أتفق تماماً مع من يرددون كلام الأمريكان والإنجليز بأن قرار الحكومة اعتبار جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً كان قراراً متسرعاً، صحيح أن الأعمال الإرهابية التى قام بها الإخوان أو أتباعهم ومؤيدوهم من التنظيمات الأخرى التى لم نكن قد سمعنا بها من قبل قد قتلت وأصابت المئات حتى الآن من المواطنين الأبرياء ومن الجنود والضباط، لكن الشعب المصرى يبلغ تعداده حوالى 90 مليوناً، فما قيمة المئات أو الآلاف؟! لقد كان على الحكومة أن تتريث بعض الشىء وتنتظر أن يصل عدد ضحايا الإخوان إلى عدة ملايين، وعندئذ تعلنها جماعة إرهابية بدلاً من هذا التسرع المشين الذى انتقده بعض الدوائر العالمية التى مازالت تتباكى ليل نهار على فراق مرسى والشاطر والبلتاجى والكتاتنى والعريان والحداد وأبلة باكى وأم أيمن.
وقد نختلف حول مخطط الإخوان، الذى قد يرى البعض أنه يحمل الخير لمصر، ويرى البعض الآخر أنه وصل بالبلاد إلى حالة من التردى لم تشهدها من قبل، وقد يرى البعض أنه سعى للحكم بهدف نشر العدل فى ربوع البلاد، ويرى البعض الآخر أنهم طوال فترة حكمهم لم يسعوا إلا للاستبداد والاستحواذ والإقصاء، لكن فى جميع الأحوال فنحن لم نتركهم يكملون تنفيذ ذلك المخطط، أياً كان رأينا فيه، واليوم وهم يفجرون ويقتلون ويحرقون، فحكومتنا هذه لا تتعامل معهم بالديمقراطية التى تتشدق بها، فتتركهم ينفذون مخططاتهم فى حرية إلى أن يكملوا مشروعهم، وإنما هى تسارع باعتبارهم جماعة إرهابية بلا سند ولا دليل، متخذة من التفجيرات وعمليات القتل التى انتقلت من سيناء إلى الوادى ذريعة واهية لتوصمهم بتلك الوصمة الظالمة التى لم يرض عنها أصدقاؤنا الأنجلوساكسون فى الخارج، ولا من يرددون كلامهم فى الداخل.
بالطبع هناك بعض الدول الأجنبية - مثل روسيا - التى تعتبر الإخوان منظمة إرهابية منذ سنوات، ليس بسبب ما تفعله الآن بمصر وشعبها، وإنما بسبب أيديولوجيتها التكفيرية ذاتها التى وضعها سيد قطب فى القرن الماضى، وبسبب لجوء الجماعة للعنف منذ نشأتها عام 1928 بالاغتيالات والتفجيرات والحرائق، بالإضافة لما عانت منه هذه الدول ذاتها، لكن ما لنا نحن بروسيا أو غيرها؟ إن ما يهمنا فى المقام الأول هو ماما أمريكا وتابعتها الوفية بريطانيا، وإذا كانت هذه ترى أن قرار الحكومة المصرية فى غير محله فهى لابد على حق وروسيا على باطل، أما نحن فأبطل الباطلين.
إننى أدعو الحكومة إلى أن تصلح غلطتها وأن تطلق سراح جميع القيادات الإخوانية التى خططت لأعمال الإرهاب التى وقعت منذ سقوط حكمهم، وأن تعيد أتباعهم إلى ميدان رابعة وميدان النهضة مرة أخرى، حتى لو اقتضى الأمر أن تتحمل الحكومة نفقات الأتوبيسات التى كانت تقلهم من الأرياف، أو تتحمل «اليومية» التى كانوا يتقاضونها، والتى تراوحت ما بين 200ج و500 ج فى اليوم لكل منهم.
إذا فعلنا ذلك سترضى عنا ماما أمريكا وسننعم بأعمال العنف والإرهاب فى سلام ودون تدخل من أجهزة الأمن، وسندخل الاستفتاء المقبل على دستور 2013 ونحن واثقون أن النتيجة ستأتى لصالح دستور 2012 المعطل، لكنى متأكد أن هذه الحكومة فى عنادها وقصر نظرها، لن تفعل شيئاً من ذلك.