المشروع العلمي لمدينة زويل ليس مجرد انشاء جامعة كأي جامعة خاصة أو أهلية وانما هو مشروع لبناء قاعدة علمية ومعرفية شاملة للتقدم العلمي علي أرض مصر انطلاقا من هذه المدينة العلمية المتكاملة
التي تضم بين منشآتها بعض المعاهد العلمية المتخصصة لتمثل النموذج المنشود لقيادة التقدم العلمي ليس في هذه المدينة مدينة زويل وحدها بل في مدينة الشيخ زايد ومدينة6 اكتوبر ومن قبلهما ومن بعدهما قيادة التقدم العلمي لمصر كلها ودخولها عصر العلم والمعرفة من أوسع أبوابه.
إن المخطط لهذه المدينة العلمية وفي القلب منها هذه المعاهد العلمية المتخصصة للبحث العلمي هو نواة لإحدي المدن المعرفية الكبري في العالم, وإذا مانجحت هذه المدينة الوليدة بمنشآتها العلمية الفريدة أن ترتبط باتفاقيات شراكة معرفية وانتاجية مع المشروعات الصناعية والتكنولوجية الكبري في مدينتي الشيخ زايد و6اكتوبر فضلا عن المشروعات الاستثمارية بالقرية الذكية والجامعات الموجودة في هذه المنطقة وعلي رأسها الفرع الدولي لجامعة القاهرة لأصبح لدينا بالفعل واحدة من أكبر المدن المعرفية بالعالم0 و'مدن المعرفة' لمن لايعرف حتي الآن هي أحد فروع مجال التنمية القائمة علي المعرفة وهي النتاج الطبيعي لما حدث من تقارب معاصر بين الدراسات الحضرية والتخطيط وادارة المعرفة العلمية وهي ما يتشكل بمقتضاه ما يسمي ب' مجتمع المعرفة' وهو المجتمع الذي يستغل بشكل كبير تقنيات المعلومات والاتصالات ويزيد من مهارات ومعرفة سكانه لتحقيق التنمية الفردية والمجتمعية.
وإذا كان هذا هو دور الجامعات داخل مدن المعرفة فإن مجتمع المعرفة الذي يتكون تلقائيا حول هذه الجامعات ويدعمها بقدر ماتدعمه يتطلب ثلاث مجموعات رئيسية من عمال المعرفة وصانعيها; المجموعة الأولي هي مولدو المعرفة في المنظمات البحثية والشركات (أي العلماء ومساعديهم من الباحثين العلميين), المجموعة الثانية تتمثل في مطبقي المعرفة الذين يترجمون الأفكار والابتكارات العلمية إلي منتجات وخدمات, أما المجموعة الثالثة فتتمثل في ناشري المعرفة الذين يشاركون بصورة فاعلة في عملية انتشارها بمن فيهم من رجال أعمال وتجار جملة واستشاريون ومحامون وموظفون مدنيون يعملون في مكاتب التراخيص وبراءات الاختراع فكل هؤلاء من الممكن أن يكونوا ضمن هذه المجموعة المسماة بناشري المعرفة. إذن فهي إذن منظومة متكاملة لصنع التقدم يشارك فيها كل فئات وأطياف المجتمع, كل وفق تخصصه وقدراته.
لذلك فليس غريبا أن يؤكد كاريللو أننا نعيش قرن مدن المعرفة علي اعتبار أنه لم يعد ممكنا في القرن الحادي والعشرين أي تنمية حقيقية بدون الاستناد علي المعرفة والتعلم; فالبشرية ومنذ الحرب العالمية الثانية تشهد تحولا متزايدا من الدول الصناعية من التنمية المادية إلي التنمية القائمة علي المعرفة, وعلي الساحة الدولية أكدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية والبنك الدولي الأهمية الحاسمة للاقتصاد القائم علي المعرفة كحقيقة عالمية تم اثباتها بنهاية القرن الماضي, إننا الآن ومع مطلع القرن الحادي والعشرين ندخل مرحلة جديدة من الحضارة هي التي تكون فيها القيمة المرتبطة بالمعرفة هي القوة الدافعة للتقدم. ولذا فنحن دخلنا بالفعل قرن المعرفة ومن ثم بدأنا عصرا حضاريا جديدا تقوم المنافسة فيه علي المعرفة وقوة المعرفة ولاشيء غير ذلك.
وفي ضوء ماسبق فإن مايفعله د. زويل الآن هو وضع مصر علي خريطة المعرفة العالمية عبر انشاء هذه المدينة المعرفية العالمية ومعاهدها البحثية الرائدة التي ستقود عجلة التقدم العلمي المصري في مجالات بعينها مستفيدة من كل العقول المصرية والعالمية المبدعة القادرة علي الكشف والابتكار وحل المشكلات التنموية الكبري التي تعاني منها مصر وشقيقاتها العربيات.
إن د.زويل لايبني مشروعا شخصيا; فمشروعه الشخصي قد حققه ولايزال يحققه عبر كشوفه العلمية المبهرة التي حصل من خلالها علي أرفع الجوائز العالمية ونال بها احترام وتكريم العالم شرقه وغربه, بل هو يبني مشروع التقدم الحضاري لمصر, ولايمكن لهذا المشروع الذي سيضع مصر علي خريطة العالم المعرفية أن ينجح ويؤتي ثماره اليانعة إلا بمساندة وتكاتف الجميع شعبا وحكومة إن تشاركنا جميعا في الحلم هو السبيل إلي تحقيقه, ولاشك أن شباب مصر وأطفالها هم من سيجنون الثمرة لتلك الشجرة الوارفة التي يحرص د.زويل ونحن معه علي غرسها في هذه الأرض الطيبة, أرض العلم والمعرفة منذ فجر التاريخ, تلك الأرض التي علمت البشرية كيف تبني الحضارة والمدنية, أرض مصر الحرة التي يعيش عليها أبناء بررة إذا ماأرادوا النجاح والتقدم لايوقفهم عائق لأنهم دائما أبناء التحدي وصناع الاستجابة منذ مصر القديمة إلي مصر المعاصرة. حقا إنها لحظة تاريخية فارقة في تاريخنا المعاصر. وإنا ان شاء الله لقادرون علي أن نصنع فيها التقدم انطلاقا من الثورة المعرفية التي يقودها د. زويل بمشروعه العلمي الكبير,وانطلاقا من ثورة الجامعات المصرية كلها متطلعة إلي غد أفضل كله تقدم وعمل من أجل مصر.