة ثم يقول فقيادة الحركة المسلمة الراشدة هى المسؤولة عن تقدير هذه المرحلة ،وإمكاناتها للإنتقال إلى مرحلة لاحقة "[8]
الكاتب يحدد مناط القدوة بالطريقة التى تصادف تصوره ،ثم يترك للقيادة أن تقرر مدة ومدى السرية بحسب ما ترى ،ولقد حافظت جماعة الإخوان على السرية طوال تاريخها وحتى اليوم ولم تتخلى عن ذلك حتى وهى فى الحكم فلم تتقيد لا بثلاث سنوات ولا حتى ثلاث عقود
رؤية الإخوان للمواطنة ونظرتهم للأقباط :
فى إطار التقية السياسية التى أدمنها الإخوان ،من المهم أن نسلط الضوء على نص كاشف يؤكد كيف ينظرون إلى الأقباط ولماذا لم يزر محمد مرسى كاتدرائية الأقباط ولو لمرة واحدة حتى فى أعيادهم؟
الرجل إبن الحالة القطبية ،التى ترى أن التقيد بالمنهج الحركى الذى أكدته السيرة النبوية ،هو فى الإعراض عن المشركين " لا يجوز أن تتميع الدعوة وتضيع معالمها بحجة مسايرة المشركين ومراعاة ظروفهم وتأليف قلوبهم ، كما يلجأ كثير من الناس اليوم وهم يتعايشون مع النصارى ، ثم يقول إن كل الدول فى عصرنا الحاضر التى توجد فيها الأقليات الدينية تنهج هذه السياسة فى إذاعاتها المرئية والمسموعة والمقروءة ،ويسمون هذا دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة إن الإعراض عن المشركين يعنى فكرتين فى وقت واحد :
الفكرة الأولى: المسيرة بالدعوة من الداعية وإيضاح معالمها غير عابىء بغضب خصومها أو مشاعرهم أو أرائهم
الفكرة الثانية: عدم مواجهة أذاهم المادى والمعنوى وعدم الرد على تجريح الداعية " [9]
وإذا كان الناس فى الوطن إما مسلمون جاهلون بدينهم لايعرفون حقيقته ولا يقفون على أحكامه ولا ينفذون مقتضياته ، فعليهم أن يكون صنفا من أصناف أربعة حددها الشيخ البنا ، وإما مشركون لايجوز مسايرتهم او مراعاة ظروفهم أو تأليف قلوبهم ، ماذا يعنى ذلك فى مواجهة النص القرأنى الذى يقول " لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ،إن الله يحب المقسطين" [10]ماذا يعنى البر والقسط فى اللغة العربية سوى أعلى وأرفع درجات الصلة ،وكيف نقرأ قول الله تبارك وتعالى فى موضع أخر من كتابه العزيز " ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا ،الذين قالوا إنا نصارى ،ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا ،وأنهم لايستكبرون " [11]
لذلك سقط وجه الجماعة المزيف ،فى كما رأينا فى منصة رابعة العدوية التى تعتبر حال تحليل خطابها ،كتابا مفتوحا لما تضمره الجماعة تجاه المجتمع ،وكيف انها تراه أدنى منها فى كل شىء فى الإعتقاد والتصور والسلوك الناس فأيمان الناس لدى الإخوان ليس إيمان واحد ، بل إيمانان كما وصف البنا ،إيمان حى يدفع صاحبه للعمل ،هو إيمانهم وإيمان خامل هو إيمان من ليسوا منهم، ،هذا بالطبع إذا كانوا مؤمنين " والفرق بيننا وبين قومنا بعد إتفاقنا بهذا المبدأ يقصد الإسلام – أنه عندهم إيمان مخدر نائم فى نفوسهم لا يريدون أن ينزلوا على حكمه وأن يعملوا بمقتضاه ، على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل قوى يقظ فى نفوس الإخوان المسلمين " [12]
إذن العقل الإخوانى فى تصوره عن غيره هو عقل شوفينى يعتقد انه هو الأفضل ،وإذا كان الواقع السياسى فرض عليه أن يتجمل فى مرحلة ما ويبتسم فى وجوه الناس ،طلبا لأصواته كما تقضى الديمقراطية التى أظهر إيمانا شكليا بها ، فإنما ذلك من قبيل المصلحة فكما تقول القاعدة الفقهية ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب ،والضرورات تبيح المحظورات ،وبطبيعة الحال القيادة الراشدة هى من تحدد المحظور والمباح وتملك هذا الترجيح بما أعطت لنفسها من حق ،كان محفوظا للنبى صلى الله عليه وسلم كمبلغ عن ربه ، لكن هذا الحق إنتقل بسهولة لإمام المسلمين ونائبه ،ثم إنتقل بشكل أيسرلحسن البنا وكل قيادة إخوانية جاءت بعده " ورأى الإمام ونائبه فيما لا نص فيه ،وفيما يحتمل وجوها عدة وفى المصالح المرسلة ، معمول به مالم يصطدم بقاعدة شرعية ، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات ، والأصل فى العبادات التعبد دون الإلتفات إلى المعانى ، وفى العاديات الإلتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد "[13]
هذا المبدأ السابق يعبر عن أحد أصول الفهم العشرين التى يفهم الفرد الإخوانى الإسلام من خلالها والتى يقول عنها حسن البنا " إنما أريد بالفهم أن توقن ان فكرتنا إسلامية صحيحة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه فى حدود هذه الإصول العشرين الموجزة كل الإيجاز " [14]
إذن هذا الإطار النظرى الذى تقدمه الجماعة لأفرادها هو إطار حاكم للعقل الإخوانى فلا يتحرك الفرد الإخوانى بعيدا عنه ويرتب عليه هذا الإطار أن ينتظم ضمن صف الجماعة ويسمع لقيادتها ويطيع وهو فى ذلك يتعبد لله بهذه الطاعة التى يعرفها البنا بقوله " وأريد بالطاعة إمتثال الأمر وإنفاذه توا فى العسر واليسر، والمنشط والمكره " [15]
" واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم فى العسر واليسر ،والمنشط والمكره ، فهى رمز فكرتكم وحلقة الإتصال فيما بينكم "[16]
تأمل كيف ترى تلك المفردات وكيف أنها مفردات عسكرية ، تتحدث عن جيش تسمع قواعده لقيادته وتنفذ فى حزم وعزم " فقد إستقر فى وجدان أتباع التيار الإسلامى من أتباع الفكر الشمولى أنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم إلا بالحكومة الإسلامية ،وهو أمر يتطلب إعداد قوة عسكرية ودفعهم هذا إلى تكوين ما يمكن تسميته بالميليشيات الإسلامية التى بلغت مبلغا لايستهان به من القوة قبل ثورة 1952 ولما كان شكل الحكومة الدينية التى يسعى هذا التيار لتحقيقها وهو أمر يتفق مع شكل نظام الحكم الإسلامى وشكل التنظيم الذى أقاموه ،أنها تعتمد على فكرة القائد والطاعة أو نظام الحكم الفردى ،وهو يطابق نفس نظام الحكومة العسكرية التى قامت بعد ثورة 1952 لذلك فإنه قد أصبح من المستحيل أن يجمع بينهما نظام سياسى واحد وبالتالى أصبح من الضرورى أن يفسح أحدهما المجال للأخر ،بعد أن أصبح الصدام أمرا حتميا " [17] هل تغير شىء من ذلك المعنى اليوم ، خاصة بعد دخول الإخوان للحكم وخروجهم منه بثورة شعبية إنحازت فيها المؤسسة العسكرية للشعب كما إنحازت لإرادته فى 25 يناير وأرغمت مبارك على التنحى
الدعوة والحكم معا:
حاولت جماعة الإخوان دوما ان تجمع بين الدعوة والحكم ،ولم تنجح جماعة طوال تاريخنا الإسلامى فى الجمع بينهما أبدا وإنتهت كل محاولة للجمع بينهما بتعرضهما معا للخطر ، للدعوة فضاء ومقتضيات ورجال وللحكم فضاء ومقتضيات ورجال ولكل عدته وتحت مفهوم صحيح يقول أن الإسلام لا يفرق بين الدين والسياسة وهو لايعنى سوى أن الإسلام لا يبيح أن يكذب السياسى أو يخدع أو يكون ميكيافيليا وأن السياسة فى المجتمعات الإسلامية يجب أن تتقيد بالإسلام هذا لايعنى أن يشتغل الفقهاء أو الدعاة بالسياسة فيتحولون من دعاة للدين إلى فتنة حقيقية فى الدين بل ينهضون بمهمتهم فى حراسة القيم والأخلاق والدعوة لها حتى يخرج للمجتمع السياسى الذى يتقيد بالأخلاق والمواطن الصالح أيا كان موقعه وعمله ليكون لبنة صالحة فى مجتمعه ،لذلك ما أحكم ما قاله د /حسان حتحوت أحد رجال الإخوان الذى ترك الجماعة فى منتصف التسعينات وسافر لأمريكا يعمل للدعوة وفقط " لعلى الآن ( رغم حماسى وقتها ) كنت أرى ألا يستعجل الإخوان إقتحام الميدان السياسى خاصة فيما يختص بالحكم لنترك العظمة للكلاب ونتفرغ لتحويل شعب مصر كله إلى شعب يؤمن بربه ويطيعه لا فى العبادات فقط بل فى المعاملات جميعا بخاصة الأخلاق والعمق الروحى ، فإذا تم ذلك فالباقى سهل فلا يتحرك الإخوان والرأى العام يتعاطف معهم ، إنما وهم الرأى العام " [18] وهل المجتمعات بحاجة لتلك الحركات سوى فى أن تنهض إلى جانب الدولة فى حماية القيم الإسلامية والدفاع عنها والدعوة إليها وتربية الناس عليها دون الحاجة لتنظيمات حركية تعمل سرا وتضع ولائها فيمن يمكن توظيفه لخدمة الأعداء بوعى أو دون وعى أو على الأقل كما حدث تتحول تلك المجموعات إلى طوائف دينية تنعزل عن المجتمع ، وتناصبه العداء وتبقى تناقضا مع مسيرته نحو أهدافه التى لاتلتقى أبدا مع أهدافهم ،ولكنها شهوة الحكم التى تتملك العقول والأفئدة ، بالطبع ضاعت صيحات كل العقلاء الذين حاولوا الإشتباك مع العقل الإخوانى بهدف ترشيده او دفعه للمراجعة فقد تكفلت البنية المعرفية التى نشأ عليها أفراد الجماعة ،مع القيادة التى تعلمت عبر التلقين الشفهى والمكتوب كيف تستميل القلوب بالأساس وتمتلكها ، وتزين لأعضاء الجماعة أنهم نتاج إصطفاء ألهى وتشريف من الله بأن إختارهم لتلك المهمة ،التى ذهل عنها المسلمون والتى إنصرفوا عنها لمتاع الدنيا الزائل
السلمية ما موقعها الأن فى عقل الجماعة ؟
هل الإخوان لا يؤمنون بالقوة كمنهج للتغيير؟ بالطبع هذا ما حاولت الجماعة عبر عقود تكريسه فى الوعى الجمعى للمصريين طوال العقود التى تلت موت جمال عبدالناصر وخروجهم من السجون على يد السادات ،السؤال يجيب عنه حسن البنا نفسه فتحت عنوان " متى تكون خطوتنا التنفيذية أيها الإخوان المسلمون؟ وبعد أن يقدم لكلامه بقوله وأريد ان أكون معكم صريحا للغاية فلم تعد تنفعنا إلا المصارحة ... وفى الوقت الذى يكون فيه منكم – معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت نفسها روحيا بالإيمان والعقيدة وفكريا بالعلم والثقافة وجسميا بالتدريب والرياضة في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار وأقتحم بكم عنان السماء وأغزو بكم كل عبيد جبار -فأنى فاعل إن شاء الله -وصدق رسول الله القائل "ولن يغلب إثنا عشر ألفا من قلة " [19] تأمل كيف يتماهى الرجل مع الحديث النبوى ، وكيف يركب ألة الزمن ليعود بين الصحابة يتحدث بلسانهم؟ ويعد عدتهم وهو فى ذلك يؤكد فى نفوس أتباعه دوما وعبر كل مناسبة أنهم إمتداد لمسيرة الجماعة المسلمة الأولى يواجهون نفس وما واجهته من عنت فى سبيل نشر دينها دون أن ينتبه أنه يتحدث عن معركة يخوضها وسط مجتمعات مسلمة فى مجموعها وأن الإسلام إكتمل وإستقر فى واقع الناس . الرجل إذن لم يسقط القوة من حساباته بل جعلها مرهونة بإستكمال العدة والعدد ، لذلك لم يكن غريبا أن يجعل شعار جماعته سيفان يتوسطهما مصحف كتب تحته كلمة وإعدوا،ولكن أعدوا لمن ؟ وكيف ؟ هذا ما عرفناه عبر تجربة جماعة تخفت طويلا فى خطاب المظلومية والتمسكن حتى كشفت عن وجهها الحقيقى يوم أصدر محمد مرسى إعلانه الدستورى فى 21 نوفمبر 2011 ليدشن لدكتاتورية دينية لم يقبل بها الشعب وثار عليها فى شهور قليلة كان حسن البنا واضحا فى تضمين أفكاره لهذا المبدأ إستخدام القوة " إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة حيث لايجدى غيرها وحيث يثقون أنهم قد إستكملوا عدة الإيمان والوحدة وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولا وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون فى كرامة وعزة ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وإرتياح " [20]
تكشف النصوص التى أوردنا بعضها،كيف أنها تجعل من العقل الإخوانى عقلا يشعر بتفرده مقابل الأخرين، فهو وحده الذى يتصدى لمؤامرة كونية تستهدف هذا الدين وأن الله إصطفاه لهذا الدور وهذا تشريف يجعله لا يبالى بأى تضحية فى سبيل ذلك، لذلك كان الوقوف فى رابعة العدوية لديهم أو غيرها من مشاهد الإحتجاج التى خلطوا فيها بين الدعوة التى أدواتها اللسان والبرهان بالحرب التى سلاحها الدرع والسنان ووقفوا يطلبون ما يعتقدون أنه الشهادة فى مشهد هو جزء من معركة سياسية أردات قيادتهم تحويلها إلى معركة دينية فى تكرار ممجوج لكل معارك الحكم عبر تاريخنا، والتى هلكت فى ساحاتها أعز وأخس النفوس أدارت الجماعة ولازالت تدير الصراع السياسى مع خصومها بعقلية صفرية تستدعى فيها أجواء الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل حيث النصر او الشهادة وهى أفة كل الحركات الإسلامية عبر التاريخ خلو قاموسها من مفردة الإنسحاب حتى لو كان تكتيكيا ، فهى إما مقتولة وإما مسجونة وهذه كانت دوما خياراتها المفضلة، لذلك لايغبط المعتقل أخاه الحر، بقدر ما يغبط أخاه المقتول، الذى هو لديه شهيد إختاره الله ، لأنه إستشعر إخلاصه بينما يشعر هو بضعف إخلاصه ،ولو تمهل قليلا لشعر بضعف فى عقله ، وليس إخلاصه ،ولكن ماذا يفعل فى السمع والطاعة والمشروع الإسلامى الذى ينتظر النصرة؟ وقد خذله الجميع هو لها إذن وسيبقى كما أمره البنا كن كالجندى فى الثكنة ينتظر الإشارة التى يبقى فى إنتظارها لتحمله إما إلى القبر، وإما إلى القبو ،وهو فى كل الأحوال فائز ، كما علمته ولقنته طويلا الجماعة
سعى الإخوان للحكم عبر عقود طويلة فى الحفاظ على تنظيمهم الذى تحول الحفاظ عليه إلى هدف وليس وسيلة لتحقيق الأهداف وإذا كانوا قد تجملوا فى مواجهة العالم طوال ثمانية عقود قبل أن يدلفوا فى لحظة إستثنائية للحكم،
فقد كانوا كرجل بلغ من العمر عتيا فى طاعة الله وعبادته، وطال عمره فى إنتظار أن يرزق بالولد، فلما رزق بالولد وفرح به كما يفرح شيخ بطفل أتاه قبل مغيب العمر، مات الغلام بعد عام واحد فلم يعصم الرجل إيمانه بربه ولم تعصمه صلواته وعباداته ، وأبى إلا أن يحرق الدنيا التى لم تتسع لغلامه ،فى لحظة كاشفة ودعت الجماعة كل ميراثها الأخلاقى المزيف ،وغلبتها شهوة حكم لم تقضى منه نهمتها بعد فخرجت تحرق الأخضر واليابس فى محاولة إستعادته وهى فيما هى فيه لاترى سوى كرسى الحكم الذى تسلل من بين أقدامها فاستدعت كل قاموس العنف الكامن لديها.
ولدى المجموعات المرتبطة بها والمتحالفة معها لتشعل الأرض تحت أقدام المصريين ، بمنطق على وعلى أعدائى لتؤكد بالحال وليس بالمقال أنها لم تكن يوما جماعة إحياء قيمى تنشغل بالأخلاق والسلوك بل كان كل ذلك قناعا صمد لعقود قبل أن تحرقه أضواء عام واحد فى الحكم .