مصر تعيش أجواء نازية جديدة متوحشة تقوم على شيطنة الإسلاميين والليبراليين المدافعين عن الدستور والرافضين لعسكرة الدولة. لا تكتفي النازية المصرية بذلك بل تمدد خصومتها الشديدة إلى الرافضين لفض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر بالقوة لدرجة أن محمد البرادعي نالت منه حمم تلك النازية، وطالبته وهو نائب رئيس الجمهورية وأبرز المشاركين في انقلاب 3 يوليو بالرحيل عن مصر. وقال إعلامي اشتهر بالزعيق في برنامجه "اذهب إلى النمسا وعش فيها و(توت) فيها كما تحب"! "توت" أراد بها هذا الإعلامي معنًى حقيرًا متسترًا بما عرف عن البرادعي من تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". النازية المصرية لم ترحم الفلسطينيين والسوريين من تهديداتها لدرجة أن الخوف يسيطر على كثيرين من المنتمين إلى الجنسيتين الشقيقتين المقيمتين في مصر من تأثير ذلك في ردة فعل سائر المصريين تجاههم. وضمن رسائل يرسلها البرادعي في حواره مع جريدة "الشروق" اليوم دعا وسائل الإعلام إلى التوقف عن شيطنة الإخوان والفلسطينيين والسوريين، وهي شيطنة دأب عليها التحريض الإعلامي بلا توقف، وأتوقع أن يتعرض البرادعي لهجوم نازي جديد بسبب ذلك. بل إن تلك النازية اعتبرت الوساطات الأجنبية بما فيها وساطة الإمارات وقطر تدخلًا في شئون مصر الداخلية واستهانة باستقلالها وسيادتها، والسبب أنها وساطات تعمل على الحل السلمي للأزمة السياسية الخانقة من أجل استبعاد نزيف الدم المتوقع في حال فض الاعتصام بالقوة وما سيتبعه من ثأرات لن يستطيع الاقتصاد المصري المنهك والمريض تحمل فاتورته الضخمة. لكنّ النازيين المصريين لا يقبلون سوى سفك الدماء بدعوى محاربة الإرهاب وأنه كتب عليهم مواجهته كما قال أحد أبرز المحرضين على العنف ضد الإسلاميين عامة والإخوان بصفة خاصة. ذهب صحفي كبير إلى حد تحريض الفريق عبدالفتاح السيسي على إنهاء الوساطات الدولية التي اعتبرها استباحة لمصر ويظهرها بمظهر الضعف، مبررًا ذلك بأن لديه تفويضًا من الشعب لإنهاء الاعتصام بالقوة. وبعد أن نال زياد بهاء الدين نائب رئيس الحكومة الانقلابية رذاذًا خفيفًا من قبل النازية المصرية لما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن معارضته الحل الأمني لمسألة الاعتصام، رأيناه يعوم على عوم تلك النازية فيقول لقناة فضائية إنه مندهش من السماح لبعض الوفود العربية والأجنبية بزيارة المهندس خيرت الشاطر في محبسه بسجن طرة، مضيفًا "لا أشعر بارتياح لتلك الزيارات". النازيون قصفوا أيضًا الليبرالي الكبير الدكتور عمرو حمزاوي فكتب تغريدات على تويتر بأنه يتعرض وغيره من المشاركين في العمل العام لحملة تشويه متعمدة عن طريق نشر شائعات وأكاذيب تصورهم كعملاء وخونة واغتيالهم معنويًا بسبب مواقفهم الرافضة للمساومة على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومدنية الدولة بمعناها المضاد للدولة الدينية والعسكرية وفاشية الإقصاء ورفض تجاوز القانون دفاعًا عن الحريات مهما كلفهم الأمر. تحدثت أمس عن قدرة النازية المصرية على منع الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام من دخول مصر عن طريق تأثيرها في صناع القرار الأمني. لا أعرف نهاية قريبة لهذا العداء للرأي المخالف أو الآخر ولا كيف ستفلت مصر من براثن تلك الطائفة التي تحارب كل من لا يقول بقولها ولا يتبنى مواقفها الاقصائية الاجتثاثية.